د.غسان الطالب

نتوقف اليوم للحديث عن أهمية الإنتاج المعرفي في قطاع التمويل الإسلامي، فالانتاج المعرفي والتعامل معه في المؤسسات الانتاجية بشكل عام ليس له سقف أو حدود ورقية نقف عندها بل هو فضاء رحب وواسع مع ما يشهده العالم من تسارع علمي واستكشافي متمثلا في ثورة الاتصالات والمعلومات والتطور التكنولوجي الذي يشمل كافة مناحي الحياة وخاصة ما يتعلق بالجانب الانتاجي والذي احيانا ما يؤثر في السلوك الاجتماعي والثقافي لأفراد المجتمع، بحيث لم تعد معها الأصول المادية لأي منشأة إنتاجية هي المحدد الرئيسي للعملية الإنتاجية سواء كانت سلعية أو خدمية بل دخل مفهوم جديد للأصول المساهمة في العملية الإنتاجية وهو الأصول المعرفية والتي هي في النهاية تمثل رأس المال المعرفي في حدوده العلمية والتكنولوجية المتابع والمتفاعل مع التطور السريع في إنتاج المعرفة بشقيها الفكري والتكنولوجي المرتبط في إنتاج أفكار جديدة أو تطوير الموجود منها اصلا والقائم عليه عمل المنشأة، لهذا لايمكن فصله عن رأس المال البشري بما يمثله من مجموعة خبرات ومعرفة يمتلكها العاملون أو القائمون على العملية الإنتاجية وبالتالي سوف ينعكس ذلك على اداء المنشأة، هذا من جانب ومن جانب آخر فإنه يساهم في تطوير الأفكار والفلسفة القائمة عليها المنشأة مما يساعدها على التقدم والتطور وتحسين مستوى الانتاج.

ومن البديهي عندما نكون قادرين على إنتاج المعرفة في صناعتنا المصرفية الإسلامية فستكون الفرصة متاحة لابتكار أدوات مالية تنسجم مع التطور المعرفي المنشود في هذا القطاع تؤدي الى تنويع الأدوات التمويلية ووسائل إدارتها، بهدف تحقيق الكفاءة في المنتجات المالية الإسلامية وتطويرها بما يتلاءم والاحتياجات المالية المتنوعة والمتجددة، وأمام هذا الواقع فان قطاع الصناعة المصرفية الإسلامية يواجه تحديا ليس بالسهل وعليه ان يختار الولوج في الإنتاج المعرفي وينتقل لمرحلة أكثر جرأة في طرح مبتكرات جديدة ولا ينبغي لها ان تنتظر ماذا تطرح الأسواق المصرفية من أدوات مالية جديدة حتى نطرح البديل لها إسلاميا فهذا سوف يؤدي إلى خنق الصناعة المصرفية الإسلامية وتراجع نموها مع الوقت بانتهاج سياسة الابتكار وتطبيقها في الواقع، وتحديد أسس موضوعية لمثل هذه الخطوة وتحديد كفاءة منتجاتها ومدى فعاليتها في إيجاد حلول تمويلية ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية وانسجامها مع المعايير الشرعية التي تنظم ادائها.

ما نرغب الوصول اليه من هذه المقدمة هو القول بأن الصناعة المصرفية الإسلامية معنية في مجاراة ثورة المعرفة لما شهدته في السنوات الأخيرة من نشاط متميز في قطاعي التمويل والاستثمار الملتزمين بمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، إضافة إلى الاهتمام بجانب الخدمات المصرفية ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي لتطوير أدائها، فهي نشأت في مجتمعات تطبق وتتعامل مع نظم مصرفية تقليدية مما فرض عليها نوعا من التحدي الأمر الذي تطلب وجود رأس مال بشري، يمتلك المعرفة التي تنسجم مع خصوصيتها في جانب العمل المصرفي وكذلك معرفة في الضوابط الشرعية للمعاملات المالية وما يرافقها من تطور في المعايير الفقهية أو المحاسبية التي تنسجم مع فلسفتها، ويتصف كذلك بامتلاك المهارات والقدرات التي تناسب طبيعة هذه المصارف؛ نظرا لحجم التحدي الذي تواجهه من جانب ومن جانب آخر حتى تكون قادرة على جذب المودعين وتقديم الخدمات المصرفية اللازمة لمعاملاتهم المالية المنسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية والمنافسة لمثيلاتها في البنوك الأخرى، إضافة إلى قدرتها في البحث عن فرص الاستثمار المناسبة والتي تلبي رغبة المودعين، ثم إدارة العمليات الاستثمارية بالشكل الذي يقلل من ارتفاع درجة المخاطرة والسعي لكسب حصة أكبر من السوق المصرفي.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي

المقال السابق للكاتب

مؤشرات نمو التمويل الإسلامي وإيجابية التفاؤل

[wpcc-iframe class=”wp-embedded-content” sandbox=”allow-scripts” security=”restricted” style=”position: absolute; clip: rect(1px, 1px, 1px, 1px);” title=”“مؤشرات نمو التمويل الإسلامي وإيجابية التفاؤل” — جريدة الغد” src=”https://alghad.com/%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%86%d9%85%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%85%d9%88%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a-%d9%88%d8%a5%d9%8a%d8%ac%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d8%a9/embed/#?secret=vPS33MZtBt” data-secret=”vPS33MZtBt” width=”600″ height=”338″ frameborder=”0″ marginwidth=”0″ marginheight=”0″ scrolling=”no”]

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا