بدأت عمليات شفط الدهون لأول مرة في الولايات المتحدة الامريكية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، وهي عبارة عن اجراء جراحي يناسب الرجال والنساء  ذوي الأوزان القريبة من الحدود الطبيعية، لكن لديهم تجمعات دهنية تجعل أجسامهم غير متناسقة. 

 وفي كثير من الأحيان تكون هذه التجمعات ذات سمة وراثية، ولذلك لا تزول بالحمية الغذائية أو الرياضة، ويبقى الحل الوحيد لإزالتها هو شفط الدهون.

وتأتي عمليات شفط الدهون كحل طبي مقترح، ضمن عمليات جراحة التجميل، عموماً، وعمليات تحسين تناسق القوام خصوصاً. فبعد أن كانت عمليات شفط الدهون قديماً تعتمد على إزالة الجلد والدهون من المنطقة المراد التخلص منها، أصبحت الآن أكثر تطوراً، وتعتمد على إزالة الدهون من فتحات صغيرة في الجلد في المنطقة المراد إزالة الدهون منها، وهي عملية آمنة ذات فعالية عالية إذا اجريت بتقنين طبي صارم، ما جعلها من أكثر عمليات التجميل شيوعاً.

فبواسطة هذه العمليات يمكن إزالة التراكمات الدهنية من تحت الذقن والخصر والأرداف والفخذين والمقعدة والركبة والساق والكاحل. وهنا يجب التأكيد على أن عملية شفط الدهون ليست وسيلة لإنقاص الوزن، كما هو شائع عند كثير من الناس، ولكنها تهدف إلى التخلص من الشحوم الزائدة، التي فشلت محاولات التخلص منها، سواء بواسطة الرجيم الغذائي أو الرياضة.. وتقاس عملية شفط الدهون الناجحة بالسنتميترات وليس بالكيلوغرامات.

ويعتبر شفط كميات كبيرة من الدهون بهدف انقاص الوزن، 20-15كغم، عملية خطرة وغير مسموح بها في البلاد المتقدمة. والمرضى المثاليون لعملية إعادة تشكيل الجسم هم الذين يتمتعون بجلد متين ومرن، ويكونون بصحة جيدة.

ومن يريد من هؤلاء اجراء عملية شفط دهون، عليه أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:

 -الموازنة ما بين النتائج الايجابية للعملية والمخاطر المحتملة، مع مراعاة السن والحالة الصحية.

-الخضوع لمقابلة مطولة مع جراح التجميل لتدوين التاريخ المرضي، ولإجراء الفحص السريري وتنفيذ الفحوصات العملية المطلوبة، ومناقشة اجراءات العملية، وعدم اخفاء أية معلومات تتعلق بالتاريخ المرضي والعمر الحقيقي، حتى لا تحدث مفاجآت صحية خطرة.

-عدم المبالغة في انتظار نتائج خارقة، حيث إن اغلب هذه العمليات تصلح بعض العيوب أو الكثير منها، لكنها لا تصلح كل العيوب.

كيف تجرى عملية شفط الدهون؟

أجاب عن هذا السؤال الجراح المصري د. محمد حسن الفحار فقال:

“تستغرق العملية زمناً ما بين نصف ساعة إلى ساعات عدة، وذلك تبعاً لكمية الدهون المستخرجة من الشخص. ويمكن اجراء هذه العملية تحت مخدر موضعي أو كلي. وفي كلتا الحالتين يمكن للمريض الخروج من المستشفى في نفس اليوم اذا كانت كمية الدهون المستخرجة صغيرة، أما اذا كان العكس، فينصح بأن يبقى المريض في المستشفى يوماً على الأقل.

وتبدأ العملية بإجراء فتحات صغيرة بالجلد تتراوح ما بين 5 الى 10 ملليمتر، ويراعى عادة أن تكون في الأماكن غير الظاهرة بالجسد. ومن خلال هذه الفتحات يتم حقن كمية من المخدر الموضعي مع مادة قابضة للشعيرات الدموية، ويتم ادخال أنبوب معدني غير حاد يتم تحريكه برفق، تحت الجلد في الأنسجة الدهنية العميقة، لتحرير الدهون، ويكون هذا الأنبوب متصلاً بجهاز إمتصاص ذي ضغط عال لشفط الدهون، ويقوم الطبيب بتحديد كمية الدهون التي يجب التخلص منها اثناء العملية، للحصول على أفضل منسوب للمنطقة المراد اصلاحها عن طريق النظر واللمس والضغط على الجلد، وحتى لا ينتج اختلال في تناسق الجسم خلال هذه العملية ولا تتم إزالة كل الدهون الموجودة، بل يراعى دائماً ترك الطبقة السطحية من الدهون”.  

ويضيف: “بعد الانتهاء من الشفط يقوم الطبيب بإغلاق هذه الفتحات وتضميدها ثم وضع الأربطة الضاغطة على المنطقة كلها، لتفادي حدوث نزيف أو تجمع دموي تحت الجلد، كما يساعد ذلك على تقليل التورم بمنطقة العملية، ويعمل على التصاق الجلد في المكان الجديد.

