التفهم العاطفي (الجزء الأول)

قد يطرأ على أذهان البعض منا احد التساؤلات وهي هل يمكنني أن أحب وأن أنحب؟؟ بينما قد يقاوم بعض الأزواج هذه الفكرة بملابساتها وتناقضاتها؟

بل وقد يكون أحدنا لا يعرف كيف يتعامل مع مشاعره ومع مشاعر الزوج الآخر!!

الحب الذي نطلبه من أزواجنا ومن والدينا ومن أسرتنا محاط بالكثير من الوضوح والبساطة والتلقائية والتفهم العاطفي وهو ما يقدم لنا، أو ما نستقبله بإحساسنا، أو ما نسعى للوصول إليه.

معظم الناس ينتمون إلى أزواج أو عائلات متقاربة ومتحابة لكنهم لا يعرفون كيف يكسبون هذه العائلات ويتفهمون مشاعرهم.

وقد يشعر بعض الأزواج أن عليه أن يحب الطرف الآخر لأنه قد ارتبط به ولا بد أن يعبر عن المشاعر تجاهه سواء أكانت مجاملة أو حقيقة أو تجملا، إلا أن الأغلبية لا يعلمون أن رد فعل الزوج الآخر يتوقف على درجة الصدق في هذه المشاعر وينطلق التفهم العاطفي الحقيقي لها من الإخلاص فيها وللزوج الآخر.

متى؟؟؟

·         يمكن كل زوج أن يتفهم المشاعر العاطفية للطرف الآخر ؟؟

·         يمكنه مبادلة هذه المشاعر مع من حوله بصدق؟؟

·         يمكنه تلقي ردود الفعل التي يتوقعها ممن حوله؟؟

قد يشعر أحدنا بالحب لزوجه أو لأفراد أسرته أحيانا لأنهم أفراد من عائلته، بوصفهم أفرادا يجب علينا محبتهم ورعايتهم. ولكنه قد يتناسى أن يحب كل فرد ويتفهم مشاعره وعواطفه لذاته ولما يحمله من مشاعر وصفات.

أين الفجوة؟؟؟

قد يستغرب البعض منا هل توجد بيننا وبين أزواجنا أية فجوة؟! بل هل توجد بيننا وبين أفراد أسرتنا أية فجوات؟! ربما تكون الإجابة نعم، أو أحيانا، أو دائما،  وتعتمد الإجابة على درجة تفهم كل منا لعواطفه تجاه ذاته وتجاه الآخر أو الآخرين، بل وتفهم عواطف الآخر أو الآخرين من حولنا، ومن ثم تحليل الأفعال التي تشير إلى وجود مشاعر صادقة أو مشوشة أو غير ذلك والتعرف على أسبابها وظروفها لنتمكن من الوصول للتفهم العاطفي السليم الذي يُسهم إن شاء الله في إحداث السعادة لذواتنا وأزواجنا وأسرنا ولمن حولنا.

عادة ما تكون هناك فجوة في طريقة الحب المعبر عنها وكيفية قراءتها من قبل الآخر. وكأن البعض من هذه الرسائل مشفرة لا يفهمها إلا من قالها أو ربما بعض الهمهمات أو الرسائل غير اللفظية لا يفهمها المقابل بالطريقة التي عبَّر عنها الزوج،أو ربما اقترنت بلغة الجسد المغايرة عن معنى الرسالة المعبر عنها، ولذلك تكون ردة فعله مغايرة لما سعى إليه وتكون ردة الفعل غير متوقعة من الطرف الأول وتحدث المشكلات، وكما يقال ( النار تأتي من أصغر الشرر). إذ تتعامل معظم العائلات مع الحب باستخدام كلمات أو إيماءات، هذه الكلمات وتلك الإيماءات لا تجعل الحب غامضا وحسب بل تتعداه إلى جعل الحب يترجم إلى معانيه العكسية، إن كانت هناك أية فجوة مما تم ذكرها.

لا شك إن تفرد الشخص بصفاته يؤدي الى تفرده  في أسلوبه وطريقته في التعبير وفي تفهمه العاطفي المتفردة به والتي قد يستخدمها أو تستخدمها للتعبير عن الحب، الحب بين الزوجين أو بين الوالدين والأطفال قد يرسل رسالة أو عدة رسائل، وقد لا يستلم، أو لا يتفهم ما استلمه، اذا تعذر عليه فهم الشريك.

