نتنياهو وفلسطين التاريخية

نتنياهو وفلسطين التاريخية هل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معني بإقامة دولة فلسطينية حتى ولو كانت ممسوخة وتافهة كما يعلن ذلك أم أن الأمر كما قال نائب وزير الحرب في حكومته داني دنون قبل أسبوع بأن نتنياهو معني باستئناف المفاوضات مع علم مسبق بأنه لن يخرج منها شيء أم كما قال والده تسيون نتنياهو قبل..

نتنياهو وفلسطين التاريخية

هل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معني بإقامة دولة فلسطينية، حتى ولو كانت ممسوخة وتافهة، كما يعلن ذلك؟ أم أن الأمر كما قال نائب وزير الحرب في حكومته داني دنون، قبل أسبوع بأن “نتنياهو معني باستئناف المفاوضات، مع علم مسبق بأنه لن يخرج منها شيء”؟ أم كما قال والده تسيون نتنياهو قبل أربع سنوات: “أنا أعرف ابني ومواقفه الحقيقية”؛ بمعنى أنه ضد دولة فلسطينية. ففي الأسابيع الأخيرة، ظهرت عدة مؤشرات تثبت حقيقة نتنياهو السياسية؛ بأن لا أحد أكثر منه تمسكا بما يسمى “أرض إسرائيل الكاملة”؛ إذ يسعى فعلا إلى السيطرة المطلقة على فلسطين التاريخية.

فقبل أيام، أنشأ رئيس كتلة حزب الليكود البرلمانية، وهو ذاته رئيس الائتلاف الحاكم ياريف لفين، اللوبي البرلماني “من أجل أرض إسرائيل الكاملة”. ويدعو اللوبي إلى العمل على فرض ما يسمى “السيادة الإسرائيلية” على كامل فلسطين التاريخية. ولم يعترض نتنياهو على إقامة اللوبي، بل طالب وزراءه بعدم المشاركة في “حفل” إطلاقه؛ ليس من باب الاعتراض عليه، بل وكما أوضح موظفون في مكتب نتنياهو، “تخوفا” من أن يطلق أحدهم تصريحات كتلك التي أطلقها نائب وزير الحرب. ورغم ذلك، شارك في الحفل عدة وزراء ونواب وزراء وأعضاء كنيست من حزب الليكود، في حين أرسل عدة وزراء من الحزب رسائل تضامن وتأييد للوبي.

وفي منتصف الأسبوع المنتهي، غضب نتنياهو بسبب بيان صدر عن مكتبه، كان من المفترض أن يكون مشتركا مع الحكومة البولندية، وجاء فيه أنه “لا يمكن التشكيك في حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم”. وقال مكتبه، إن البيان صدر بدون أن يراه نتنياهو، وبطبيعة الحال جرى إجهاض البيان كليا.

أما الإثبات الآخر، فيكمن في ثلاثة مخططات اقتلاع وتشريد لعشرات آلاف الفلسطينيين من أراضيهم وقراهم. والمخطط الأكبر في صحراء النقب في مناطق 1948، ويقضي بتشريد ما بين 30-50 ألف فلسطيني، وتدمير أكثر من 30 قرية لهم، وإتمام سلب ما لا يقل عن 800 ألف دونم من الأراضي العربية في تلك المنطقة، جنوب فلسطين.
أما المخططان الآخران، فالأول ضد عرب الجهالين المنتشرين ما بين شمال منطقة مدينة أريحا وحتى المشارف الشرقية لمدينة القدس. وهم بالأصل مهجّرين من صحراء النقب في العام 1948، وتريد دولة الاحتلال اقتلاعهم من بيوتهم وأراضيهم، وتجميعهم في مكان يُسمى “الخان الأحمر”، كي تستولي على المساحات الشاسعة، وتنفذ مشروع بتر الضفة الغربية إلى قسمين؛ شمالي وجنوبي.

ويقع المخطط الثاني أيضا ضمن المناطق المحتلة منذ العام 1967، ويقضي باقتلاع وترحيل الفلسطينيين من عدة قرى في غور الأردن، في منطقة أريحا، ووضعهم في تجمع سكاني ضيق سيقيمه الاحتلال، ويطلق عليه “مدينة نويعمة”. ومصطلح “مدينة” هنا مثير للسخرية؛ إذ يجري الحديث عن بقعة جغرافية صغيرة، ستتحول إلى “غيتو” خانق وقاتل. وبالتالي، يستولي الاحتلال على ما تبقى من أراضي الغور التي لم يسيطر عليها كليا بعد.

إذن، يتبع نتنياهو سياسة واضحة في رفض الحل الذي يقود إلى دولة فلسطينية قادرة على الحياة، من خلال رفض التفاوض، والاستمرار في المشاريع الاستيطانية الضخمة، للقضاء على ما تبقى من الضفة الغربية خارج المدن والقرى الفلسطينية التي يحاصرها الاحتلال بالاستيطان بوتيرة عاليا جدا. وكل هذا في إطار السعي إلى استكمال المشروع الصهيوني القديم: “أقل ما يمكن من عرب، على أقل ما يمكن من أرض”، وهو المشروع الذي يستهدف كل فلسطين التاريخية.

في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، ضغطت الولايات المتحدة ودول أوروبية من أجل تعديل الميثاق الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، كي يتلاءم مع أهداف المفاوضات في تلك المرحلة، وهذا ما تم. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيلتفت أحد إلى نشيد حزب الليكود؛ الذي هو نشيد حركة “بيتار” الصهيونية، وما يزال يُنشد حتى الآن، وفيه: “لنهر الأردن ضفتان، هذه لنا وتلك لنا”؟ فنتنياهو وقيادات كثيرة في “الليكود”، يبتهجون وهم يرددون ذلك النشيد الذي لا يلائم طبيعة المفاوضات وأهدافها، بل يتطابق كليا مع عقلية نتنياهو التي يحاول التستر عليها، ولكن في هذه النقطة بالذات يفشل فشلاً ذريعاً، وهو ليس حزيناً على “فشل” كهذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الغد الأردنية
 

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!