بعد ذلك يتم ارتداء كساء خاص ضاغط مطابق للمنطقة التي أجريت بها العملية تحت الملابس العادية لمدة شهر على الأقل بعد العملية حتى يلتصق الجلد في المكان الجديد بعد تفريغ الدهون منه”.

ونبه د. الفحار إلى أنه عادة ما يشعر المريض ببعض الألم بعد اجراء العملية، شبيهة بألم الكدمات، ولكنه لا يستمر طويلاً ويمكن التغلب عليه ببعض العقاقير المسكنة البسيطة، وعادة ما تتناسب هذه الآلام مع كمية الدهون المشفوطة. كما تظهر على الجلد بعض الكدمات الزرقاء، ولكنها عادة لا تستمر أكثر من 10 الى 15 يوماً، الا أنه يفضل عدم التعرض لأشعة الشمس لعدة شهور بعد العملية حتى لا تترك آثاراً دائمة.

ولا يظهر تغير ملحوظ في الوزن، الا أنه يقل تدريجياً من الأسبوع الثامن بعد العملية كما أن مقاسات المنطقة تقل تدريجياً لفترة تتراوح بين ستة الى ثمانية أسابيع، وذلك نتيجة للانتفاخ والتورم الذي عادة ما يصيب المنطقة بعد العملية. واذا كان التورم شديداً يمكن استعمال المساج أو الموجات فوق الصوتية للمساعدة في تقليل التورم. ويمكن للمريض مزاولة نشاطه الطبيعي بعد أسبوع من اجراء العملية، ولكن يفضل الانتظار عدة أسابيع قبل القيام بأي مجهود شاق أو مزاولة تمارين رياضية.

حالة الجلد بعد العملية

النتيجة النهائية لعملية شفط الدهون لا تظهر مباشرة، بل على العكس قد يلاحظ المريض زيادة طفيفة في الوزن. ويجد منطقة الشفط بها كدمات وتورمات مؤقتة تزول بمرور الوقت. والنتيجة النهائية لعملية شفط الدهون تظهر فعليا بعد ستة أشهر على الأقل. وعادة يستطيع المريض الحركة والسير خلال يوم أو اثنين من العملية ويتوقف هذا إلى حد كبير على حسب كمية وموضع الدهون التي تم شفطها.

ويرى الحفار أن التعرجات أو الحفر الجلدية والتموجات وتشقق جلد البطن قد لا تتحسن تحسناً كبيراً بعد عملية شفط الدهون، وسيكون الشكل الجديد مشابهاً لما يتوقع فيما لو فقد المريض كمية مساوية من الشحم عن طريق الحمية أو التمارين الرياضية.علماً أن استخدام الأنابيب الصغيرة يحافظ على الأربطة الليفية بين الجلد والمناطق التي تحته. وتتقلص هذه الأربطة مع مرور الوقت ما يؤدي لزوال الكثير من الترهلات الجلدية، وبالتالي يتفادى الكثيرون ضرورة القيام باستئصال الجلد بواسطة عمل جراحي أكبر، أي عملية شد البطن. وهناك بعض المرضى يحتاجون إلى عملية جراحية بسيطة في مواعيد تالية.

ويستطيع المريض عادة العودة إلى عمله خلال يومين أو ثلاثة، وإن كان في بعض الحالات قد يتأخر ذلك لمدة أسبوعين حسب نوع العملية. كذلك العودة إلى النشاط اليومي المعتاد يتوقف إلى حد كبير على مقدار الشفط وعلى الحالة العامة للمريض. والانتفاخ والتغير الحادث للون الجلد في موضع العملية عادة يزول خلال شهر أو شهرين من عملية الشفط. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا, هل ستدوم نتيجة عملية الشفط مدى الحياة؟ الإجابة نعم بشرط الاستمرار في اتباع نظام غذائي مناسب مع المحافظة على الرياضة المنتظمة. ومن المحبذ أن يباشر المريض نشاطه الاعتيادي في اليوم التالي من العملية، ولكن يجب تجنب النشاط المضني في بعض الحالات ولبضعة أسابيع. ويُسمح بالتمارين الخفيفة بعد بضعة أيام، وترفع الضمادات عادة بعد أربعة أيام.

العواقب والخطورة

المشكلة الأساسية التي يراها د. الحفار، والتي يمكن أن تحدث تبعاً لهذه العملية، هي تموج الجلد الناتج عن شفط الدهون بطريقة غير مستوية، أو ارتخائه وترهل الجلد، في مريض عنده ترهل قبل العملية، ما يؤدي الى انكماش الجلد بطريقة غير ملائمة، وذلك يستلزم أحياناً اجراء عملية جراحية أخرى للوصول الى أفضل النتائج. أما بالنسبة للتموج الجلدي، فإنه لا يختفي بعد العملية المعتادة، ولذا يستلزم تطوير العملية بإجراء شفط من طبقة الدهون السطحية، حيث يفيد في علاج بعض الترهلات البسيطة بالجلد. أيضاً لا بد من ذكر أن العملية لا تؤدي الى أورام خبيثة كما كان شائعاً قديماً، وأيضاً لا تؤثر في القدرة على

الانجاب عند النساء والرجال وبذلك يستمتع الانسان بحياته بعيداً عن السمنة وأضرارها.