‘);
}

الإيمان بالله

أمر الله -عزّ وجلّ- عباده بأوامر كثيرة، وإن أعظم وأجلّ ما أمرهم به هو عبادته وحده، وعدم الإشراك به، فهو العروة الوثقى التي من تمسّك بها فاز وربح ونجا، ومن تركها خاب وخسر، قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[١] وإن الآيات القرآنية الآمرة بتوحيد الله والترغيب فيه وترك ما سواه وعدم الإشراك به كثيرة، كما أن أركان الإيمان الستة أولها الإيمان بالله تعالى، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأخبِرْني عنِ الإيمانِ، قال: أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه).[٢][٣]

والإيمان محلّه القلب، وتظهر آثاره في أقوال الإنسان وما يصدر عنه من الأعمال الصالحة، كما يتضمن الإيمان أربعة أمور: أولها: الإيمان بالله تعالى؛ وقد دلّ على وجوده الفطرة، والعقل، والشرع، والحس، فالإنسان بفطرته يولد على الإيمان بالله الذي خلقه، من غير أن يقع عليه تعليم أو توضيح، إلا إذا صرفه عن ذلك صارف، كأن يكون أبواه يهوديان أو نصرانيان، وبدلالة العقل، فكل هذه المخلوقات لا بد لها من خالق، فلا يمكن أن تكون هي من أوجدت نفسها بنفسها، ولا يمكن أن يكون وجودها عن طريق الصدفة، قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)،[٤] وبدلالة الشرع، أي أن الكتب السماوية كلّها تنص على ذلك، وجميع الأوامر التي جاءت بها فيها مصالح العباد، والذي خلقهم أعلم بمصالحهم.[٣]

وثاني ما يتضمّنه الإيمان هو: الإيمان بربوبية الله؛ وهو الإيمان به وحده لا شريك الله، فهو الخالق الرازق المدبر، يخلق العباد ويرزقهم ويعلم آجالهم فيميتهم، والدليل على ذلك ما قاله تبارك وتعالى: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)،[٥] وتحقيق توحيد العبادة مبنيّ على معرفة توحيد الربوبية، ولذلك عند أمر الله بتوحيده تراه يجيء قبله أو بعده بتوحيد ربوبيته، وثالثها: توحيد الألوهية، بمعنى أن العبادة المطلقة تكون لله وحده بجميع أنواعها ومراتبها، فهو الذي أمر بها وهو المستحق لها، وآخرها: الإيمان بأسماء الله وصفاته؛ فله الأسماء الحسنى والصفات العلى، وما من اسم من أسمائه إلا ويتضمن صفة أو أكثر من صفاته، ويأتي ذلك في جميع أسمائه.[٣]