أيدينا مصدر حيويتنا، إذ أننا نعمل ونتواصل مع الآخرين بها. والمرض والتمزق اللذان يصيبان اليدين نتيجة استعمالاتنا قد يؤديان إلى التسبب في حدوث حالات مرضية مؤلمة.

والنساء هن الأكثر عرضةً للإصابة، على وجه الخصوص لواحدة من مشكلتين أو كليهما:

  • التهاب دي كويرفين لغمد الأوتار (بالإنجليزية: De Quervain’s tenosynovitis).
  • التهاب غمد الأوتار المتضيقة (بالإنجليزية: Stenosing tenosynovitis) (أو الإصبع المقداح، أو إصبع الزناد Trigger finger).

وكلتا المشكلتين تصيب أوتار اليد. ومن المعروف أن الأوتار تربط ما بين عضلات ساعد اليد وعضلات الرسغ، مع العظام الموجودة في الأصابع والإبهام، الأمر الذي يسمح لنا بثني الرسغ ومفاصل اليد وتحريك أصابعنا وكذلك الإبهام.

وتبقى الأوتار في مكانها بفضل وجود الأغشية الليفية، التي يكون شكلها شبيها بشكل أنبوب، وهي الأغمدة (بالإنجليزية: Sheaths).

والأوتار تكون مغطاة بنسيج منزلق يسمى الغشاء المصلي (بالإنجليزية:Synovial membrane) الذي يساعدها على الانزلاق بنعومة عبر الأغمدة.

ونتيجةً للإكثار من الاستعمال، أو بسبب وجود حالة مرضية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، أو أحياناً، من دون سبب واضح، فقد تتعرض الأوتار والأغمدة الوترية للالتهاب، والتورم، وتزداد سمكاً، مسببة الألم الذي يقود إلى الحد من الحركة. تسمى هذه الحالة التهاب غمد الأوتار (بالإنجليزية: Tenosynovitis).

اقرأ أيضاً: آلام اليدين: أعراضها، أسبابها وعلاجها

التهاب دي كويرفين

التهاب غمد الأوتار المسمى “التهاب دي كويرفين لغمد الأوتار” هو التهاب مؤلم للأوتار الموجودة في الرسغ، ويؤدي إلى إبعاد الإبهام ومدّه، وكذلك يؤدي إلى التهاب النطاق الليفي أو الغمد، الذي يحيط بتلك الأوتار.

وأبرز أعراض هذا الالتهاب حدوث ألم في قاعدة الإبهام، وفي بعض الأحيان يمتد الألم ليشمل ساعد اليد، خصوصاً عند الحركة التي تتطلب تحريك الإبهام والرسغ، مثل الإمساك بالأشياء.

وقد يظهر أيضاً تورم على جهة الرسغ من جانب الإبهام، كما قد يظهر في بعض الأحيان كيس مليء بالسوائل، فتصبح عمليات بسيطة مثل رفع كوب القهوة أو تقشير الخضراوات، مستحيلة.

الأسباب

الاستخدام الزائد عن الحد للرسغ و اليد هو أحد الأسباب الرئيسية. وهناك وتران رئيسيان وهما وتر المقربة الطويلة (بالإنجليزية: Abductor pollicis longus tendons)، ووتر المقربة القصيرة (بالإنجليزية: The extensor pollicis brevis) يربطان بين الإبهام وساعد اليد، ويمتدان عبر الغمد الليفي في الرسغ.

وفي حالات مد الإبهام بشكل متكرر، أو تكرار الإمساك بشيء وليّه بالإبهام مع تدوير للرسغ، فإن الأوتار يمكن أن تتعرض للالتهاب، كما قد تتضيق أغمدتها، الأمر الذي يحد من حركة الأوتار.

وإن تركت تلك الحالة دون علاج فإن الالتهاب والتضيق المتزايد قد يتسببان في ظهور ندوب تعوق أكثر من حركة الإبهام.

ويطلق على التهاب دي كويرفين أحياناً اسم “رسغ الطفل” أو “إبهام الأم”، لأن هذه الحالة تظهر لدى الأمهات الجدد، ربما بسبب تكرارهن لحركات تتعلق بالعناية بأطفالهن. كما أنها قد تكون ناجمة عن تعرض الإبهام إلى الضرر نتيجة حالة من الالتهاب مثل التهاب المفاصل الروماتويدي. إلا أن سبب المشكلة غالباً ما يكون غير واضح.

التشخيص

يفحص الطبيب الإبهام ويتعرف على الألم في قاعدته أثناء تنفيذ المريضة لحركات اليد والإبهام.

ويسمى أكثر الفحوصات شيوعاً “مناورة فنكلشتاين” (بالإنجليزية: Finkelstein maneuver)، إذ يطلب الطبيب إغلاق أصابع اليد الأربعة على إبهامك، ثم يقوم بليّ رسغ يدك بسرعة باتجاه الإصبع الصغير فيها. وهذا ما يقود إلى مط الوتر عبر الغمد المتضيق، وهي حركة مؤلمة جداً لدى المصابين بالتهاب دي كويرفين.

العلاج

العلاج الأساسي هو الراحة، ووضع كمادات الثلج، وتناول أدوية مضادات الالتهاب غير السيترويدية.

والراحة مهمة بشكلٍ خاص، لأن الاستعمال المتواصل للإبهام سوف يحفز ظهور الالتهاب. وإحدى وسائل إراحة الإبهام والرسغ هي استعمال جبيرة تغطي الإبهام والرسغ، إلا أن الأطباء مختلفون حول وقت استخدام هذه الجبيرة، إذ يرى بعضهم ضرورة ارتدائها دوماً لفترة ستة أسابيع، بينما يوصي آخرون بارتدائها عند حدوث الألم فقط.

