الإجهاد الناجم عن التغيير وتأثيره على العمل

ينجم الاحتراق الوظيفي عن تجاوز المطالب الملقاة على عاتق شخصٍ ما، الموارد المتاحة له لإنجازها؛ الأمر الذي يعني أنَّ أفضل ما يمكننا القيام به الآن هو إدارة هذه المطالب بمهارة، ومحاولة استعمال قدراتنا وطاقاتنا بحكمة.

وفي مواجهة هذا التغيير الكبير والإجهاد الشديد، بما في ذلك الحاجة إلى إيجاد طرائق جديدة للعمل والعيش، يحتاج الموظفون إلى المرونة وسرعة الأداء لمواصلة أداء أعمالهم. لقد كان لهذا الإنهاك والتغيير والحزن أثر سلبي بالفعل؛ إذ إنَّه وفقاً لأحد الأبحاث الذي استند إلى معلومات جُمِعَت من أكثر من 250,000 شخص، ظهرت لدى معظم المشاركين علامات تنذر بالذعر، بدءاً من منتصف آذار/ مارس وحتى منتصف أيار/ مايو، كما ازدادت مخاطر القلق لديهم بنسبة تجاوزت (21%) ومخاطر الاكتئاب بنسبة تجاوزت (9%)؛ وهذا أدى إلى زيادة كبيرة في الاحتراق الوظيفي بنسبة تجاوزت (11%) مقارنة بعام 2019.

وكاستجابة لهذا الإجهاد الناجم عن التغيير والاحتراق الوظيفي، يقع على عاتق القادة الحد من آثار هذه الضائقة العاطفية من خلال توفير الوصول إلى الموارد، وبناء المهارات المعرفية التي من شأنها تسهيل إعادة الحيوية إلى المنظمات؛ ذلك لأنَّ إصابة الموظفين بالاحتراق الوظيفي، سيؤدي إلى تباطؤ عملية التعافي برمتها.

مخاطر الإجهاد الناتج عن التغيير:

ينجم الاحتراق الوظيفي عن تجاوز المطالب الملقاة على عاتق شخصٍ ما، الموارد المتاحة له لإنجازها؛ الأمر الذي يعني أنَّ أفضل ما يمكننا القيام به الآن هو إدارة هذه المطالب بمهارة، ومحاولة استعمال قدراتنا وطاقاتنا بحكمة.

في الوقت نفسه، يحدث الإجهاد الناتج عن التغيير عندما يُطلَب من الأفراد تغيير سلوكاتهم باستمرار، وتحمُّل مسؤوليات إضافية ومرهقة من دون الحصول على موارد إضافية أو إعفاء من أيٍّ من مسؤولياتهم الحالية.

علاوةً على ذلك، تشير الأبحاث إلى النتائج الضارة المرتبطة بالإجهاد الناتج عن التغيير، بما في ذلك الإرهاق وانخفاض القدرة على الالتزام التنظيمي، بالإضافة إلى رغبتهم في البحث عن عمل جديد.

والسؤال الأهم الآن هو: كيف يمكننا التقليل من تأثير هذا الإجهاد، وفي الوقت نفسه دعم أولئك الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي بالفعل؟

من المفيد أن يفهم القادة أنَّ بعض شرائح القوى العاملة ستكون لديها ردود فعل افتراضية إزاء الضغط والإجهاد الذي سيجعلها عرضةً للاحتراق الوظيفي إلى حد كبير، وخصوصاً خلال المخاطر المتزايدة التي يتعرض لها كل من يعمل خلال أزمة كورونا COVID-19.

فيما يأتي، سوف نناقش التفاوت في قدرات الأفراد على التكيف مع التغيير والحفاظ على الطاقة في مواجهة خطر الاحتراق الوظيفي.

تمييز الإجهاد الناتج عن التغيير ومواجهته:

إنَّ الموظفين الذين يواجهون الإجهاد المرافق لبيئةٍ يكون فيها التغيير هو الثابت الوحيد، يكونون أكثر عرضة لخطر الاحتراق الوظيفي، الذي يمكن أن يظهر على شكل إرهاق جسدي أو عاطفي أو تهكم أو انفصال أو شعور بعدم الفاعلية.

