ميرنا بامية.. المقدسية التي تصنع للطعام أجنحة لتتخطى حواجز الاحتلال

“القدس العربي”: كفراشة ارتشفت من رحيق زهر التاريخ متنقلة بين المدن والبلدات الفلسطينية، تطير الطاهية المقدسية ميرنا بامية باحثةً عما تسرب قسراً أو طوعاً من بين أنامل الجدات مما كانت تجود به الأرض وتصنعه أيديهن من أشهى المأكولات الشعبية الفلسطينية التي باتت جزءاً من الماضي. تعود ميرنا اليوم لتجعله حاضراً ليس فقط على المائدة الفلسطينية، […]

Share your love

ميرنا بامية.. المقدسية التي تصنع للطعام أجنحة لتتخطى حواجز الاحتلال

[wpcc-script type=”bfc027d39e8c84ad488cd686-text/javascript”]

“القدس العربي”:

كفراشة ارتشفت من رحيق زهر التاريخ متنقلة بين المدن والبلدات الفلسطينية، تطير الطاهية المقدسية ميرنا بامية باحثةً عما تسرب قسراً أو طوعاً من بين أنامل الجدات مما كانت تجود به الأرض وتصنعه أيديهن من أشهى المأكولات الشعبية الفلسطينية التي باتت جزءاً من الماضي.

تعود ميرنا اليوم لتجعله حاضراً ليس فقط على المائدة الفلسطينية، بل متجذراً في أذهان الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، مستخدمة الفن والبحث في أصول تلك الأكلات لتقدمها للعالم بشكل يثير التساؤلات حول الأسباب التي غيبت هذه الأطباق عن الموائد الفلسطينية، وكيف تطور بعض منها بتطور الأزمنة والأحداث.

تقرع الأبواب القديمة، تبحث عن بقايا إرث الجدات من الأمهات والحفيدات لتعرف أكثر كيف يمكن لها أن تصنع لوصفات الطعام أقداماً تسير وأجنحة تحلق، تتجاوز بها حواجز الاحتلال وسياسته في محو التراث الفلسطيني. كما تقول ميرنا في حوار خاص مع “القدس العربي”.

[wpcc-iframe loading=”lazy” src=”https://www.youtube.com/embed/1uI0zCtQw_4″ width=”853″ height=”480″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”allowfullscreen”]

وجبات معرفية

بين “الطاولات الأدائية” وبين صناعة الأواني الفخارية، التي تدللها بطريقة تليق بأصالة الأطباق الفلسطينية، تتنوع الفعاليات التي تقيمها الطاهية الثلاثينية التي بدأت بتعلم الطبخ في إحدى المدارس اليابانية، لتعود بعدها للأراضي الفلسطينية، حيث حصلت على دبلوم طهي متخصص، في سبيل أن تنهل من المطبخ الفلسطيني بأكبر قدر ممكن.

تُجري ميرنا الدراسات والأبحاث، وتذهب لأصول الأكلات وتقدمها كوجبةٍ معرفيةٍ على “طاولات العشاء” التي أقامت جزءاً منها في مدن وعواصم أوروبية وأخرى عربية، فيما كانت كل المدن الفلسطينية تفتح ذراعيها لاستقبالها.

وحول هذا تضيف ميرنا “في الحقيقة أنا أقوم على عمل مشروع له مجموعة مخرجات، المخرج الأساسي وأكثرها وضوحاً، هو الطاولات الأدائية، بمعنى أن يكون هناك طاولات لها موضوعات متنوعة، هذا الموضوع يذهب مع الجمهور برحلة معرفيه، فهي عبارة عن عشاءات، يحضرها قرابة 60 شخصا، تكون منسقه بشكل لافت ومثير للاهتمام، وكل طبق يتم تقديمه يقدم معه قصته وتاريخه”.

وتشير ميرنا إلى أن هذة الأكلات يتم تقديمها بالتوالي، وتكون الفعالية مدتها على الأغلب ساعتين، تتحدث فيها عن حكايات هذه الأكلات، وقصص البحث الخاصة بها وطبيعة الأكلات المقدمة وعلاقتها بالمكان.

[wpcc-script async src=”https://www.instagram.com/embed.js” type=”bfc027d39e8c84ad488cd686-text/javascript”]

أقدام الطعام

طاولة مدينة القدس على سبيل المثال أقيمت في البلدة القديمة، وتناولت أبرز وأهم أساليب الطهي وتناول الطعام منذ العهد العثماني وحتى التاريخ المعاصر، كل التفاصيل تبدو مهمة وحاضرة بقوة هنا وكأنك تركب آلةَ الزمن لتعيش واقعاً لم تره أو تسمع عنه إلا من بعض كتب التاريخ.

وبعد الانتهاء من كل طاولة أدائية، تحمل ميرنا ضيوفها وتذهب معهم في مسارات حقيقية لكل الأماكن التي غذت أذهانهم بمعلومات معرفية عنها، لتجعلهم أكثر قرباً للواقع، فيما تقدم لآخرين ممن لم يحالفهم الحظ بزيارة فلسطين – بسبب الاحتلال – خرائط معرفية تعمل على تصميمها بشكل ذاتي ليتجازوا معها حواجز الاحتلال.

“هذه هي الأقدام التي نصنعها لننقل للعالم جزءاً من تراث تعمد الاحتلال على مدار سنوات أن يمحوه بل وينسبه لنفسه”، تقول ميرنا، مشيرة إلى تنوع الموائد التي تقدمها بين ما تُركز فيه على المدن والبلدات الفلسطينية وتاريخها في مجال الطهي، وبين النباتات البرية المتنوعة التي تنتشر في القرى الفلسطينية.

