الكاتبة الجزائرية سامية بن دريس: نحن أمة متخاصمة مع ذاتها… تخاف الآخر وترغب فيه

سامية بن دريس من مواليد 16 يوليو/تموز 1971 في فرجيوة ولاية ميلة، حصلت على شهادة الليسانس في الأدب العربي من جامعة قسنطينة، ثم الماجستير من جامعة جيجل. كما تحضر للحصول على الدكتوراه في الأدب الحديث والمعاصر. بدأت الكتابة الأدبية مع بداية التسعينيات، فنشرت قصصها في بعض الجرائد الوطنية وكذلك الإذاعة، ثم انتقلت إلى فن الرواية […]

Share your love

الكاتبة الجزائرية سامية بن دريس: نحن أمة متخاصمة مع ذاتها… تخاف الآخر وترغب فيه

[wpcc-script type=”886baaf19ee0be651d91e045-text/javascript”]

سامية بن دريس من مواليد 16 يوليو/تموز 1971 في فرجيوة ولاية ميلة، حصلت على شهادة الليسانس في الأدب العربي من جامعة قسنطينة، ثم الماجستير من جامعة جيجل. كما تحضر للحصول على الدكتوراه في الأدب الحديث والمعاصر. بدأت الكتابة الأدبية مع بداية التسعينيات، فنشرت قصصها في بعض الجرائد الوطنية وكذلك الإذاعة، ثم انتقلت إلى فن الرواية ناشرة روايتها الأولى «رائحة الذئب» سنة 2015، ثم «شجرة مريم» مع مجموعة قصصية عنوانها «أطياف شهرزاد» سنة 2016، ثم روايتها الثالثة «بيت الخريف» سنة 2017. وحظيت رواياتها ببعض الدراسات الأكاديمية في عدة جامعات وطنية. عن الكتابة وإبداعاتها جاء استعراض رؤية ووجهة نظر الكاتبة خلال هذا الحوار ..

■ كيف ترين مهمة الرواية اليوم .. طرح الواقع أو كسر التابوهات، أم ماذا؟
□ أعتقد أن مهمتها تتمثل في كل هذا وأكثر، قد تكون من مهامها أيضا الحفر في الحياة الإنسانية، في التاريخ، في المكان، في الآتي المجهول، في التقاط حيوات عابرة، لحظات إنسانية، ولعلها بعد كل هذا تتمثل في البحث عن جوهر ما، معنى لحياة إنسانية أقل بؤسا.

■ وما هي مساحة الإجابات والبدائل التي تطرحها الرواية لما هو سائد وموجود في الواقع؟
□ هذا السؤال كان هاجسا بالنسبة لمثقفين سابقين، عن جدوى الأدب عامة، هل للأدب جدوى؟ نعم له جدوى ولكنه لا يظهر كنتيجة ملموسة ومباشرة، ما يقال عن الأدب يقال عن الرواية، الرواية تقدم أسئلة، تشرح واقعا، ولكنها ليست مخولة بتقديم إجابات، إنها تقدم لحظات من المتعة الدافئة، تسرق وقتا من عمر القارئ مقابل لحظات جمالية، يتوقف فيها ليسائل ذاته وواقعه وتاريخه، حسب الثيمة التي تتناولها الرواية.

ما يحقق الخلود للشخصية الروائية هو قدرة الكاتب على جعلها حية ومتحركة بمواصفاتها الإنسانية وبتناقضاتها وعمقها، وتماهيها مع الشخصيات الحقيقية.

■ إلى أي حد تستطيعين أن توازي بين الحـــــلم والواقع؟
□ الكتابة نوع من الموازاة بين الواقع والحلم، والرواية تتسع لذلك، عندما نكتب فنحن نمارس نوعا من الحلم، وأقلها تحقيق حلم الطفولة بأن نصبح كتّابا، ناهيك عن الآمال التي تعتلج في نفوس الشخصيات وفي تعاملها مع الواقع. والكتابة أيضا هي شكل من أشكال المقاومة، مقاومة الواقع.

