بطاقة: عبّو.. امتحان ثالث لوزير متردّد

طموحاته كانت أكبر بكثير ممّا يُظهره من تواضع مزوج بالكبرياء والتّوق الخفيّ للبروز والتّموقع باستمرار تحت الأضواء. نتحدّث عن محمّد عبّو الذي طفا اسمه منذ أيّام حكم بن علي واصطفّ ضمن المعارضين قبل أن يجد نفسه، شأنه شأن من كانوا في شقّه، في الصّفوف الأولى للنّخبة السّياسيّة بعد 14 جانفي 2011.

Share your love

طموحاته كانت أكبر بكثير ممّا يُظهره من تواضع مزوج بالكبرياء والتّوق الخفيّ للبروز والتّموقع باستمرار تحت الأضواء.
نتحدّث عن محمّد عبّو الذي طفا اسمه منذ أيّام حكم بن علي واصطفّ ضمن المعارضين قبل أن يجد نفسه، شأنه شأن من كانوا في شقّه، في الصّفوف الأولى للنّخبة السّياسيّة بعد 14 جانفي 2011.
ولئن وجد عبّو الطّريق مفتوحة أمام طموحاته، فقد كان عليه، هو الذي يحلم بقيادة حزب وبفرض مبادئه وخياراته السّياسيّة، أن يتعامل مع مشهد يتواجد فيه وطنيّون أبرار يرومون خدمة بلادهم وإرساء مبادئ الدّيمقراطيّة والحرّيّة والكرامة، وآخرون استغلّوا التّغيير الحاصل في تونس للقفز على الحدث وركوب القطار وهو يسير وإبراز مواهبهم الإستغلاليّة الرّخيصة ليظهروا في ثوب الأبطال دون أيّ استحقاق يُذكَر.
ولئن اختفى عبّو وراء ظلّ المنصف المرزوقي، فقد ظلّ وفيًّا لمنهجه وهو الذي استقال من منصبه كوزير في وقت كان فيه التّكالب على المناصب شعار المرحلة التي قادتها التّرويكا.
وبعد أن خاب مسعاه في الإنتخابات الرّئاسيّة الأخيرة، فقد استعاد محمّد عبّو عافيته في التّشريعيّة وهو ما فتح أمامه أبواب المشاركة في تركيبة الحكومة الحاليّة، ولو أنّ شروطه تمّ تجاوزها بذكاء من طرف إلياس الفخفاخ والمقرّبين منه.
لكنّ وجود محمّد عبّو كوزير لدى رئيس الحكومة مكلّف بالوظيفة العموميّة والحوكمة ومقاومة الفساد قوبل بارتياح كبير لدى العارفين بالأمور وانتظرنا منه الضّرب بقوّة على الطّاولة لفرض مزيد من الشّفافيّة والإنضباط في إدارة الدّولة على جميع المستويات. ولم تمرّ سوى أسابيع حتّى انطلق مهرجان التّجاوزات والإنفلاتات كما لو لم يتغيّر شيء بعد انتخابات 2019، وهو ما جعل الأعناق تستدير نحو محمّد عبّو المطالب، قبل غيره من أعضاء الحكومة، بدقّ جرس الإنذار وفضح ما يدبّر سرًّا وليلًا وكشفه لعامّة النّاس والتّنديد به واتّخاذ ما يلزم من إجراءات.
غير أنّ الوزير بدا، منذ فترة، متردّدًا جدًّا في التّدخّل وفي القيام بدوره مثلما كان منتظرًا. وقد جاءت حادثة ابنة الوزير أنور معروف وسيّارته الإداريّة التي مرّت مرور الكرام أمام صمت غريب لمحمّد عبّو الذي كاد يجد أعذارًا لهذا التّجاوز المفضوح.
ثمّ جاءت صفقة الكمّامات الصّحّيّة ولجوء وزير الصّناعة إلى نائب بالبرلمان للإستفادة من هذه “المنّة” التي تندرج في الحرب على فيروس كورونا، وهنا أيضًا كان تحرّك عبّو محتشمًا وشبه غائب.
خلال الأيّام الأخيرة، واجه عبّو امتحانًا ثالثًا في ظرف حوالي الشّهر، تمثّل في التّسميات “الغريبة”، المنتظر القيام بها برئاسة الحكومة، وإقتراح تعيين عماد الحمّامي وأسامة بن سالم، وهما قياديّان في حركة النّهضة، مستشارين في ديوان إلياس الفخفاخ وهو، على ما يبدو، نتاج اتّفاق مسبّق بين الحركة ورئيس الحكومة.
فهل سيستفيق محمّد عبّو من غفوته هذه المرّة ويستعيد السّيطرة على الأمور وهو الذي يبدو أنّ الأحداث قد تجاوزته؟
الإجابة قد لا يطول انتظارها، وعندها سندرك إن كانت وعود عبّو حقيقة أم مجرّد “ماعون صنعة” لا يصلح إلّا للحملات الإنتخابيّة…
 

كمال زعيّم

Source: Alchourouk.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!