البلاغة في تفسير الزمخشري

تعرف على منهج البلاغة في تفسير الزمخشري وقصة تأليف الكشاف وأثر هذا التفسير الجليل في منهج البلاغة التي أتت بعده.

mosoah

البلاغة في تفسير الزمخشري

إن من معجزات القرآن الكريم كونه مع قلة الحجم متضمنًا المعنى الجم، فلا تحيط به عقول البشر، لذلك قال تعالى: (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم){27-لقمان}، لذلك فقد قامت الكثير من الكتب لمحاولة اكتشاف معاني القرآن الكريم البلاغية التي عجز العرب أرباب الفصاحة والبيان عن الإتيان بمثلها بعد التحدي من الله لهم، ومن هذه الكتب كتاب الكشاف لجار الله الزمخشري وفي هذا المقال نحاول التعرف على منهج البلاغة في تفسير الزمخشري للقرآن الكريم، فتابعونا مع الموسوعة.

من هو الزمخشري

اسمه و مولده

  • هو أبو القاسم محمد بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري.
  • ولد في زمخشر في أوزبكستان، 27 رجب 467 هــ، 1074 م.
  • وتوفي ليلة عرفة في جرجانية خوارزم 538 هـ،1143 م.

مذهبه

  • كان الزمخشري معتزليًا في العقيدة، حنفيًا في الفقه.
  • وكان يحاول الاعتماد على مذهبه في كتبه ووضع أصوله فيها

مؤلفاته

ترك الإمام الزمخشري لنا الكثير من المؤلفات في فنون العلم المختلفة، ومنها:

في اللغة والبلاغة:

  • أساس البلاغة.
  • المستقصى في الأمثال.
  • الفائق في غريب الحديث والأثر.
  • مقدمة الأدب.
  • القسطاس في علم العروض.

في النحو:

  • المفصل في صنعة الإعراب.
  • الأنموذج.
  • المفرد المؤلف.

في الحديث:

مشتبه أسامي الرواة.

في التفسير:

تفسير الكشاف.

في الفقه:

الرائض في علم الفرائض.

في الزهد:

  • أطواق الذهب في المواعظ.
  • النصائح.

في الجغرافيا:

كتاب الأمكنة والجبال والمياه.

في الأدب:

مقامات الزمخشري.

قصة تأليف الكشاف

ذكر الإمام الزمخشري في مقدمة تفسيره قصة تأليف كتابه هذا، فذكر أنه كان مترددًا في أول الأمر، ثم عزم على تألفه بعد أن رأى التعجب والاستحسان في وجوه طلابه عند تفسيره آيات القرآن، فبدأ في كتابة الكتاب في الحرم المكي، ولذلك كان يلقب بجار الله.   

بلاغة الكشاف

امتداد لدراسة عبد القاهر الجرجاني

  • يبدو أن بلاغة الكشاف كانت نهاية مرحلة متميزة في الدراسة البلاغية، فهي الامتداد الحق لدراسة الإمام عبد القاهر الجرجاني.
  • ودراسة الإمام تجعل المرء يشعر بإنشاء القول إنشاءً، وتبسيط الأفكار الغير واضحة عند من سبقه من البلاغيين.
  • ولكن نظرًا لصعوبة هذا الاتجاه فقد اعترض كثير من العلماء على دراسة الإمام عبد القاهر.
  • لذلك احتاج هذا الاتجاه إلى من يمكنه النهوض بهذا الصرح البلاغي العظيم.
  • ومن هؤلاء الزمخشري الذي كان من المعتزلة.

إضافة الزمخشري

  • طبق الزمخشري كثيرا مما قرره الإمام عبد القاهر من قواعد نظرية.
  • نمى كثيرًا من الأصول البلاغية السابقة.
  • أضاف كثيرًا من الأصول البلاغية الهامة.
  • حرر كثيرًا من المسائل وتناولها بالشرح.

