‘);
}

الهجرة إلى المدينة المنورة

بعد أن دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين في مكة إلى الإسلام ثلاثة عشر عاماً، لم يؤمن به إلا قلة من الرجال الذين طهرت نفوسهم، وصفت قلوبهم، فالتفوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسرعان ما نزل بهم العذاب والاضطهاد من كفار قريش، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على القبائل العربية المحيطة بمكة لعله يجد ملاذاً آمناً وقاعدة لانطلاق دعوة التوحيد في أنحاء الأرض، وفي أحد الأيام سخر الله تعالى ستة رجال من الخزرج التقى بهم رسول الله ودعاهم إلى الإسلام، فشُرحت صدورهم للإسلام وأسلموا ووعدوا النبي عليه الصلاة والسلام بالدعوة إلى الإسلام في المدينة المنورة، وفي موسم الحج من العام نفسه عاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إثنا عشر رجلاً من أهل المدينة وبايعوه بيعة العقبة الأولى، ثم عاد في العام الذي تلاه ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان وبايعوه بيعة العقبة الثانية، والتي تضمن تعهدهم بحماية الرسول صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه في حال هاجر إليهم، ثم بدأ الصحابة رضي الله عنهم بالهجرة إلى المدينة المنورة. [١]

أول من هاجر إلى المدينة

كان أول من هاجر من الصحابة إلى المدينة المنورة مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة القرشي رضي الله عنه، وقد كان مصعب بن عمير من السباقين إلى الإسلام، حيث أسلم في دار الأرقم، وكان يتردد على رسول الله صلى الله عليه وسلم سراً حتى لا يعلم أحدٌ من أهله بأمر إسلامه، ولكن رآه عثمان بن طلحة في أحد الأيام فأخبر أهله بإسلامه، فحبسوه، وبقي محبوساً إلى أن هاجر إلى الحبشة، واستقر فيها فترة من الزمن ثم عاد مع من هاجر إلى مكة مرة أخرى، وفي ذلك الوقت التقى برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره بالهجرة إلى المدينة المنورة، وذلك بعد أن أرسل الأنصار رضي الله عنهم كتاباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبوا فيه أن يبعث إليهم من يُفقههم في الدين ويعلمهم القرآن الكريم، فهاجر مصعب رضي الله عنه إلى المدينة، وقد أكد البراء بن عازب رضي الله عنه أنه كان أول المهاجرين، حيث قال: (أول المهاجرين مصعب بن عمير).[٢]