‘);
}

أسماء زوجات الرسول

السيدة خديجة رضي الله عنها

هي خديجة بنت خويلد بن نوفل، من بني أسد بن عبد العزى، من قريش، وكان والدها زعيم عشيرته، والسيد المُطاع الذي يهابه الجميع، صاحب الكرم والشجاعة، والمكانة الرفيعة في قومه، وأخوه ورقة صاحب الحكمة والرأي السديد، والذي لم يُتابع قومه في شركهم وعبادتهم الأوثان، وأمّها فاطمة بنت زائدة القرشية إحدى نساء قريش وأجملهن، فجمعت السيدة خديجة بين جمال أمها، وقوة أبيها، وحكمة عمها، وتزوّجت السيدة خديجة قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- من أبي هالة بن زرارة حتى توفّي عنها، ثم تزوّجت بعده بعتيق بن عائد حتى تُوفّي أيضاً، وقد ورثت منهما المال الوفير والتجارة الرائجة، فكانت من تجّار مكة تدير تجارتها بعقلها وحكمتها، وجمعت السيدة خديجة مع سمعتها التجارية السمعة الطيبة في الجانب الأخلاقي، حتى كانت تُعرف في مكة بالطاهرة، وبسبب هذه السمعة الطيّبة سارع أشراف مكة إلى خطبتها، إلا أنها لم يكن لها رغبة في الزواج لما مرّت به من فقد كلٍّ من أبي هالة وعتيق.[١]

ووافقت سمعتها الطيبة ما انتشر من طيب خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يُعرف بالأمين، فدفعها ذلك لِأن ترسل إليه وتَعرِض عليه أن يخرج بتجارتها، وأرسلت معه غلامها ميسرة، فرأى من أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عجباً؛ من حسن خلق وصدقٍ وأمانة، إضافة إلى ما شاهده من أمر بحيرة الراهب، لينقل بعد ذلك ما رآه إلى سيدته خديجة، ولما رجع -صلى الله عليه وسلم- بتجارةٍ مباركةٍ مضاعفة الربح، ووافق ذلك الرؤى التي كانت تراها ويعبّرها لها ابن عمها ورقة بالخير، علمت خديجة وقتها أن محمداً هو الرجل المناسب الذي يمكنها أن تقضي بقية حياتها معه، وكان الزواج المبارك الميمون بين أمين مكة وطاهرتها، وأنجبت السيدة خديجة للنبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة كلاً من زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة -رضي الله عنهن-.[١]

وحين نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- في حراء، ورجع خائفاً يرتجف ويطلب من أهله أن يزمّلوه؛ كانت له الحضن الدافئ الذي يبعث السكينة والثقة في قلبه، فتقول له: (واللَّهِ، لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، واللَّهِ، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ)،[٢] ثم انطلقت به إلى ابن عمها ورقة ليبشّره بالنبوة، وينبّهه لما سيتعرّض له من محاربة قومه له، وكان للسيدة خديجة شرف كونها أول من يدخل في دين الإسلام، ثم بقيت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنوات، كانت فيها نِعم معين وخير ناصرٍ له، لتفارقه بعدها وتنتقل إلى الرفيق الأعلى في السنة العاشرة من البعثة، وهذا العام الذي سمّي بعام الحزن.[١]