[wpcc-script async src=”https://www.instagram.com/embed.js” type=”bfc027d39e8c84ad488cd686-text/javascript”]

الدوافع والأهداف

وحول الدوافع وراء اهتمامها بهذا النوع من الفنون التي تمتزج فيها المعرفة بالفن تقول ميرنا “مشروع استضافات فلسطين هو مشروع فني أدائي يرتكز على البحث في الأكلات الفلسطينية التي نسيت لدى أجيال متعاقبة، حتى أن بعض الأمهات لم يتمكّن من الحصول عليها بسبب التهجير والانتفاضات والحروب المتعاقبة، وكذلك السياسات القمعية للاحتلال والتي دفعت الناس للبحث أكثر عن موارد العيش دون الاهتمام بالتفاصيل”.

ولم تستثن ميرنا من ذلك الرغبة التي تولدت لديها عندما كانت تتعلم فنون الطهي في اليابان وكان كثير من الطهاة والطلاب لا يعرفون عن المطبخ الفلسطيني سوى القليل مما هو متعارف عليه من الأكلات الشعبية الفلسطينية مثل الحمص والفلافل والمقلوبة.

أهل مكة وفلسطينيو المهجر

تهتم ميرنا بأن يكون أول الحاضرين على موائدها سكان البلدات التي تتناولها كموضوع للعرض والبحث، مبررة ذلك بأن “أهل مكة أدرى بشعابها”، كما أن ذلك سيساعد الأجيال المتعاقبة على التمسك بهويتهم الثقافية المتعلقة بالطعام، مؤكدة أنها عادة تستخدم اللغتين العربية والإنكليزية لإيصال فكرتها وذلك بحسب الجمهور المستهدف.

وتلفت ميرنا إلى أن فلسطينيي المهجر عادة ما يتواجدون في مختلف الفعاليات، وأنهم الأكثر انجذاباً وتفاعلاً مع ما يعرض، معتقدة أن السبب وراء ذلك يكمن في تعطشهم لمعرفة كل ما يتعلق بفلسطين التي قد لا يعرف كثيرون منهم عنها سوى اسمها فقط.

وتابعت قائلة “هذه واحدة من طرق استعادة فخرك بذاتك… هو أن تفخر بثقافتك وألا تصدق ما يريد الاحتلال أن يقوله لك بأنك عديم الثقافة والتراث. الأمر بالنسبة لي يتجاوز حدود وصفات الطعام وينتقل إلى حيث تكمن الحكاية في قلب التاريخ وكبد الحقيقة”.

مقاومة مختلفة

وعن المعركة التي يحاول فيها الاحتلال دوماً هدم الثقافة الفلسطينية ويخصص لذلك موازنات مالية، تقول ميرنا “نحن شعب محتل ولا نملك إلا عقولنا وقدراتنا على نقل الحقيقة، وتشكيل وعي عالمي ورواية تدحض رواية المحتل من خلال تعزيز تواجدنا في كل المحافل التي يمكن أن نعلي فيها الصوت، لا يمكن لدولة عمرها بضع سنوات أن تجتث تاريخا عمره مئات السنين”.

وتضيف لـ”القدس العربي”: “عشرات الطهاة الإسرائيليين تواصلوا معي مطالبين بإقامة موائد أدائية مشتركة لكنني رفضت بشكل قاطع، ولن أقبل يوماً بأن أشارك إسرائيليا أياً كان في أي نشاط يمنحه مساحة لنشر أكذوبة دولته المزعومة”، معتبرة ً أن رفضها هذا هو “جزء من نضالها من أجل فلسطين”.

وعن أشهر الأكلات التي لاقت تفاعلاً دولياً وحتى محلياً تقول ميرنا إنها “عشبة اللوف” هذه النبتة البرية التي يتعارف على احتوائها على مواد سامة، لكنها تُطهى بطريقة مُعالجةً بالملح وزيت الزيتون، بحسب الوصفة الفلسطينية، لتتحول إلى مادة مقاومةً للسرطان ولكثير من الأمراض.

أما المفتول فهو الطبق الأشهر فلسطينياً والذي لا يخلو بيت منه كطبق له طقوسه المختلفة فيتصدر هو الأخر المراتب الأولى في قائمة الأطباق التي استحوذت على اهتمامٍ عالٍ من الجمهور لا سيما في العواصم الأوروبية التي زارتها ميرنا مثل بروكسل.

عراقيل وتحديات

أما أكثر ما يمكن أن يشكل عقبة في طريق ميرنا فهو التخوف القائم من إمكانية منعها من التنقل والسفر وسحب هويتها المقدسية، وهو الشعور الذي يرافقها في كل المرات التي كانت تسافر فيها، عدا عن عجزها عن زيارة قطاع غزة على سبيل المثال، والذي قالت إن جميع محاولاتها في الحصول على تصريح للوصول إليه باءت بالفشل بسبب استمرار رفض الاحتلال.

وعن غنى أكلات المطبخ الغزاوي، تقول ميرنا إنها الأكثر تميزاً من بين المطابخ الفلسطينية المتنوعة بتنوع مساحة الجغرافيا على امتداد كامل الأراضي الفلسطينية، لكنها مع ذلك تلجأ لاستخدام التكنولوجيا لتعلم مزيد من الأطباق عبر المكالمات المصورة مع الفلسطينيين في القطاع.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!