■ وما الذي يحقق الخلود للشخصية الروائية؟
□ ما يحقق الخلود للشخصية الروائية هو قدرة الكاتب على جعلها حية ومتحركة بمواصفاتها الإنسانية وبتناقضاتها وعمقها، وتماهيها مع الشخصيات الحقيقية، كل قارئ يجد شيئا منه فيها، حتى الأشياء السرية والخفية، التفاصيل الصغيرة، وكل ما من شأنه أن يصنع حياة. تصبح الشخصية كأنها صديق تعرفه، مثلا شهرزاد، عطيل، دون كيشوت، سانشو، مصطفى سعيد، زوربا، وغيرها.

■ هاجس البحث عن هوية للرواية العــربية، كيف ترينه؟
□ مشكلة الرواية العربية، أنها لا تعبر عن هويتها الحقيقية، فلمَ يستفيد الكتاب الأجانب من ألف ليلة وليلة أكثر مما يستفيد منها الكتاب العرب؟ ولعل مسألة الهوية هي تعبير بطريقة غير مباشرة عن إشكالية أكبر وأكثر تعقيدا، تتعلق بالنظر إلى الذات وإلى التراث والحداثة والعلاقة بالعالم والتماهي مع الواقع، قضية القراءات المبكرة والرواسب الأولى، النصوص الجيدة التي ساهمت في تكوين الذائقة الفنية والجمالية للكاتب. وهي قضايا غير منفصلة عن الوضع العام الذي تعيشه الأمة، أي مسألة التصالح مع الذات، نحن أمة متخاصمة مع ذاتها، وفي الوقت نفسه تخاف الآخر وترغب فيه، اجتماع الحب والكره، الفصل والوصل.

■ هل مازلنا في حاجة للعودة إلى التراث؟ أم قراءة التراث بعين الحداثة؟
□ التراث الأدبي العربي تراث ثري، لذلك فهو بحاجة إلى اكتشاف وإثراء، في مجال السرد على الخصوص، لم يحظ بما يستحقه، الروائي يحتاج إلى التراث في مستويات مختلفة، خاصة على مستوى التقنية، أما عن بقية مكونات التراث كالتراث النقدي والنحوي والتاريخي وغيرها، فلابد من الاستعانة بالمناهج الحديثة لإعادة استحضاره.

■ وهل للأدب دوره في المناهج التعليمية لتنمية خيال الطالب ومواهبه الإبداعية؟
□ الأدب الجيد في المناهج التعليمية في المراحل الأولى من العمر، له دور كبير في تنمية المواهب الإبداعية وصقلها وإثرائها، ليس فقط من ناحية الحس الجمالي وتنمية الخيال بل من الجانب التربوي والأخلاقي والإنساني، وفي بناء الشخصية المستقلة والمتفتحة والمثقفة، للأسف هناك القليل جدا من هذا في المناهج التربوية الجزائرية. سواء بالنسبة للنصوص التراثية أو الحديثة.

■ من خلال كتاباتك .. إلى أي مدى انعكست صورة الأم ودورها؟
□ هناك حالة من الاستقلال عن والدتي، ولكني مازلت أحمل تراثها وشيئا من روحها، بالنسبة إلي انفصالي الأكبر كان عن جدتي لأمي، فهي مدرستي الأولى، سواء على مستوى الثراء الروحي والجمالي الذي كانت تحظى به، فقد كانت امرأة متصوفة تعيش في عالم خصب، أو على مستوى الحكايات الحاملة لذلك العالم والتي لم تفرط في نقلها إلى أحفادها. قبل مرحلة النضج كنت أتساءل: لماذا يقول كبار الكتاب أنهم يكتبون انطلاقا من طفولتهم؟ ثم اكتشفتُ أننا نكتب من مخزون الذاكرة، الذي تشكل الأم أو الجدة أحد محاوره الأساسية. أما ما بقي من أمي أو بالأحرى جدتي، هو تجسدها بطريقة أو بأخرى في بعض أعمالي الروائية، مثلا شخصية ذهبية في «رائحة الذئب» فيها بعض ملامح جدتي. نفس الشيء بالنسبة لرواية «بيت الخريف».

