يافا، حيفا، بيسان، أسدود، وصفد.. أسماء بدلالات وطنية

يافا حيفا بيسان أسدود وصفد أسماء بدلالات وطنية فلسطين باقية والاحتلال إلى زوال انتقاء أسماء الأبناء حالة محيرة للآباء والأمهات وتأخذ وقتا طويلا حتى يستقروا على اسم سيحمله مولودهم ويكون لهمنه نصيب ويبقى ذا دلالة على شخصيته وسلوكه من المهد إلى اللحد وبالنسبة إلىالفلسطينيين للأمر بعد آخر يتعلق بخصوصية..

Share your love

يافا، حيفا، بيسان، أسدود، وصفد.. أسماء بدلالات وطنية

 

فلسطين باقية والاحتلال إلى زوال
انتقاء أسماء الأبناء حالة محيرة للآباء والأمهات، وتأخذ وقتا طويلا حتى يستقروا على اسم سيحمله مولودهم ويكون لهمنه نصيب، ويبقى ذا دلالة على شخصيته وسلوكه من المهد إلى اللحد، وبالنسبة إلىالفلسطينيين للأمر بُعد آخر، يتعلق بخصوصية وضعهم كشعب تحت الاحتلال، ولأسمائهمدلالات تعكس معاناتهم وتشبثهم بأرضهم وحقوقهم المسلوبة، وتدفع الكثيرين إلى تسميةأبنائهم بأسماء مدنهم وبلداتهم الأصلية التي هُجّروا عنها قسرًا في العام 1948،الذي شهد نكبة الفلسطينيين وتهجير مئات الآلاف منهم.. تكاثروا خلال ستة عقودوأصبحوا اليوم بالملايين مشردين في أصقاع المعمورة.
يافا مع أختها وأمها
يافا، حيفا، بيسان، صفد، وأسدود… أسماء لمدن وبلدات فلسطينية،هجر سكانها الفلسطينيون تحت وقع المجازر الصهيونية، وتركوها بخيراتها وجنانها، ولأنالاسم يبقي الذكرى حية في النفوس، ويعزز ارتباط الإنسان بحقه، باتت هذه الأسماءتطلق على الأرض والإنسان معًا.. هي أسماء أنثوية لنساء هن شقائق الرجال في معركةالنضال ضد محتل مصيره إلى زوال ما بقي للحق من يطالب به

يافا طفلة جميلة،وهو اسم مدينة تعد من أقدم المدن الفلسطينية، الواقعة على الساحل الغربي لفلسطينالتاريخية، ولا تزال تحمل الاسم نفسه، وإن لم تسلم من محاولات التزييف والأسرلة،التي تسعى إسرائيل من ورائها لخلق تاريخ هش لها في قلب المنطقة، التي ينطق كل مافيها بلسان عربي مبين

يافا أبو شبيكة من بلدة البطاني “المدمرة” قضاءغزة، غير أن أهلها اختاروا لها هذا الاسم لما له من ارتباط وثيق بتلك العلاقة التيتجمع الإنسان الفلسطيني بأرضه وتاريخه، وحول هذا تقول والدة يافا: عند إنجاب يافااحترنا كثيرا في تسميتها. كنت أنوي أنا ووالدها أن نمنحها اسما تعتز به ويكون ذامعنى جميل، ولأن الوطن حاضر دائما في عقولنا وقلوبنا فكرنا في اسم يحمل هذهالدلالة، فكانت يافا الطفلة والمدينة.

يافا ابنة الثلاثة عشر ربيعا، سعيدةباسمها الذي يعبر عن شخصية فلسطينية، حيث عرفت حديثا أن ليافا معنى آخر في اللغةوهو المنظر الجميل، ويافا اليوم تجد متعة كبيرة كلما لاحظت إعجاب الجميع باسمها لماله من خصوصية.