لماذا لا يُصاب الموظفون كلهم بالاحتراق الوظيفي؟ يكمن الجواب في كيفية إدارة الموظفين للمطالب الموجهة إليهم؛ إذ تُمكِّن المرونة الأفراد من التعافي من الإجهاد واستعادة التوازن بدلاً من الوقوع في الإرهاق والاحتراق الوظيفي؛ بعبارة أخرى، تساعد كلٌّ من المرونة وسرعة الأداء على توفير الحماية بشكل فعَّال من الاحتراق الوظيفي.

تُظهر الأبحاث تناقضاً هائلاً في معدلات القلق والاكتئاب بين الموظفين الذين يتمتعون بالمرونة العالية وسرعة الأداء، وبين أولئك الذين تكون مرونتهم وقدرتهم على التكيف منخفضة.

  • نحو 40% من الأفراد الذين لا يتمتعون بالقدر الكافي من المرونة والقدرة على التحمُّل، تظهر عليهم علامات الاكتئاب والقلق المعتدل أو الشديد.
  • ومع ذلك، من بين الأفراد الذين يتمتعون بمرونة عالية وقدرة عالية على التكيف، فإنَّ احتمال إصابتهم بالقلق والاكتئاب لا يتجاوز 2%.
  • الأفراد الذين يتمتعون بمرونة عالية هم أكثر قدرةً بنسبة 28% على التكيف مع الظروف المتغيرة مقارنة بأقرانهم الأقل مرونة.
  • تشير النتائج إلى احتمال تعرُّض 44% من الأفراد الذين يعانون من انخفاض المرونة والأداء لخطر الاحتراق الوظيفي، مقابل 6% من الأفراد الذين يتمتعون بالمرونة العالية وسرعة الأداء.

وفي الوقت نفسه، فإنَّ طريقة تفكير الناس واستجابتهم للإجهاد، تُحدِث فرقاً كبيراً في قدرتهم على التكيف والاستجابة للتغيير؛ فعلى سبيل المثال:

  • يُعَدُّ الأشخاص الانفعاليون الذين يتمتعون بمستويات عالية من التعاطف، أكثر عرضةً للإصابة بالاحتراق الوظيفي (36% منهم معرضون لخطر كبير).
  • قد لا يتمتع المبتكرون، الذين نعتمد عليهم للمضي قدماً في أوقات كهذه، بالتوازن بين العمل والحياة ومهارات إدارة الضغوط التي يحتاجون إليها؛ فإنَّ 25% من أولئك الموظفين الهامين معرَّضون لخطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي.

إنَّ الموظفين الذين لا يملكون المهارات اللازمة لإدارة الضغوط بشكل فعَّال، معرضون لضعف الأداء وارتكاب الأخطاء القاتلة، كما أنَّهم أكثر عرضة للإصابة بالاحتراق الوظيفي، وعند حدوث ذلك، ينخفض تفاعلهم ويتدهور أداؤهم.

وعلى الرغم من هذا، عندما نفهم أساليب تفكير الموظفين الذين يواجهون ضغوطاً في أثناء عملهم، نكسب المعرفة الكافية التي تساعدنا على حمايتهم من الاحتراق الوظيفي؛ إذ إنَّ هناك سبعة عوامل رئيسة مرتبطة بإمكانية الإصابة بالاحتراق الوظيفي:

  1. مشكلات النوم.
  2. آلام المعدة والصداع وآلام الظهر.
  3. عدم وجود توازن بين العمل والحياة الشخصية.
  4. عدم الرضى عن الحياة.
  5. سوء إدارة الضغوط.
  6. انخفاض قدرة السيطرة على العاطفة.
  7. المشاركة المنخفضة في العمل.

من خلال مراقبة هذه القضايا بين العمال، يكون أصحاب العمل أكثر قدرة على التنبؤ بخطر الاحتراق الوظيفي، واستعمال المهارات المعرفية لحماية أولئك المعرضين لخطر كبير.

مثلما أدت الجائحة إلى تسريع التغيُّرات التكنولوجية في طريقة عملنا والطريقة التي تتفاعل بها الشركات مع موظفيها، فإنَّ الأزمة سوف تسهم في دفع عجلة تطوير استراتيجيات الصحة العقلية؛ لذا فإنَّ التخطيط لمرحلة ما بعد الجائحة، سيشكل تحدياً وفرصةً لنا جميعاً للتركيز على استراتيجيات تنمية خبرات الموظفين، التي تجمع بين كلٍّ من الصحة السلوكية والبدنية وتعزز قدرة الأفراد على التحمُّل.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!