‘);
}

خلق آدم وحواء

سبق خلق أبا البشر آدم -عليه السلام- إخبار الله -تعالى- الملائكة -عليهم السلام- بأنّه سيخلقه، كما قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)،[١] فقالت الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)،[١] فقال الله تعالى: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[١] فقضى الله -تعالى- بعلمه وحكمته خلق آدم عليه السلام، حيث أمر الله -تعالى- أحد الملائكة بأن يأتي بقبضةٍ من تراب الأرض، فجاء بها المَلك مختلطةً ممزوجةً، ثمّ خُلطت بالماء فأصبحت طيناً، ثمّ تُركت فترةً من الزمن فأصبحت صلصالاً إذا ضرب أحدث صوتاً، وبعد أن مرّ آدم -عليه السلام- في ثلاث مراحلٍ؛ وهي: التراب، ثمّ الطين، ثمّ الصلصال، تم خلقه، وبعد ذلك خُلقت حواء من ضلع آدم عليه السلام، وممّا يدلّ على خلق حواء من ضلعه قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (استوصُوا بالنساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلقتْ من ضِلعٍ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضِّلعِ أعلاه)،[٢] وبعد أن تم الخلق أمر الله -تعالى- الملائكة بالسجود لآدم -عليه السلام- سجود تحيةٍ وتكريمٍ، لا سجود عبادةٍ، فسجد كلّ الملائكة إلّا إبليس، كما قال الله تعالى: (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ).[٣][٤]

إغواء آدم عليه السلام

بعد أن خلق الله تعالى آدم -عليه السلام- وخلق له زوجته حواء، أسكنهما في الجنة، وسمح لهما بالاستمتاع في الجنة كيفما أرادا، وأباح لهما الأكل من كلّ ثمار الجنة، إلّا شجرةً واحدةً، حيث نهاهما عن الاقتراب منها، فأطاع آدم وحواء -عليهما السلام- ربّهما عزّ وجلّ، ولم يقتربا من تلك الشجرة، وعاشا في الجنة حياةً هنيئةً تغمرها السعادة والأمان، ممّا أشعل نيران حقد إبليس الذي أعلن العداوة من قبل على آدم عليه السلام، وبدأ إبليس بالمكر مُستغلاً إنسانية آدم عليه السلام، حيث إنّ الإنسان ضعيف العزم، سريع النسيان، متقلّب الفؤاد، فاستغلّ إبليس التكوين النفسي ووسوس لآدم، كما قال -تعالى- واصفاً وسوسة الشيطان لآدم: (فَوَسوَسَ إِلَيهِ الشَّيطانُ قالَ يا آدَمُ هَل أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلدِ وَمُلكٍ لا يَبلى)،[٥] ولم يكتفِ إبليس بتلك الوسوسة، بل أقسم بالله على أنّه صادقٌ في نصحه، وأمينٌ، فصدّقه آدم عليه السلام، بسبب فطرته السليمة حيث كان لا يُتخيّل أن يحلف بالله كذباً، فضعف آدم، ونسي أمر الله -تعالى- بعدم الاقتراب من الشجرة، فأكل منها هو وحواء، ومن الجدير بالذكر أنّ البعض يعتقد أنّ حواء هي من أغوت آدم -عليه السلام- ليأكل من الشجرة، ويستدلون بما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لولا بنو إسرائيلَ لم يَخنَزِ اللحمُ، ولولا حَوَّاءُ لم تَخُنْ أنثى زوجَها)،[٦] بالإضافة إلى ما جاء في بعض الإسرائيليات من أنّ حواء هي من شجعت آدم -عليه السلام- على الأكل من الشجرة، وأكلت قبله منها، وفي الحقيقة لم يذكر القرآن الكريم ما يدلّ على أنّ حواء هي من أغوت آدم عليه السلام، وكذلك الحديث السابق لم يُصرّح بأنّ حواء قد حثت آدم على الأكل من الشجرة، كما أنّ الله -تعالى- لم يذكر حواء وحدها في الآيات التي تصف الحدث، بل كانت الآيات تذكر آدم وحواء معاً في صيغة المثنى، كقول الله تعالى: ذاقا وأكلا، حتى إنّ النصّ القرآني ذكر آدم -عليه السلام- وحده كمسؤولٍ عمّا حدث، حيث قال الله تعالى: (فَأَكَلا مِنها فَبَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)،[٧] وهكذا أخطأ آدم -عليه السلام- بسبب فضوله، وإغواء إبليس له وأكله من الشجرة.[٨]