مجموعة أعمال نحتية رفيعة في غاليري مصر: معالجات حداثية ما بين صخب الأساطير ووحدة المخلوقات

القاهرة ـ «القدس العربي»: تحت عنوان «منحوتات» أقيم معرض جماعي في غاليري مصر، ليضم أعمالاً لـ 8 فنانين. وإن كان تباينهم جاء في الأسلوب أو الخامات، إلا أنهم توحدوا في الابتكار والحالة الحداثية التي حاولوا تأكيدها من خلال أعمالهم. ما بين الجرانيت، البرونز، البوليستر، والخشب يتشكل عالم مختلف من المنحوتات، لتبدو الحرفة والتقنية الرفيعة، التي تختلف في الكثير منها عن الأعمال النحتية المصرية المعهودة، التي تتوسل التحديث. وسنحاول في إيجاز تناول أعمال الفنانين المشاركين.. نجيب معين، محمد رضوان، محمد عبد الله، مريم مكرم الله، إسلام عبادة، أحمد موسى، هاني فيصل وأحمد عبد الفتاح.

Share your love

مجموعة أعمال نحتية رفيعة في غاليري مصر: معالجات حداثية ما بين صخب الأساطير ووحدة المخلوقات

[wpcc-script type=”86fe3d3da2e38ce8e565ab0b-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: تحت عنوان «منحوتات» أقيم معرض جماعي في غاليري مصر، ليضم أعمالاً لـ 8 فنانين. وإن كان تباينهم جاء في الأسلوب أو الخامات، إلا أنهم توحدوا في الابتكار والحالة الحداثية التي حاولوا تأكيدها من خلال أعمالهم. ما بين الجرانيت، البرونز، البوليستر، والخشب يتشكل عالم مختلف من المنحوتات، لتبدو الحرفة والتقنية الرفيعة، التي تختلف في الكثير منها عن الأعمال النحتية المصرية المعهودة، التي تتوسل التحديث. وسنحاول في إيجاز تناول أعمال الفنانين المشاركين.. نجيب معين، محمد رضوان، محمد عبد الله، مريم مكرم الله، إسلام عبادة، أحمد موسى، هاني فيصل وأحمد عبد الفتاح.

الأساطير وتقنيات الفن المصري القديم

تنطلق أعمال كل من الفنانين نجيب معين ومحمد رضوان من تمثل مفردات الفن المصري القديم، من حيث البنية العامة للعمل. ولكن الاختلاف في الرؤية والأسلوب هو ما يميز التجربتين. فبينما يعمل معين من منطلق الحكايات والشخصيات الأسطورية، وهو يعرف تماماً كيفية أن يستوحي روح هذه الأساطير، من خلال الوجوه وطريقة تشكيل الجسد، مع ملاحظة الخامة التي يعمل من خلالها ــ الخشب ــ وتحويرات النِسب في هذه الأعمال، يؤكد فكرة استدعاء الأسطورة وتداعياتها، حالة من المزج ما بين الشخصية والآلهة القديمة، الإنساني والمقدس، هذه التداعيات تتواتر في كل النماذج التي قدمها في المعرض.
من ناحية أخرى تأتي أعمال الفنان محمد رضوان لينحو نحواً آخر في التعامل، من خلال وجهة النظر الضاربة في القِدم والمتماثلة مع تكوينات الأشكال فوق المعابد المصرية، ولكن الأسلوب يبدو أنه يظهر البينية الهندسية التي يعتمدها. يبدو ذك في الخطوط الحادة للشكل، إضافة إلى شيء من تجريد التفاصيل، وأكثر تسطيحاً، من دون العمل من خلال تجسيد الشكل الحقيقي بالتطابق، خامة البرونز التي يجسد من خلالها منحوتاته تظهر مدى الحرفية التي يتعامل بها لإيصال فكرة العمل الفني.