الدرس البلاغي عند الزمخشري

تطبيق القواعد

  • إن التطبيقات في الدرس البلاغي ليست أمرًا سهلًا، فهي المقياس الذي تظهر فيه قدرة البليغ ومهارته.
  • فيمكن لأي شخص أن يقوم بجمع قواعد البلاغة وأصولها في صفحات ولكن ليس كل شخص يستطيع تطبيق تلك القواعد على الأمثلة العملية والنصوص البلاغية.
  • وهذا التطبيق أو المنهج العلمي التذوقي هو أصح المناهج وأقومها في دراسة البلاغة.
  • فإذا فقد المنهج الذوق، صار مجرد أصول علمية شاحبة لا لون لها ولا طعم.
  • وإذا فقد الذوق المنهج كان ضربًا من الأهواء والتحكمات الشخصية تدفع إلى متاهات معقدة، والتطبيق على قواعد البلاغة من الأمور الصعبة التي تتطلب الذوق بجانب الأصول والقواعد.
  • لذلك فتطبيقات الزمخشري تعد من إضافاته لأنها تنبثق من حسه وذوقه.
  • كما تأتي أهمية تطبيقات الزمخشري في أنها تعتبر دليلًا على صحة ما عرضه الإمام عبد القاهر من قواعد وأصول بلاغية.

البلاغة بعد الزمخشري

  • تعد البلاغة قد انقطعت عن هذا الاتجاه بعد تطبيقات الزمخشري فليس هناك شيء من المؤلفات يصلح لأن يكون امتدادًا كامتداد الزمخشري التطبيقي لعبد القاهر.
  •   ثم انشغلت الدراسات البلاغية بمنهج أبي يعقوب في كتابه المفتاح.
  • وقد استمد منهج السكاكي مادته من كلام عبد القاهر والزمخشري، ولكنه لم يستطع المحافظة على الروح الأدبية عندهما لأنه أراد أن يلخص، والتلخيص يفسد البلاغة.
  • وقد وقفت بلاغتنا العربية عند هذه النقطة فقد استكفى البلاغيين بمنهج السكاكي ومن بعده لسهولته وسهولة حفظه.

منهج البلاغة في تفسير الزمخشري

  • كان الزمخشري يذكر النظم ويهتم به، وعلم محاسن النظم، وتجاوب النظم، وهي نظرية معاني النحو التي اهتم بها الإمام عبد القاهر.
  • كما كان يذكر علم المعاني وعلماء المعاني، وكذلك علم البيان.
  • كما كان كذلك يقف عند مفردات النص، ويشير إلى تمكن الكلمة من سياقها، وملاءمتها لصاحبتها من حيث مادتها وهيئتها، جمعًا أو إفرادًا، وصيغتها فعلًا أو اسمًا.
  • كما اهتم الزمخشري بالنظر في معاني أدوات الربط، كالفاء وثم وإن وإذا، وحروف الجر، ويفسر مواقعها تفسيرًا أدبيًا ممتازًا.
  • وكان الزمخشري يقف عند أحوال صياغة الجملة، ويقوم بتفسير خصائصها تفسيرًا بلاغيًا، ويدرس التقديم وصور الأمر والنهي، والنفي والاستفهام، وغير ذلك مما يتصل بالجملة.
  • درس الزمخشري في تفسيره العبارة والفقرة، فينظر في الفواصل القرآنية وملاءمتها للمعنى ومضامين الآيات.
  • كما اهتم الزمخشري بدراسة الفصل والوصل، والالتفات وأسلوب التكرير، والاختصار وترتيب الجمل.
  • ووقف الإمام الزمخشري على صور البيان مفسرًا ومحددًا ودارسًا، فيذكر التشبيه التمثيلي، والمجاز، والكناية، والاستعارة والتعريض.
  • كما ذكر الزمخشري ألوانًا من ألوان البديع، ويشير إلى قيمتها البلاغية وكونها من صميم البلاغة العربية.

