‘);
}

السعادة

يسعى الناس في حياتهم للوصول إلى السعادة، فيبتليهم الله تعالى بأقداره، وليس فيهم من هو في منأى عن المصائب والأحزان، ولكنّ الاختلاف يكمن في كيفية استجابتهم لأقدار الله تعالى، فقد يُصاب الرجلان بالداء نفسه، فيشكو أحدهم ويتذمّر، أمّا الآخر فيتفاءل ويبتسم تعبيراً عن رضاه وقبوله لأمر الله تعالى، وقد كان الصحابة الكرام من أسعد الناس وأشرحهم صدراً؛ بسبب اتباعهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان قدوةً في كلّ الصفات التي يحصل بها اتساع القلب، روى الإمام مسلم في صحيحه أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوةَ الإيمانِ، من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهُما، وأنْ يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا للهِ، وأنْ يكرهَ أنْ يعودَ في الكفرِ بعد أنْ أنقذَه اللهُ منه، كما يكرهُ أنْ يُقذَفَ في النَّارِ)،[١] كما أنّه كان يرشدهم إلى طريق السعادة ويدعوهم إلى ما يُصلحهم، فعندما أمر الله تعالى نساء المسلمين بالحجاب، أسرعن إلى شقّ مروطهنّ والاختمار بها؛ استجابةً لأمر الله، ممّا أعانهنّ على العيش بسعادةٍ بسبب امتثالهنّ لأوامر الله تعالى، كما أنّ الاعتراف بالنعم وإتباعها بالشكر من أكثر ما يحقّق للناس السعادة، يقول الله تعالى: (وَإِن تَعُدّوا نِعمَةَ اللَّـهِ لا تُحصوها إِنَّ اللَّـهَ لَغَفورٌ رَحيمٌ)،[٢] فلو أدرك الإنسان نعمة الصحة وغياب الألم لكان هذا السبب كافياً لإحساسه بالسعادة، ولو أبصر النعم قبل فقدها لازدهرت حياته بالسعادة والهناء، فأسباب السعادة كثيرةٌ، منها الوقت والصحة والعقل، وأقوى هذه الأسباب الإيمان، فالإيمان سلوَةٌ للمحزون، وغنى للفقير، وقوةٌ للضعيف.[٣][٤]

أسباب السعادة في الدنيا والآخرة

السعادة شعورٌ داخلي، وليست من الأمور الحسية التي يُمكن الإمساك بها، ومن رحمة الله تعالى ولُطفه أن جعل لها أسباباً من الممكن تحصيل السعادة باتّباعها، ومن أقوى هذه الأسباب وأكثرها تأثيراً في النفس الإنسانية إدراك الإنسان أنّ سعادته ليست مُلكاً لأحد ليعطيه إياها، إنّما تنبع من داخل الإنسان وتُعزّز بالتأثيرات الخارجية، وللسعادة انعكاسٌ على الآخرين، وفيما يأتي بيان أبرز الأسباب التي تؤدّي بالإنسان إلى السعادة:[٥]