‘);
}

أعمال العباد عند الله

خلق الله -تعالى- الموت والحياة للناس حتى يبلوهم أيهم أحسن عملاً، كما أعطى كلاً منهم عقلاً يميز به بين النافع والضار، فإن لم يستخدم عقله ضلّ وشقي في حياته الدنيا وفي الآخرة، كما أخبر الله -تعالى- عباده بأنّه خبيرٌ بصيرٌ سميعٌ، يُحصي حركات عباده وسكناتهم، وهو كذلك حسيبٌ رقيبٌ على أعمالهم، حفيظٌ لها، شهيدٌ عليها، فقد قال الله سبحانه في القرآن الكريم مُخبراً عن ذلك: (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)،[١] كما خلق الله -تعالى- ملائكةً، وكلّفهم بكتابة أعمال الناس وإحصائها، فإذا مات الإنسان طويت معه صحيفته التي كتبت فيها أعماله، وتبقى معه في عنقه وفي قبره إلى يوم القيامة، فإذا قامت نشرت الصحف وكان كلّ إنسانٍ حينها حسيب نفسه، فإذا كان قد عمل في حياته بالدين أصلح الله له دنياه وآخرته، إمّا إن كان ممن اشتغل بالشهوات عن الطاعات فقد أفسد بذلك دُنياه وآخرته.[٢][٣]

تُعرض أعمال العباد على الله -تعالى- في كلّ يومٍ مرتين، مرةً في النهار ومرةً في الليل، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك: (يُرفعَ إليه عملُ الليلِ قبلَ عملِ النهارِ، وعملُ النهارِ قبلَ عملِ الليلِ)،[٤] كما تُعرض عليه سبحانه في كلّ أسبوعٍ مرتين أيضاً، وذلك يومي الاثنين والخميس، وكان السلف الصالح يحسبون لهذا المقام العظيم، فكان إبراهيم النخعي في يوم الخميس يبكي إلى زوجته وتبكي إليه؛ لمعرفتهما أنّ أعمالهما تُعرض فيه على رب العباد سبحانه، وتُعرض أعمال العباد على الله -عزّ وجلّ- أيضاً مرةً في العام، ويكون ذلك في شهر شعبان، حيث أخبر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك حين سُئل عن سبب كثرة صيامه في شهر شعبان، حيث قال: (هو شهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، وأُحِبُّ أن يُرفَعَ عملي وأنا صائمٌ)،[٥] ولا شكّ أنّ لكلّ عرضٍ من الثلاثة السابقة حكمةٌ يريدها الله عزّ وجلّ، إلّا أنّها بمجموعها تدلّ على الدقة والإحكام والضبط.[٣]