المقـامَــــة الـسـليمـانيـــة

المقـامــــة الـسـليمـانيـــة ما مر من قديم الزمان ملك كملك سليمان فقد علم منطق الطير بلا ترجمان وقد اجتمعت في غيبته الحيوانات والطيور في يوم فرح وسرور وهناء وحبورفقالت البهائم للأسد أيها الأمير اجلس على السرير فإنك أبونا الكبير فتربع جالسا ثم سكت عابسا فخاف الجميع وأصبحوا في موقف فظيع فقام الحمار..

ما مر من قديم الزمان ، ملك كملك سليمان ، فقد علم منطق الطير بلا ترجمان ، وقد اجتمعت في غيبته الحيوانات والطيور ، في يوم فرح وسرور ، وهناء وحبور:size=3>size=3>

  فقالت البهائم للأسدsize=3>: أيها الأمير ، اجلس على السرير ، فإنك أبونا الكبير ، فتربع جالساً ، ثم سكت عابساً ، فخاف الجميع ، وأصبحوا في موقف فظيع.size=3>size=3>

  فقام الحمارsize=3> ، أبو المغوار ، فقال : يا حيدرة ، سكوتك ما أنكره.size=3>size=3>

  فقال الأسدsize=3> : يا حمار البلد ، يا رمز الجلد ، سكتُ لأن الثعلب غاب ، وقسماً لو حضر لأغرزن في رأسه النابsize=3>size=3>

 فقام الذيبsize=3> يتكلم وهو خطيب مصيب ، فقال للأسد : يا أبا أسامة ، إن الثعلب قليل الكرامة ، عديم الشهامة ، فليتك تورده الندامة ، فهو لا يستحق السلامة.size=3>size=3>

 وكان أحد التيوس مع الجلوس ، فانسل إلى الثعلب فوجده يلعب فقال : انتبه أيها الصديق، فالكمين في الطريق، إن الأسد يتوعدك بالذبح ، فاجتهد معه في الصلح.size=3>size=3>

 فقال الثعلبsize=3> : فمن الذي دهاني عنده ، وغير علي وده.size=3>size=3>

 قال التيسsize=3> : هو عدوك وعدوي ، الذي في وادٍ يدوي ، هو الذيب الغادر ، صاحب الخيانة الفاجر.size=3>size=3>

قال الثعلبsize=3> : أنا الداهية الدهياء ، لأنثرن لحمه في العراء ، أما سمعت الشاعر أحمد ، إذ يقول في شعر مسدد : الرأي قبل شجاعة الشجعان    هو أول وهي المحل الثانيsize=3>size=3>size=3>

فلما حضر الثعلب إلى الأسد ، ودخل مجلسه وقعد ، size=3>size=3>

قال أبو أسامة،size=3> والثعلب أمامه : ما لكَ تأخرت يا بليد ، تالله إن الموت أقرب إليك من حبل الوريد . size=3>size=3>

قال الثعلبsize=3> : مهلا أبا أسامة ، أبقاك الله للزعامة ، سمعت أنك مريض ، فذهبت إلى البلد العريض ، ألتمس لك دواء ، جعله الله لك شفاء ، قال : أحسنت ، وسهلت عليّ الأمر وهونت ، فماذا وجدت ، قال : وجدت أن علاجك في كبد الذيب مع حفنة من زبيب. فقال الأسد للذيبsize=3>: أمرك عجيب ، وشأنك غريب ، علاجي لديك ، وقد سبق أن شكوت عليك ، فلما دنا الذيب واقترب ، سحبه الأسد فانسحب ، فخلع رأسه ، وقطع أنفاسه ، ثم سلخ لبده ، وأخرج كبده .size=3>size=3>

 فصاح الغرابsize=3> ، وهو فوق بعض الأخشاب ، يا أبا أسامة ، ما تترك الظلم والغشامة . size=3>size=3>

فرد عليه الأسدsize=3>: اسكت سَدّ الله فاك ، أنسيت أنك قتلت أخاك ، ودفنته في تراب ، ما أقبحك من غراب . size=3>size=3>

قال الغرابsize=3> : يا ظلوم يا غشوم يا مشؤوم . أنا الذي دل على بلقيس يا خسيس ، وجيت سليمان ملك الإنس والجان ، بنبأ من سبأ ، وحملت الرسالة في بسالة ، ودعوت للتوحيد ، وهو حق الله على العبيد ، فبلقيس أسلمت بسببي ، وحسبي معروف ونسبي.size=3>size=3>

 فأعرض أبو أسامة ، وقطع كلامه ، وإذا بحية لها فحيح ، أقبلت تصيح ، قد ذبل شعر رأسها وشاب ، وما بقي لها إلا ناب ، فقال الأسد : من بالباب . size=3>size=3>

