نادية سعد الدين

عمان- تواصلت ردود الفعل الفلسطينية المندّدة بمحاولة مستوطن متطرف لإضرام النار في الكنيسة الجثمانية، بمدينة القدس المحتلة، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل لوقف إرهاب المستوطنين واعتداءاتهم المستمرة ضدّ المقدسات الدينية والشعب الفلسطيني.
وتأتي جريمة المستوطن في أعقاب استشهاد فتى فلسطيني لم يتجاوز الثلاثة عشر ربيعا من عمره على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي التي أطلقت نيران عدوانها باتجاهه وهو أعزل، وسط مطالب فلسطينية، مماثلة لمطلب الاتحاد الأوروبي، بفتح تحقيق دولي لمحاسبة الاحتلال على جرائمه، وذلك خلال تشييع جثمانه أمس.
ودانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية “إقدام مستوطن يهودي متطرف على اقتحام الكنيسة الجثمانية في مدينة القدس المحتلة والشروع في محاولة اضرام النار فيها واحراقها، ولولا سرعة تدخل المواطنين والأهالي لإشتعلت النيران فيها وحولتها إلى رماد”.
ونوهت الوزارة إلى “خطورة الجريمة البشعة التي ارتكبها مستوطن متطرف متخف وراء الحركة الاستيطانية اليهودية المدعومة من قبل السلطة الإسرائيلية بكل مكوناتها، حيث حاول الإرهاب اليهودي ضرب قلب الكنيسة الجثمانية، والتي من المفترض أن تخضع لحماية سلطات الاحتلال”.
واعتبرت أن ذلك “يبرز فشل وتواطؤ سلطات الاحتلال مع إرهاب المستوطنين المتواصل، كما يستدعي توفير الحماية الدولية للمقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، التي تتعرض للخطر الإسرائيلي”.
وطالبت الوزارة “بوضع عناصر إرهاب المستوطنين ضمن قائمة الإرهاب الدولي، مع توفير الحماية للأماكن المقدسة والدينية كخطوة أولى نحو توفير الحماية الشاملة للأرض المقدسة تحت الاحتلال وما عليها”.
من جانبها؛ دانت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، “تصاعد أعمال العنف وجرائم الكراهية المنظمة التي يمارسها متطرفون يهود ضد المقدسات الدينية المسيحية والإسلامية، واصفة إياها “بالحرب الطائفية” التي تحدث بحماية وتوجيه من حكومة التطرف الإسرائيلية.
وقالت عشراوي، في بيان باسم اللجنة التنفيذية، إن “هذه الاعتداءات الخطيرة والمعادية للأديان تعدّ نتيجة فكر احتلالي متطرف قائم على العنصرية والتحريض والكراهية في ظل وجود تشريعات تعزز التمييز وإقصاء الآخر وتتنصل من مساءلة ومحاسبة المجرمين، كما تعد تعبيراً واضحاً عن احتلال خارج عن القانون ولا يخضع للمساءلة والملاحقة القضائية”.
وبالمثل، أكد رئيس أساقفة سبسطية للروم الارثوذوكس في مدينة القدس المحتلة، المطران عطا الله حنا، إن “الاعتداء على كنيسة الجثمانية، ومحاولة احراقها من مستوطن متطرف يدل على عقلية عنصرية غاشمة”.
وحمل المطران حنا “سلطات الاحتلال المسؤولية المباشرة عن الجريمة لأنها تتواجد في منطقة حساسة ومقابلة للمسجد الأقصى، حيث تتواجد بها دائما قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية، كما تتحمل المسؤولية عن الاعتداء والجرائم سواء على المساجد والكنائس”.
وأضاف إن “المستوطنين الذين يقتحمون المسجد الاقصى بحماية جيش الاحتلال ويتطاولون على المقدسات الإسلامية هم أنفسهم الذين يتطاولون أيضا على المقدسات المسيحية ويحاولون إحراقها.”
ونوه إلى أن “قيام شابين مقدسيين مسلمين بالدفاع عن الكنيسة وتصديهما لمحاولة حرقها دليل على الوحدة الوطينة الفلسطينية، حيث الجميع مستهدف من الاحتلال والمستوطنين”، مؤكداً أن “القدس تواجه خطراً حقيقياً إزاء محاولات الاحتلال لتهويدها والقضاء على تاريخها الحضاري”.
وأوضح حنا، بأن “الاحتلال يستهدف الشخصيات والمرجعيات الوطنية والدينية في القدس المحتلة لتهميش الحضور الفلسطيني”، مؤكدا ضرورة “استمرار الرباط في المدينة والصمود في وجه سلطات الاحتلال”.
بدوره؛ اعتبر حزب الشعب الفلسطيني أن “قيام أحد المستوطنين بالإعتداء على كنيسة الجثمانية ومحاولة إحراقها، ليست الأولى التي تستهدف دور العبادة والمقدسات الإسلامية والمسيحية، فقد سبقها العديد من الاعتداءات والجرائم التي طالت أيضاً المصلين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين، وخاصة في القدس المحتلة.
ووصف الحزب هذه الاعتداءات “بالأعمال الإرهابية المنظمة”، التي “ترتكبها سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين؛ للنيل من الوجود الفلسطيني، ضمن محاولات تهجير الفلسطينيين من القدس لإحكام السيطرة الكاملة عليها وتهويدها، في مخالفة واضحة لكل القوانين والمواثيق الدولية”.
‎ودعا “القيادة الرسمية الفلسطينية وحكومتها إلى اعتماد خطة وطنية شاملة، للدفاع عن القدس والحفاظ على مؤسساتها وتعزيز صمود سكانها”، مطالباً “المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، وبحق المقدسات الدينية”.
بيدّ أن العدوان الإسرائيلي لا يتوقف عند حدود انتهاك المقدسات الدينية؛ حيث تطال جرائم الاحتلال جموع الشعب الفلسطيني الأعزل، لاسيما الأطفال، أسوة بإعدامه للطفل علي أبو عليا (13 عاماً) بدم بارد، في قرية المغير، شمال شرق رام الله، والذي تم تشييع جثمانه أمس.
من جانبها؛ دانت عشراوي “ممارسات قوات الاحتلال الوحشية المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل”، معتبرة أن “استهداف الأطفال والاستخدام المفرط للقوة والذخيرة الحيّة والرصاص المعدني والمطاطي ضدهم يعد انتهاكاً صارخاً ومباشراً للقوانين والاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي صادقت عليها سلطات الاحتلال العام 1991”.
ودعت “المجتمع الدولي للعمل على إلزام سلطات الاحتلال بوقف سياسات التمييز العنصري وحملات التحريض على الكراهية، ومحاسبتها ومساءلتها على جرائمها وإنهاء احتلالها العسكري وتوفير الحماية العاجلة للشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته”.
فيما دان ممثل الاتحاد الأوروبي، سفن كون فون بورغسدورف، الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الطفل أبو عليا، مطالبا “بفتح تحقيق سريع ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة، حيث يتمتع مشيرا الأطفال بحماية خاصة بموجب القانون الدولي”.
وتساءل بورغسدورف، في بيان له أمس، “كم من طفل فلسطيني آخر سيتعرض للاستخدام المفرط للقوة المميتة من قبل القوات الإسرائيلية؟”، كما ورد في بيانه.
وكان الطفل أبو عليا، استشهد متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال في منطقة البطن، خلال مواجهات اندلعت في المغير، حيث تم نقله على إثرها إلى المشفى في رام الله بحالة حرجة، إلا أن محاولات إنعاشه باءت بالفشل، وأعلن لاحقاً عن استشهاده.