يوم الأرض

يوم الأرض ما سر هذا اليوم تحل يوم الثلاثين من مارس هذا العام الذكرى السابعة والثلاثون ليوم الأرض الخالد وكأنه وقع في الأمس القريب كثيرون يحيونه ولكن كثيرين أيضا لا يعرفون القيمة التاريخية والوطنية الأبعد له ففي هذا اليوم لم تقم دولة فلسطين ولكن المحتل اصطدم بواقع اعتقد أنه غير موجود وأكثر من هذا فإن يوم..

يوم الأرض

ما سرّ هذا اليوم؟.. تحل يوم الثلاثين من مارس هذا العام الذكرى السابعة والثلاثون ليوم الأرض الخالد، وكأنه وقع في الأمس القريب.
كثيرون يحيونه، ولكن كثيرين أيضاً لا يعرفون القيمة التاريخية والوطنية الأبعد له. ففي هذا اليوم لم تُقم دولة فلسطين، ولكن المحتل اصطدم بواقع اعتقد أنه غير موجود. وأكثر من هذا، فإن يوم الأرض قال للعالم، بما فيه العالم العربي: إن البقية الباقية من الفلسطينيين في وطنهم منذ العام 1948، لم يذوبوا في البوتقة الصهيونية، وهم ليسوا، وألف ليسوا “عرب إسرائيل”، بل حماة هوية الأرض والإنسان والانتماء.

كان يوم الأرض في الثلاثين من آذار (مارس) 1976، يوم الإضراب العام والشامل الأول في تاريخ فلسطينيي 48. وهو لم يكن حدثا صدفة، ولا حركة جماهيرية عفوية، كما يسعى بعض الكتبة من مزوري التاريخ من أبناء جلدتنا إلى إظهاره، بل كان ثمرة نضال وتعبئة وطنية لم تهدأ منذ العام 1948.

إذ تركت النكبة نحو 153 ألف فلسطيني في أجواء رهبة وشبه ضياع، وكانت المعادلات القائمة على الأرض بتفاصيلها الدقيقة، أصعب مما نتخيله بمفاهيم اليوم؛ فكانت المعركة الأولى هي البقاء في الوطن، وحماية ما بقي وما يمكن حمايته وإنقاذه من أرض.

وكل قراءة لذلك التاريخ بدون أخذ كل العوامل الدقيقة التي كانت قائمة، هي قراءة متجنية مزاودة.
رغم ذلك، ففي تلك الأيام هناك من لم يفقد البوصلة: فريقان سياسيان وطنيان؛ الأكبر بينهما كان الشيوعيون وأصدقاؤهم، والثاني فريق القوميين. وكان ثمة عمل مشترك كثير بينهما، رغم الخلافات التي كانت تشتد وتخف من حين إلى آخر.

وفي الخمسينيات والستينيات، كان حراك وطني شجاع، تحت حراب الحكم الإسرائيلي العسكري الذي كان يقتل وينكل وينفي في داخل الوطن، ويحرم المناضلين من مصادر رزقهم، مثل الحرمان من منح تصاريح للتنقل من مدينة إلى أخرى، وحملة الطرد واسعة النطاق لمعلمين ومعلمات وطنيين من جهاز التعليم.
وكان هناك كثير من المواجهات والنضالات التي رافقتها ثقافة وطنية، وأدب وشعر مقاوم، من رواده توفيق زيّاد ومحمود درويش وسميح القاسم وغيرهم.

على أساس هذا الرصيد من العمل والنضال الوطنيين، جرى بناء جيل ما بعد النكبة؛ جيل لم يعش رهبة النكبة، ولم يكن في قلبه خوف.

اشتد عوده في مطلع سنوات السبعينيات، وبدأ يقود تحولات سياسية تعزز معركة صد سياسات المؤسسة الصهيونية الحاكمة، حتى وصلنا الى النصف الثاني من العام 1975، حينما جرت هجمة جديدة على ما تبقى من الأراضي بملكية أصحابها العرب. فكان القرار بتصعيد النضال، وصولاً إلى يوم الإضراب العام الذي احتاج تطبيقه إلى تنظيم وتجنيد استمرا أسابيع عديدة.

لا يأتي هذا الكلام صدفة، وإنما لأنه بعد كل تلك السنين، هناك من “يتفاجأ” بوجود فلسطينيي 48. ولشدة الغضب، هناك من لا ترتجف يداه وهو يكتب “عرب إسرائيل”. ولكن أيضاً هناك من أبناء جلدتنا وغيرهم، من يرون في هذا المشهد المؤلم فرصة ينتهزونها لتزييف التاريخ؛ فنرى أن تاريخنا النضالي بدأ عند ظهور الفضائيات، أو لدى صولة أحدهم في “معركة دونكوشوتية ضروس”، أو لدى استعراض “أكروباتيك” إعلامي على الشاشة الفضية.

المعركة على كتابة التاريخ الحقيقي ليست من أجل توزيع النياشين وتخزين الرصيد، بل أولاً من أجل الحفاظ على الحقيقة وحمايتها، لأنها تشكل دروس المستقبل؛ فقد كانت هناك تضحيات شعبية واسعة جمّة، لا يحق لأحد أن يتنكر لها.
وثانياً، لأن تزوير التاريخ ليس مجرد أمر عابر، بل تمهيد لما هو أخطر، كما نرى هذا على أرض الواقع.

في ثقافة الاستهلاك، بات قسط ليس قليلاً من كتابة التاريخ القريب من أجل تلبية “احتياجات” سياسية حالية، ومن أجل تسديد فواتير الممولين. إن نَصّ التاريخ الأكثر صدقاً ودقة، هو ذلك المحكي على ألسنة صنّاعه الحقيقيين.

لقد شكّل يوم الأرض نقطة الانطلاق المركزية نحو المرحلة الجديدة؛ فيه ارتفعت المعنويات وتصاعد النضال. واليوم، وبعد مرور 37 عاماً، يتأكد أن كل النضالات التي تلت، وهي كثيرة، تعود إلى قاعدة يوم الأرض الأول، إذ لم يكن حتى الآن زخم كزخم يوم الأرض العام 1976.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغد الأردنية
 

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!