‘);
}

الإسلام والكون

إنّ المسلم يتعرّف على ما حوله في الكون استناداً إلى ما بيّنه القرآن الكريم والسنّة النبويّة من نصوصٍ زاخرةٍ عظيمةٍ، تبيّن عجيب صنع الله تعالى في الكون والمخلوقات، وتوضّح المهمّة التي خُلِق الإنسان من أجلها، وما سيؤول إليه في النهاية، ويبدأ إيمان الإنسان بإيمانه بأنّ كلّ ما في الكون من صُنع الله تعالى، وكذلك خَلق الإنسان، حيث قال الله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ)،[١] فلا بدّ على المسلم أن يتفكّر في خَلق الله تعالى، فقوة الإنسان وقوة الكون من ذات المصدر، وذات الحكم؛ أي الله تعالى، فيجب على المسلم الإيمان بأنّ الله تعالى خَلق كلّ ما في الكون من قوى؛ لتعاونه وتساعده ليكون خليفةً لله على أرضه، وعليه التأمّل فيها، والتعرّف عليها، والتفكّر فيها، كما أنّ الكون بما فيه من السماوات والأرض خاضعٌ ومتذلّلٌ لله تعالى، حيث قال الله سبحانه: (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)،[٢] ومن الجدير بالذكر أنّ الكون من أقوى الأدلة على قدرة الله تعالى في الخَلق والإبداع، وهو حجّةٌ على المشركين والملحدين، حيث قال الله تعالى: (هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)،[٣] كما أنّ الله تعالى سخّر كلّ ما في السماوات والأرض؛ لخدمة الإنسان الذي كرّمه وامتّن عليه بذلك، حيث قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ)،[٤] ووصف الله تعالى الكون بأنّه مُستقَر الإنسان ومتاعه، حيث قال: (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ)؛[٥] أيّ أنّ الأرض موضع استقرارٍ للإنسان، وفيها كلّ ما يحقّق الاستمتاع له إلى حين انتهاء أجله، أو انتهاء الحياة الدنيا.[٦]

المحافظة على البيئة في الإسلام

يشمل مصطلح البيئة في الإسلام جميع مناحي الحياة؛ فالبيئة هي كلّ ما يحيط بالإنسان من الموجودات، أي من الماء والهواء والكائنات الحيّة والجمادات، كما أنّها الطبيعة التي يمارس فيها الإنسان حياته ونشاطاته المختلفة، وبذلك تتكوّن البيئة المشيّدة، التي تشمل البيئة الأخلاقيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والتكنولوجيّة، القائمة على نظامٍ دقيقٍ وضعه الله تعالى، حيث قال تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)،[٧] إلا أنّ الإنسان قد يفسد النظام الدقيق ويلوثه؛ ولذلك فقد وضعت الشريعة الإسلاميّة العديد من القواعد والمبادئ التي تحثّ على المحافظة على البيئة، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[٨]