أسباب ضعف التفهم العاطفي

·         اختلاف ثقافة الأجيال وأساليب تنشئتهم

·         تناقض الأساليب العاطفية

·         اختلاف عقلية الرجل عن المرأة وموضوع تسلم دماغ كل منهم وتفسيره للرسائل

·         الفهم الخاطيء للعلاقة العاطفية بين الزوجين

·         الشعور بالحياء أو بضعف الثقة بالذات أو بالآخر

·         أخرى تتعلق بسمات شخصية كل زوج أو بظروف العلاقة الزوجية

من خلال عملي مستشارة في العلاج النفسي والأسري تتقدم العديد من الزوجات بتساؤلات عدة منها:

لماذا لا يفهم أزواجنا مشاعرنا بينما نحن نقدم المشاعر والإهتمام والعواطف بأطباق منوعة نعبر فيها عن انتمائنا وحبنا وإخلاصنا لهم ولأسرهم ولأولادنا؟؟

لماذا يفكر الطرف الآخر بذاته ويتناسى شراكة علاقتنا الزوجية؟؟

لماذا ينتظر الشريك تلقي العاطفة والاهتمام مني ولا يبادر هو لرفدي بها؟؟

وتساؤلات أخرى؟؟؟؟

ومن خلال آلآف  الحالات والرسائل التي وردتني خلال الأعوام العشرة الأخيرة الماضية، أتحسس وجود هذا الصراع العاطفي، والصراع الخفي بين الخوف والحب، الخوف من والخوف على، والسعي لتحقيق العديد من الطموحات دون بذل الجهد لتعلم مهاراتها، و كان هذا الأمر من أهم أسباب البدء بكتابة هذا المقال لأن أفكارنا تسيطر على سلوكياتنا، ومشاعرنا رهينة لتنشئتنا وثقافتنا، ومستقبلنا يعتمد على توفيق الله سبحانه وعلى قناعاتنا، فلنبدأ اليوم من جديد ونعاهد الله سبحانه على أن نكون مخلصين ، وتلقائيين، ومتفهمين في مشاعرنا تجاه أنفسنا أولا وتجاه أزواجنا وأولادنا ومن حولنا، وتجاه أولئك جميعا وتجاه وطننا ومجتمعنا وأمتنا.

ولذلك أقترح على الأزواج تحديد جلسة للتفهم العاطفي في حياتهم في بداية العلاقة الزوجية أو أثنائها، على اعتبار أن العواطف الزوجية تتحول من مشاعر عاطفية حميمية إلى مشاعر حب تقليدية بينهم وبين أبنائهم فقط، وهذا قد يؤدي في أغلب الأحيان إلى الملل العاطفي والطلاق العاطفي بل وربما إلى الإنصراف للحصول على مشاعر عاطفية من جهة أخرى كعودة الزوج إلى أسرته ووالدته ليحقق التوازن الذي يحتاجه من الاهتمام والمشاعر الصادقة، وقد يلجأ البعض إلى الإنغماس بعمله لينال الحب والعاطفة التي يحتاجها من خلال التعزيز المهني والنجاح في أدائه لمهامه الوظيفية.

ولكي نُفعل التفهم العاطفي لدينا ولدى أزواجنا وأفراد أسرتنا لا بد من العمل من خلال تفهمنا لما يأتي:

·         أن الزوجة تستجيب لمشاعرها أكثر من استجابة الزوج لها بعدة أضعاف وفقا لنواحي فسلجية في دماغها، ولذلك فهي تتأثر أكثر من الزوج بهذه العواطف.

·         تهتم الزوجة بالتعبيرات الرمزية، وبالتفكير بصوت مسموع أكثر من الزوج مما يؤدي إلى إتهام الزوجة لزوجها بأنه لا يتفهم مشاعرها ، أو اتهامه لها بالسطحية أو بعدم تقديرها للمسؤولية التي لديه.

·         يستخدم أغلب الأزواج عند التعبير عن عواطفهم التعبير المادي أو السلوكي الملموس أكثر من التعبير الكلامي، مما يؤدي إلى شعور الزوجة بأنه يشعر بالملل في العيش معها، أو يُشعرها بالتهديد العاطفي من خارج أسوار العلاقة الزوجية.

·         تفكير الزوج الصامت قد يتسبب أو يؤدي إلى الإحباط عند بعض الزوجات ويعزفوا عن الاسترسال في اشاعة الحب لأزواجهم وقد يتعذر عليهم تحديد نوع المشاعر المحببة لدى الشريك.

خطوات عملية للتفهم العاطفي الناجح

·         قال تعالى ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) لنتعلم القول اللين لأنه يؤثر على ردة فعل الزوج الآخر.

·         لنتعلم التحدث بكلمات ايجابية لطيفة تشيع اجواء الفرح والمودة والاحترام بيننا وبين من حولنا إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم” الكلمة الطيبة صدقة“.

·         أن لا نسخر من مشاعر الزوج الآخر ونتقبلها لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في الآية الكريمة:

·         ) لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم(

·         إظهار السعادة من قبل الزوجين عند رؤية بعضهما والترحيب بوجود الآخر، وأن يتخللها أوقات من الصراحة والتعبير بعبارات بعيدة عن المبالغة وفي الاوقات المناسبة ، كما كان ذلك بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها، إذ كانت ترحب به عند قدومه وتشيعه عند خروجه.

·         يكتمل الحب والتعامل مع الزوج الآخر عندما يكون الحب لله وفي الله، فلنتحاب في الله ولله ولنبدأ من اليوم في حب كل زوج لزوجه أِشد من حب الزوج الآخر له لينعما بحلاوة الإيمان والسعادة والاستقرار.

استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

للموضوع تتمة في مقال ” التفهم العاطفي الجزء الثاني

الدكتورة: فائقة حبيب

خبيرة ومستشارة في العلاج النفسي والأسري

drfaiqah @yahoo.com

 

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!