وتؤمن يافا بحتمية عودتها وجميع اللاجئين الفلسطينيين إلىيافا وحيفا وعكا وصفد وطبريا في يوم من الأيام، وأن الاحتلال مهما طال وتطاول فيجرائمه فهو إلى زوال، هكذا هي سُنة التاريخ، التي أثبتت انتصار الشعوب المقهورة علىمحتليها وجلاديها، وتقول عن أهمية الاسم وانعكاسه على وطنية من يحمله: “كلما نادانيأحدهم أتذكر أن هناك رسالة أحملها من خلال اسمي سأنقلها غدا لأبنائي الصغار، إنناشعب صاحب حق، لن نسترده إلا باقتلاع الاحتلال من أرضنا.
أما بيسان التيكانت تؤدي دروسها المدرسية، فلها مع الاسم قصة أخرى، بيسان التي تعلمت حديثا أنتكتب اسمها، كتبت في صدر كل دفاترها الصغيرة “بيسان” بخط كبير، اعتزازًا باسمهاودلالته، ربما لا تعرف بيسان معلومات كثيرة عن مدينة بيسان في منطقة الأغوار، التيتواجه مخططات إسرائيلية محمومة لتهويدها ونزع هويتها الوطنية، إلا أنها تدرك أناسمها يعني مدينة هُجِّر أهلها منها بعد نكبة فلسطين، وأن أحلامها الصغيرة تتلخصكما الكثيرين في العودة إلى مدنهم الأصلية.

صفد مع أختها صبا
أم بيسان كانت معنية بالبحث عن أصل التسمية، وجمع معلومات أكثرعن المدينة، وتقول: ربما أسميت بيسان قبل أن أتعرف جيدا على تلك المدينة رائعةالجمال في سهل الأغوار على نهر الأردن، إلا أن إعجابي زاد به بعدما عرفت أن للاسممعنىً جميلا أيضا؛ فهو يعني الأرض الشاسعة الخضراء، وإنه يطلق أيضا على أماكن العبادةفي بعض اللغات.
وتضيف: بالرغم من أننا من قرية بشيت، جنوبي فلسطين إلا أنتسمية ابنتنا بهذا الاسم يعني أن الهم الفلسطيني واحد، وأن تفكيرنا في وطننا يشغلحيزًا كبيرًا من تفكيرنا وثقافتنا، وأن حلم العودة يراود كل واحد منا، ولابدللجميع من تهيئة كل ما يلزم لتبقى ذكرى النكبة حاضرة في القلوب والعقول، وتسميةالأبناء أحد السبل لتحقيق هذه الغاية.
حيفا الكبيرة
ربما كان من وحي المصادفة أن تكون حيفا هي أكبر إخوتها الثلاثة،وأن تكون مسماة على اسم أكبر مدينة فلسطينية احتلها اليهود بالكامل عام 1948، وتقعفي الشمال الغربي من فلسطين التاريخية، وكان لها في ذلك الحين -ولا تزال- أهميةاستراتيجية، ما جعلها في حينه مطمعًا للعصابات الصهيونية لاحتلالها، ولا تزال تحتلأهمية كبيرة لدى إسرائيل لاستكمال تهوديها وانتزاع هويتها، عبر إطلاق أسماء عبريةعلى شوارعها ومعالمها، والتضييق على سكانها، وآخر ذلك قرار المحكمة العليا بمنعرئيس الحركة الإسلامية في الداخل الشيخ رائد صلاح من دخول جامعة حيفا وإلقاءمحاضرة.

حيفا الفتاة تحمل الكثير من صفات حيفا المدينة، من حيث الجمالالأخاذ الذي يسر الناظر من أول لقاء، والذكاء المتقد الذي ظهر عليها منذ طفولتها،وهذا ما تؤكده والدتها التي تعتبرها مميزة بين إخوتها.