الحيوان وعالمه

البطولة هنا للحيوان وعالمه، وشعور الطبيعة البدائي، لا وجود لإنسان، عالم هادئ يجمع هذه المخلوقات. من خلال الجرانيت تصوغ الفنانة مريم مكرم الله تكويناتها، باحثة عن حالة من التآلف مع الطبيعة. وباستخدام الأشكال الهندسية تبدو هذه المخلوقات في حالة دائمة من التناغم، التفاصيل ربما تغيب كثيراً، إلا أن حالة الاسترخاء التي يوحي بها العمل تؤكد مدى التوحد مع العالم، وكأن المخلوق هذا وطبيعته صورة واحدة لا تتجزأ. هذا التبسيط المقصود في التفاصيل، وسطوح الشكل الملساء يحاول أن يتعدى الشكل إلى ما يحيطة من بيئة.
الأمر نفسه يعالجه الفنان إسلام عبادة، ولكن من خلال خامة البرونز، إلا أنه يعتمد أسلوب التجريد وتقنية الاختزال والتحوير في الشكل، ليجعله يغيب عن المألوف البصري، ويمتد متجاوزاً محيطه الطبيعي. يلعب عبادة أيضاً على عالم الحيوان، لكنه بخلاف التآلف مع الطبيعة والعالم، يجعل منه بطلا أوحد في الطبيعة والمسيطر عليها، وكأن الإنسان لم يوجد بعد، أو انتهى من هذا العالم.
من خلال العمل عبر المسطحات الحديدية تأتي منحوتات الفنان محمد عبد الله، المنحوتات هنا لا تنتمي لأشكال معهودة يمكن أن تكون لها المرجعية البصرية لدى المتلقي، وبالتالي توحي أكثر مما تُجسد. اختفاء المرجع البصري هذا يجعل العمل أقرب إلى وجهة النظر التفكيكية، يأتي ذلك من خلال التغلب على النِسب المعهودة للشكل، وبالتالي يتم خلق تكوينات بصرية جديدة، لنا تأويلها وتفسيرها بقدر ما توحي به، هذا هو مبدأ التفاعل مع أعمال عبد الله.

المرأة

كل من الفنانين هاني فيصل وأحمد موسى يتخذان من المرأة وعالمها موضوعاً لأعمالهما. يميل فيصل إلى الحِس الشعبي في رؤية المرأة المصرية، من خلال مادة الجرانيت في التنفيذ ــ يقترب الفنان كثيراً من نساء محمود سعيد الشعبيات ــ هنا نلاحظ الاحتفاء بالجسد من دون الخجل من عدم تناسق تفاصيله، فالنسوة لا يمثلن موديلات الفن المعهودات، بل نساء شعبيات حملت أجسادهن طبيعة هذه الحياة ومشكلاتها، ولا تخفي حالات تباهيهن بأجسادهن، وإن كان على استحياء.
أما موسى فيحاول رصد الحالات النفسية للمرأة وتحولاتها من خلال استخدامه خامة البرونز، تناقضات دائمة ما بين جسد في حالة استرخاء، أو يحاول ذلك، بينما وضعيته توحي بالتوتر، والاسترخاء ما هو إلا محاولات للتحايل.

فقط .. وجه

تعد أعمال الفنان أحمد عبد الفتاح من الأعمال اللافتة في المعرض، حيث يحاول من خلال مادة البوليستر أن يجسد وجه الإنسان. فقط وجه، ولك أن تتخيل حياة صاحبه، تفاصيل دقيقة لصاحب الوجه تكشف حياة بالكامل خاضها وتمثلت ملامحه.
نظرة العين التي تختزن العديد من التجارب والمشاهدات الحياتية، قد تلومك أو تُشهِدك على ما لاقاها صاحبها من معاناة، لكن هذا لا ينفي حالة الإرادة البادية في هذه الملامح أو تلك، هناك مواجهة دائمة مع الحياة، أوقات خافتة وأخرى تتميز بالقوة والصرامة، إلى حد السخرية والاستهانة التامة بكل ما حدث وما سيحدث.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!