هناك مبالغة في الاحتفاء بالرواية، مع التركيز على الجانب الكمي. لا بأس أن يكون هناك تراكم، ولكن ليس على حساب الجانب الجمالي والفكري.

■ لا يحقق الأدب بعده الإنساني إلا بعد أن يغوص المبدع في المحلي أو الخاص إلى أقصى درجة ــ حسب قول جابر عصفور ــ هل ترين أن الإبداع الروائي العربي حقق هذا الشرط، أم أن لكل تجربة ظروفها؟
□ بالنسبة إلي أنطلق مما هو محلي، من قريتي ومن تراثها وحكاياتها وأغانيها وأمثالها، من المهن، من الطبيعة ومن كل ما يميزها، وطبيعة الموضوع هي التي تفرض طبيعة حضور المحلي ومدى تعبيره عن الصفات الإنسانية، جل الأعمال الروائية العظيم انطلقت من بيئتها المحلية وارتادت آفاقا إنسانية، القرى المغمورة والمدن الصغيرة أو الكبيرة بأهلها وتصرفاتهم وأنماط سلوكهم، خلدتها الروايات الكبيرة، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، قدرة الرواية على التجاوز تنطلق من الثقافة المحلية أي المختلفة عن بقية الثقافات الأخرى ولكنها تلتقي معها في جوهرها الإنساني.

■ ما رأيك في الاحتفاء المبالغ فيه بالكم اللامحدود من الإنتاج الروائي الأسبوعي والشهري والنصف سنوي وربما يصبح يوميا بعد هذا؟
□ هناك فعلا مبالغة في الاحتفاء بالرواية، مع التركيز على الجانب الكمي. لا بأس أن يكون هناك تراكم، ولكن ليس على حساب الجانب الجمالي والفكري، فالروايات الجيدة تبقى لها مكانتها، والعبرة ليس في عدد الروايات التي يكتبها الروائي، ولكن بالروايات الجيدة التي يكتبها، أي ألا يكرر نفسه في كل عمل، بمعنى أن ثيماته وأساليبه وتقنياته تكون مختلفة عن سابقاتها، وحبذا لو كانت تحمل قيمة مضافة للرواية وللأدب عامة.

■ وماذا عن النقد اليوم، وهل أخذت أعمالك حقها من المتابعة النقدية؟
□ مشكلة النقد أنه محصور في الجامعات، وبطابع أكاديمي لا يصل إلا إلى فئة خاصة من الجمهور، أما النقد الصحفي فهو ـ في الغالب ـ لا يطرح الأسئلة الجادة، أسئلة الكتابة، وأسئلة الوجود الكبرى والواقع، فلم يستطع فتح نقاش بين الكتاب والقراء، كأن املاءات الواجب هي التي تفرض نفسها، وليس الشغف بالأدب في ذاته، مع وجود بعض الاستثناءات. لم تحظ أعمالي بالمتابعة، ماعدا بعض الرسائل الجامعية التي تتناولها من أجل إعداد الحصول على الماستر أو الدكتوراه.

■ هل تسعين وراء الترجمة؟
□ كل كاتب يحلم بأن تترجم أعماله إلى لغة أو لغات أخرى، ليصل إلى أكبر عدد من القراء، والحقيقة أنني لا أدري ماهي المقاييس التي تعتمد لترجمة أعمال دون أخرى، هل يتعلق الأمر بالجودة أم بالمقروئية؟ وأنا في الحقيقة أعيش فيما يشبه العزلة ولا علاقة لي بالفاعلين في مجال الترجمة.

■ وهل تطمحين لتحقيق أسلوب جديد؟
□ الطموح لتحقيق أسلوب جديد قد لا يكون أمرا متاحا، ما أطمح إليه هو أن أقدم أسلوبا مختلفا.

٭ كاتب وصحافي ليبي

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!