بدأت حيفا تكبر وتكبرمعها أسئلتها، وأهم هذه الأسئلة معنى اسمها، وربما كانت هذه الأسئلة تدور في عقلهادون أن تستطيع التعبير عنها، إلا أنها اليوم تطرح السؤال تلو الآخر على كل منحولها، بخاصة بعدما مر عليها اسم حيفا في درس التربية الوطنية، لتسعد حيفا كثيرابان اسمها وارد بالكتاب، ولا تعلم أن اسمها منقوش في ذاكرة الوطن منذ قرون طويلة،وأنه دائم الحضور منذ سقطت المدينة في يد المحتل الغاصب قبل 63 سنة.

رغبة الجدة
بنبرة يملؤها الحماس بدأت الطفلة أسدود الحنفي، ابنة الأحد عشرربيعا حديثها بالتعريف عن نفسها وعائلتها التي تفتخر بها، لأنها كانت السبب في أنتحمل هذا الاسم المرتبط ببلدتها الأصلية أسدود.

في إحدى مدارس وكالة غوثوتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” تدرس أسدود في الصف السادس الابتدائي كطفلةلاجئة، تؤكد معلماتها أنها تتميز بمستوى دراسي عال، وأن قدراتها العقلية تفوقمثيلاتها من الطالبات، تتحدث والدتها بفخر شديد حول صفات ابنتها الصغيرة بالقول: تتميز أسدود بأسئلتها الكثيرة عن كل شيء، وإذا ما كان الحديث عن الأسماء تسهب أسدودفي السؤال عن معنى اسمها، وعن دلالته، وعن الظروف التي أحاطت بهذه التسمية، فنعلللها ذلك بأنها تحمل اسم بلدتها الأصلية حسب رغبة جدتها التي أوصت بذلك.

ربماودت العجوز، وهي واحدة من جيل النكبة الآخذ في التناقص يومًا بعد يوم لوفاة شهوده،أن تحمل الطفلة الذاكرة كلما ذكر اسمها، حنينا منها إلى قرية غادرتها تحت وقعالمجازر الصهيونية، ولتلمح في عيون الطفلة الصغيرة الحنين إلى أيام هانئة عايشتهابين المزارع والحقول التي تشتهر بها أسدود قبل النكبة.. ولتجد أسدود فخرا باسمهاالذي ينال إعجاب الجميع فور سماعه ومعرفة دلالاته، وهو ما كان فعلًا، إذ تعتزالطفلة أسدود باسمها وتراه أجمل الأسماء..

صفد معروفة بهدوئها الذي يشهد بهكل من يراها، طفلة تبلغ من العمر ست سنوات، غير أن المتأمل يعرف أن ذلك الهدوء ربمايكون متصلا بهدوء المدينة التي تحمل صفد اسمها شمالي فلسطين المحتلة عام 48، وأنحضورها المميز بين أهلها هو ذاته حضور عاصمة الجليل الأعلى بين بقية المدنالفلسطينية القديمة.

تقول والدة صفد حول سبب التسمية: فكرت أنا وزوجي كثيرافي تسمية ابنتنا الأولى بعد ولدين، وتناقشنا حول عدد كبير من الأسماء التي خطرت فيبالنا وقتها، حتى اقترح والدها أن يختار لها اسمًا من بين أسماء المدن الفلسطينيةالمحتلة، واستعان بخريطة فلسطين التاريخية، واستقر خيارنا في النهاية على اسم مدينةصفد، وقد لاقى الاسم إعجاب أهلنا وأصحابنا.

وتضيف: لاسم صفد وقع خاص، بخاصة أنه اسمٌ سهلُ النّطق، مكوّن من ثلاثة أحرف فقط، إضافة إلى ارتباط الاسمبالفلسطينيين المولعين بتذكر وطنهم، مؤكدةً أن صفد الطفلة سألت عن معنى اسمها بمجردوعيها وتعتز به كثيرًا، وهذا يحقق الهدف بأن يبقى حب الوطن راسخًا في القلوب،وتتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل.

ـــــــــــــــــــــــ
صوت الحق
Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!