قالت الحيةsize=3> : أنا أم الجلباب ، فقال : ما اسمك يا حية ، وما معك من قضية ، قالت : اسمي لس ، وخبري على ظاهر فقس ، أنا كنت اسكن ، في قرية من قرى فلسطين ، رأسي في الماء ، وذنبي في الطين ، فعصى أهل القرية خالقهم ، وكفروا رازقهم ، فساقني إليهم ، وسلطني عليهم ، فقذفت في بيرهم من سمي زعافا ، فماتوا آلافاً ، وهلكوا أصنافاً ، وردم الله عليهم القرية ، لأنهم أهل فرية . size=3>size=3>

فلما ملك سليمان ، اختفت القرية عن العيان ، فأراد أن يرى القرية رأي العين ، فاستدعى الرياح في ذلك الحين ، فقال للريح الشمالية ، هبي قوية ، وأخرجي لنا تلك البئر المطوية ، والقرية المنسية ، قالت : يا نبي الله أنا أضعف من ذلك بكثير ، أنا خلقني ربي لتلقيح الثمار ، بقدرة القدير ، فقال للغربية : أنت لازلت فتية ، فهبي على هذه الدار ، لنرى ما تحتها من الآثار ، قالت : يا نبي الله ، أنا خلقني ربي لتلطيف الهواء ، وتبريد الماء ، ولكن عليك بالدبور ، فإنها التي أهلكت كل كفور . size=3>size=3>

فقال سليمانsize=3> : أيها الدبور ، بأسك مشهور ، وبطشك مذكور ، فأخرجي لنا القرية المنكوبة ، لنرى كل أعجوبة ، فهبت ولها هرير ، وزلزلة وصرير ، فاقتلعت التراب والحجر، ونسفت الشجر ، حتى خرجت القرية واضحة المعالم ، كل شيء فيها قائم ، فوجد الحية في البئر ، بناب واحد صغير ، فسمى القرية باسم البئر وناب الحية ، فصار اسمها نابلس كما في السيرة المرويّة .size=3>size=3>

فقال الأسد للحمامةsize=3> ، يا أم يمامة ، حدثينا عن ملك سليمان ، فلن يملك أحد مثله إلى يوم القيامة .size=3>size=3>

قالت الحمامةsize=3> : حباً وكرامة ، يا أيها الهزبر ، ليس الخَبَر كالـخُبْر ، اعلم أنه ما أصبح يفرح بالملك بعد سليمان ، لما أعطاه الله من الملك والسلطان ، ملك الإنس والجان  والطير والحيوان ، وكلم الوحوش بلا ترجمان ، بنيت له القصور من القوارير ، ونحتت له من الجبال المقاصير ، وخزنت له في البحر القناطير ، وسخر الله له الرياح ، تحمله كل صباح ، فملكه فوق ما يصفه الواصفون ، ولا يعلم ذلك إلا العارفون size=3>size=3>

ثم مرت النملةsize=3> تقفز قفزا ، وتهمز همزا ، وهي تقول : أما علمتم بخبري المنقول ، أنا التي كلمها سليمان ، وأعطاها الأمان ، وسجلت قصتي في القرآن ، أما قلت للنمل ، ادخلوا مساكنكم ، واحفظوا أماكنكم  size=3>size=3>

ثم مر الكلب،size=3> رمز السلب والنهب ، قال : يا جماعة ، اسمعوا مني ساعة ، فأنا مقصود بالمدح والهجاء ، وما زالت الأشراف تهجو وتمدح كما ذكر صاحب الإنشاء ، فأنا أصيد الصيد ، وأقيده بقيد ، وحفظي للبيت سديد ، وبأسي لصاحبي شديد ، لكنني دائما بخس محدث ، كما ورد إن تحمل عليه يلهث ، فلي إصابات وغلطات ، والحسنات يذهبن السيئات ، فلا تظنوا أني آية في الخساسة ، ومضرب المثل في النجاسة ، بل انجس مني ، وهذه فائدة خذها عني ، من ترك العمل ، بلا علم ، وأعرض عن التقوى بعد الفهم ، وأسرف في الظلم . ثم انفض المجلس وقد امتلأت بالأنس الأنفس .size=3>size=3>

واعلم أيها الملهم أن سليمان أعظم من ملك من بني الإنسان ، وأقصر رسالة في الحديث والقديم :  إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِsize=3> .size=3>

ـــــــــــsize=3>size=3>

المصدر/مقامات القرني (بتصرف)size=3>size=3>

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!