ولتخفيف الألم توضع كمادة من الثلج على الرسغ لفترة 15 دقيقة كل أربع إلى ست ساعات، ويتم تناول الأدوية. وإن لم يخف الألم خلال ثلاثة أسابيع قد يصف الطبيب حقنة من الستيرويدات تحقن في غمد الوتر. وإن أخفقت كل تلك العلاجات فإن الخطوة التالية هي إجراء جراحة لفتح الغمد، بهدف فسح مجال أكبر للأوتار.

وبعد أن يهدأ الألم ويزول الورم، فإن تمارين المط البسيطة يمكنها أن تساعد في إعادة الحركة الطبيعية إلى الإبهام والرسغ. ويجب تدليك قاعدة الإبهام وراحة اليد قبل إجراء تمارين مط الإبهام.

إصبع الزناد

وإصبع الزناد (Trigger finger) هو حالة مؤلمة ينغلق فيها الإصبع أو الإبهام على نفسه، عندما يقوم الشخص بتحريكه أو ليّه. وقد سمي بهذا الاسم لأن هذه الحالة مشابهة لصوت الإصبع عند طقطقته. وتظهر هذه الحالة لدى الأشخاص في أعمار الأربعينات والخمسينات، وهي أكثر انتشاراً بـستة أضعاف لدى النساء من الرجال.

الأعراض

أول أعراض هذا المرض ربما هو الألم، وتزايد سمك قاعدة الإصبع أو الإبهام. والصفة المميزة له هي حدوث طقطقة تشبه زناد المسدس، وتظهر تدريجياً أو فجأة، وقد ينتشر الألم “شعاعياً” إلى راحة اليد أو إلى نهاية الإصبع والإبهام.

وقد تظهر حالة انغلاق الإصبع أو الإبهام و ميله نحو راحة اليد عند الاستيقاظ، لكن الإصبع يتحرر من وضعيته تدريجياً مع مرور الوقت.

وتبدو المشكلة وكأنها تكمن في البرجمة (مفصل الإصبع) الوسطى للإصبع أو العليا للإبهام. إلا أنها في الواقع مشكلة في قاعدة الأصابع تؤثر في مفاصلها. وفي بعض الأحيان يمكن تحرير مفصل الإصبع بتدليك قاعدة الإصبع.

الأسباب

الحركات المتكررة أثناء العمل قد تتسبب في حدوثه، إلا أن الأبحاث حول هذه المسألة متناقضة. كما أن إصبع الزناد يرتبط أيضاً بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض السكري (المصابون بالسكري يتعرضون أربع مرات أكثر لحالة إصبع الزناد). ولكن، في بعض الأحيان يظل السبب مجهولاً.
وتظهر هذه الحالة المرضية عندما تظهر عقدة على الوتر، أو تتورم بطانته (الغشاء المصلي synovial membrane)، ونتيجة لذلك فإن الوتر، وبدلاً من المرور بمرونة عبر الغمد الليفي الذي يمر فيه عادة، يصبح عالقاً، مما يتسبب في حدوث الألم والتصلب.
كما يمكن أن تحدث حالة إصبع الزناد بسبب الالتهاب الذي يحدث في الغمد المتضيق. وفي كلتا الحالتين تنشأ حلقة مفرغة، فكلما علق الوتر ازداد التورم والانزعاج، وكلما ازداد التورم والانزعاج ازداد احتمال أن يصبح الوتر عالقاً.

التشخيص

المؤشر الرئيسي للحالة المرضية هو تاريخ تصلب الإصبع المصاب، أو طقطقته عند مطه أو ثنيه. والتصوير بالأشعة السينية ليس ضرورياً للتشخيص.

يقوم الطبيب بفحص التورم في قاعدة الإبهام عند فتح وغلق اليد وتحريكها. وتوجد حالة أخرى تسمى “تقفع أو تصلب دوبويتران” (بالإنجليزية: Dupuytren’s contracture)، إلا أنها غير مؤلمة في العادة.

العلاج

أول خطوة للعلاج هي التوقف عن القيام بأي عمل من شأنه زيادة الحالة سوءاً، والخطوة الثانية هي تعطيل أو شل حركة الإصبع أو الإبهام، إما بشدّه إلى إصبع مجاور أو باستخدام جبيرة. ويمكن أن تكون الجبيرة مفيدة في الليل، خصوصا لمنع تصلب الإصبع. ولتخفيف الألم توضع كمادات الثلج وتؤخذ الأدوية غير السترويدية.

وإن كنت تعاني من الحالة، حتى بعد مرور ستة أسابيع من شل حركة الإصبع المصاب، فسوف يوصي الطبيب لك بحقنة من الستيرويدات تحقن في قاعدة الإصبع. وإن لم تتحسن الأعراض بعد ستة أسابيع لاحقة يمكن إعطاء حقنة أخرى.

والعلاجات غير الجراحية لهذه الحالة (ولحالة “دي كويرفين”) فعالة إن تم البدء فيها مبكراً مع تعطيل حركة الأصابع المصابة. ولكن، إن ظلت الحالة كما هي فقد يوصي الطبيب بعملية جراحية، تماثل جراحة حالة “التهاب دي كويرفين”. وتشتمل الجراحة التي تجرى على إصبع الزناد على عملية فتح الغمد لتمكين الوتر من الحركة عبره بسهولة. وقد تستمر الأعراض الجانبية للعملية، وهي التورم والانزعاج، لفترة شهر أو أكثر.

اقرأ أيضاً: التهاب الأوتار

تم نشر المقال في مجلة بلسم العدد 426 من شهر ديسمبر 2010.