‘);
}

أثر التطعيم على الصيام

تجدر الإشارة في البداية إلى أنّ التّطعيم بمفهومه الطبي المعاصر لم يكن له وجود قديماً، وقد اجتهد أهل العلم في تكييف المسألة وتخريجها فقهياً بما يتوافق مع ما ذكره الفقهاء القدامى في باب المفطرات، ووجدوا أنّهم تناولوا بالبحث قديماً تأثير المداواة في لحم السّاق أو الفخذ على صحة الصوم؛ فاستفادوا من مذاهبهم وآرائهم، وخرّجوها بالاعتماد على الأصول الشرعية الثابتة في مسائل المفطرات في المسائل المعاصرة،[١] وفيما يأتي خلاصة ما ذهب إليه أهل العلم في حكم التّطعيم على الصيام:

  • المسألة الأولى: أجمع الفقهاء المعاصرون على أنّ الحُقن العلاجية العضلية والجلدية والوريدية، ومنها التّطعيم، لا تُفطّر، ولا يفسد بها صيام الصائم، وهذا ما قرّره اتّفاقاً مجمع الفقه الإسلامي في قراراته، واستندوا في ذلك إلى أدلة كثيرة، منها تخريج المسألة على ما أجمع عليه الشافعية والحنابلة أنّ المداواة بالساق أو الفخذ ليس مفسداً للصوم، وأنّ حقنة التّطعيم الوريدية أو الجلدية أو العضلية تدخل الجسم من غير المنافذ المعتادة، ولا يصدق عليها معنى الطعام أو الشراب، ولا هي في معناهما، فضلاً عن كونها لا تمدّ الجسم بطاقة تغنية عن الأكل أو الشّرب.[١][٢][٣]
  • المسألة الثانية: التطعيم الذي يعطى على شكل قطرات في الفم يفسد به الصيام، لأنّه دخل من منفذ معتاد؛ خلافاً لحُقن التطعيم المشار إليها في المسألة السابقة.[٤]
  • المسألة الثالثة: اعتمد مَجمع الفقه الإسلامي وعدد من المجامع الفقهية ودور الإفتاء وكثير من الفقهاء المعاصرين فتوى فساد الصوم باستعمال الحُقن المُغذّية على اعتبار أنّ الحُقن المُغذّية كالأَكْل والشُّرب؛ إذ البَدَن يكتفي ويستغني بها، ويسدّ حاجته، خلافاً للحُقَن العلاجية، التي لا يُستغنى بها عن الطعام والشراب، وذهب آخرون من الفقهاء إلى أنّ الحُقن المُغذّية ليست مُفسِدة للصيام، استناداً إلى أنّ الحُقن لا يصل منها شيءٌ إلى الجوف، وإن وصلت، فإنّ وصولها يكون من خلال مَسام الجِلْد فقط، وهي لا تُعدَّ جَوفاً، ولا تأخذ حُكمه، وردّ الفقهاء على هذه الأدلة بأنّ كلّ ما يتغذّى به الجسم يعدّ من المفطّرات، والحُقن المُغذّية يتحقّق بها تغذية الجسم؛ فتدخل في دائرة الأكل والشّرب بغضّ النّظر عن وصوله إلى الجوف من عدمه.[١][٥][٦]