مايكل جيرسون – (الواشنطن وست) 20/2/2020

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

تميل العدوى الوبائية إلى مهاجمة أضعف الحلقات -أضعف النظم الصحية- في السلسلة العالمية. ويقول فوشي إنه إذا كان هناك انتقال مستمر للفيروس في تلك الأماكن، فإنه “حتى الدول التي لديها أفضل الممارسات الصحية ستعاني”. لكن البلدان في أفريقيا ضعيفة بشكل خاص. ويوجد أكثر من مليون صيني في إفريقيا، وهناك العديد من الأفارقة الذين يدرسون في الصين. وتستطيع دول مثل إثيوبيا والسنغال وجنوب إفريقيا فحص عينات عشوائية بشكل كاف لفيروس كورونا في المدن الرئيسية. ولكن، ماذا عن ليبيريا؟ غينيا؟ وسيراليون؟

  • * *
    في هذه الأثناء، على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، ظهرت أكثر من 75.000 حالة إصابة بفيروس كورونا، والتي أسفرت عن 2.000 حالة وفاة. ويترك هذا الواقع خبراء الصحة في الولايات المتحدة وهم يأملون في أن يكون عدد الإصابات الحقيقي غير مبلغ عنه في هذه الأرقام إلى حد كبير.
    وليس هذا خطأ مطبعياً. فإذا كانت الأرقام الحالية قريبة من الدقة، فإن هذا يشير إلى أن معدل وفيات فيروس كورونا يزيد على 2 في المائة من مجموع الإصابات. ويبلغ معدل الوفيات من الانفلونزا الموسمية عموماً 0.1 في المائة. ويتراوح معدل الوفيات من الانفلونزا الوبائية بين 0.3 و0.5 في المائة. وكان معدل الوفيات الناجمة عن الانفلونزا الوبائية القاتلة بشكل خاص في العام 1918 -التي أودت بحياة نحو 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم- حوالي 2 في المائة.
    لذلك، إذا كان رقم 2.000 حالة وفاة هو البسط، فإن العلماء يأملون في أن يكون رقم المقام أكبر بكثير. وهذا أمر ممكن، بالنظر إلى احتمال وجود العديد من الأشخاص المصابين بالعدوى ولكنهم لا يعرفون ذلك، أو أنها لا تظهر عليهم الأعراض.
    الأخبار الجيدة؟ بدأ تفشي المرض في مكان واحد ويبدو أنه تم احتواؤه إلى حد كبير هناك. وقد ظهرت أكثر من 1.000 حالة في أكثر من 25 دولة خارج الصين. لكن الغالبية العظمى منها كانت مرتبطة بالسفر. ويبدو أن تدابير الاحتواء في كوريا الجنوبية وسنغافورة وهونغ كونغ واليابان -وهي البلدان التي لديها أكبر عدد من الحالات- كانت ناجحة. ومن بين الحالات الـ15 في الولايات المتحدة (قبل إخلاء الركاب الأميركيين من سفينة الرحلات البحرية اليابانية المنكوبة)، هناك 13 حالة متعلقة بالسفر. والمصابان الآخران هما زوجان لأشخاص من تلك المجموعة. وما نزال لم نر انتشاراً مستداماً وواسع النطاق من شخص لآخر خارج الصين.
    أظهر رد الفعل الصيني على الفيروس نقاط ضعف الأنظمة السلطوية ومزاياها على حد سواء. فالاستجابة الفورية لنظام قائم على الخوف لمشكلة من هذا النوع هي الإنكار والخداع. لا أحد يريد أن يحمل أخباراً سيئة. والحوافز كلها ضد المبادرة. ولذلك، أمضى المسؤولون الصينيون المحليون الأسابيع الأولى من تفشي المرض -حيث كان المرض ينتشر تحت الرادار- وهم يصرون على أن انتقال الفيروس كان كله من الحيوان إلى الإنسان.
    لكن الدول الاستبدادية جيدة في الأمور التي تتطلب اتخاذ إجراءات جماعية من دون انتظار مساهمة الآراء العامة. فقط في مجتمع مثل الصين يمكنك أن تقول بعملية إغلاق وعزل فعالة لنحو 50 مليون شخص، بما في ذلك مدينة ووهان بأكملها، من أجل إبطاء انتشار المرض. لن يتأمل مسؤولو الصحة العامة في معظم الأماكن -والذين يُطلب منهم الموازنة بين الاحتياجات الصحية والحريات المدنية– أبداً في اتخاذ مثل هذا الإجراء. ومع ذلك يبدو أنه يعمل.