أثر الكشاف في الدراسات البلاغية

  • كان أثر البلاغة في تفسير الزمخشري واضحًا، في كل ما كتب في البلاغة بعد الكشاف.
  • وكان من أهم الكتب التي تأثرت به المفتاح، وما دار حوله من دراسات، وكتاب المثل السائر، وكتاب الطراز.

مكانة البلاغة في تفسير الزمخشري

  • يقول العلامة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى: فبلاغة عبد القاهر التي راقت كثيرًا من الباحثين المحدثين أضعها بعد بلاغة الزمخشري، لأن التحليل والتفسير الذي هو من صميم البلاغة أشمل وأدق وأقرب إلى الموضوعية والتعليل من دراسة عبد القاهر.
  • كما أن كل صفحة كتبها الزمخشري له صفحة مشرقة في دراستنا اليوم وغدًا، ولو استطاع باحث معاصر أن يبدأ من حيث انتهى الزمخشري وأن يضيف قدر ما أضاف الزمخشري إلى أستاذه عبد القاهر لكان رائدًا من روادنا، فالزمخشري قبل أن يتصدى لهذا الدرس البلاغي العظيم كان واسع الاطلاع على ثقافات متعددة غير الثقافة العربية.

الأصول التي اعتمد عليها الزمخشري

ومن هذه الأصول التي يذرها الشيخ محمد أبو موسى على سبيل المثال لا الحصر:

  • علم المناسبة، أي دراسة المعاني والقول في صحتها وتناقضها وأنواعها وأجناسها وتآخيها وتناسبها ومحاولة الكشف عن الأسس التي سار عليها نسق الجمل والآيات وكيف تترابط وتتوحد، وهذا العلم لم يحاوله إلا دقة من العلماء لدقته وصعوبة مسلكه.
  • كانت دراسة المناسبات في النص سبيلًا إلى دراسة تحليلية أوسع، فهو يصف النص ويشير إلى بعض الظواهر الفنية في الأسلوب، يراها من مكامن القوة والتأثير.
  • إدراك الزمخشري تطور الشكل الأدبي، فيتحدث عن نمو الفكرة وتصاعدها والمعاني التي تتوالد من بعضها.
  • اهتداء الزمخشري إلى طريقة التشخيص والتجسيم، كذلك درس التخييل الحسي في القرآن الكريم، وتنبه إلى أن القرآن الكريم يعتمد في تعبيره على هذه الوسائل وأنها من التعبيرات المفضلة في بلاغة القرآن الكريم.
  • التمثيل وأثره في الحركات في الحياة الأدبية والنفسية فهو قادر على لفت النفس وبيان عيوبها ونقائصها، وهذا يتحدث عنه الزمخشري في القرن السادس.
  • إشارات الزمخشري في كشف النسق النفسي في أسلوب القرآن الكريم، وهذا الجانب يعد من الجوانب النادرة جدًا في التفسير للقرآن الكريم، فقام الزمخشري بالإشارة إلى هذه الزاوية وربط الكثير من الفنون والخصائص البلاغية بأحوال النفس.
  • ملاءمة الكلمة القرآنية سياقها، حيث هو تطبيق عملي للكلمة المشهورة لكل مقام مقال، وهذا من أدق بحوث النقد الأدبي، لأن الكلمة في النص هي التي تهدينا إلى كل آفاقه.

 

كانت تلك بعض الجوانب البلاغية من تفسير الكشاف للزمخشري، وأثرها الكبير على الدراسات البلاغية التالية وكنه أهم تطبيق عملي لنظريات وقواعد البلاغة المختلفة، نرجو من الله تعالى أن يقيد لهذا النوع من تفسير القرآن الكريم من يأتي بالجديد في بلاغة القرآن الكريم كما استطاع الزمخشري أن يأتي بالجديد بتطبيقه القواعد على النص القرآني، اللهم علمنا من كتابك ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا.تابعونا على الموسوعة ليصلكم كل جديد.

المصدر:

البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري وأثرها في الدراسات البلاغية للدكتور محمد حسنين أبو موسى.            

 

Source: mosoah.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!