    الخطر؟ قال لي أنتوني س. فوشي، رئيس المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية: “كل ما نحتاج إليه هو وجود عدد قليل من البلدان في العالم النامي التي لا يمكن أن تحتوي على فيروس كورونا. قد تكون هذه هي الموجة الثانية من تفشي المرض والتي يمكن أن تتطور بعد ذلك إلى وباء حقيقي.”
    تميل العدوى الوبائية إلى مهاجمة أضعف الحلقات -أضعف النظم الصحية- في السلسلة العالمية. ويقول فوشي إنه إذا كان هناك انتقال مستمر للفيروس في تلك الأماكن، فإنه “حتى الدول التي لديها أفضل الممارسات الصحية ستعاني”. لكن البلدان في أفريقيا ضعيفة بشكل خاص. ويوجد أكثر من مليون صيني في إفريقيا، وهناك العديد من الأفارقة الذين يدرسون في الصين. وتستطيع دول مثل إثيوبيا والسنغال وجنوب إفريقيا فحص عينات عشوائية بشكل كاف لفيروس كورونا في المدن الرئيسية. ولكن، ماذا عن ليبيريا؟ غينيا؟ وسيراليون؟
    نادراً ما كانت هناك حجة أقوى للمطالبة بمشاركة الولايات المتحدة في تعزيز النظم الصحية الأفريقية، والتي تشكل جزءًا من خط دفاعنا الخاص ضد الأوبئة. ونادراً ما كانت هناك حجة أفضل للدعوة إلى التخلي عن موقف “أميركا أولاً” والاعتراف بأن مصيرنا مرتبط بشكل وثيق بصحة وآمال الدول الأخرى.
    سوف يعتمد الكثير من المسار المستقبلي للمرض على إجابة سؤال علمي: هل يمكن لشخص مصاب بفيروس كورونا، وإنما لا تظهر عليه الأعراض -أو أن لديه أعراضاً خفيفة لدرجة أنه لا يكاد يلاحظها- أن ينقل عدوى الفيروس إلى الآخرين؟ “يبدو أن الجواب هو، نعم”، كما يقول فوشي، وهو ما سيجعل السيطرة على الفيروس أكثر صعوبة.
    وقال لي فوشي: “ربما نجد أن الفيروس قابل للانتقال بدرجة كبيرة، ولكنه أقل فتكا مما كنا نعتقد في البداية”. وفي هذه الحالة، سيكون الخطر مشابهاً لخطر انفلونزا سيئة بشكل خاص. وقد تكون موجات تفشي المرض، كما هو الحال مع الانفلونزا، موسمية. ويقول فوشي: “لن أتفاجأ إذا حدث ذلك”.
    أتصور أن معظم الأميركيين سيشعرون بالدهشة والفزع إذا حدث ذلك. لكن هناك أيضا عمل سريع واعد يجري بدأب من أجل اكتشاف لقاح لفيروس كورونا. وهكذا يستمر السباق اللامتناهي بين البراعة البشرية ومسببات الأمراض التي تظهر بانتظام لكي تهددنا.
  • * *
    ما تحتاج إلى معرفته حول فيروس كورونا
    • أحدث التطورات حتى تاريخه: قالت الحكومة الإيطالية إن لديها 132 حالة مؤكدة من الإصابة بالكورونا، صاعدة من ثلاث حالات فقط في غضون أيام قليلة. وقد أغلقت السلطات الإيطالية ما يقرب من اثنتي عشرة بلدة صغيرة وألغت الأحداث العامة في جميع أنحاء الشمال. ويخشى الخبراء أن يتحول فيروس كورونا هناك إلى وباء.
    • ما هو فيروس كورونا، وكيف ينتشر؟ فيروسات كورونا هي عائلة كبيرة من الفيروسات التي تتراوح آثارها من التسبب في أعراض نزلات البرد الشائعة العادية، إلى التسبب بأمراض أكثر خطورة، مثل متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، أو الـ”سارس”. وإليك كيفية حدوث أوبئة مثل تلك التي تتضمن فيروسات طورونا (وكيفية القضاء عليها بشكل أسرع).
    • رسم خرائط لانتشار فيروس كورونا الجديد: أبلغت أكثر من 25 دولة عن وجود حالة واحدة على الأقل من الإصابة بفيروس كورونا. وتم تأكيد إصابات في فرنسا، والهند، وهونغ كونغ، واليابان، ونيبال، وإسبانيا، وكمبوديا، وبلجيكا، وسنغافورة، والسويد، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، وإيطاليا، وفيتنام، وتايوان، وكندا وسريلانكا.
    • كيف يصيب فيروس كورونا المرضى، ولماذا يقتل بعضهم؟ عندما يموت الناس بسبب كورونا، فإنه ليس الفيروس فقط هو الذي يقتلهم -إنه نظامهم المناعي.

*نشر هذا المقال تحت عنوان: There’s a glimpse of victory against coronavirus