‘);
}

تعامل الرسول مع الخدم

تعامَل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مع الخدم خير معاملة، فكان يُقابل الإحسان بالإحسان والثناء، أمّا في حال الوقوع بالخطأ منهم فقد كان رسول الله ليّناً رفيقاً معهم، صحّ عن سيدتنا عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما ضربَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، خادمًا، ولا امرأةً قطُّ)،[١][٢] ويروي أنس بن مالك -رضي الله عنه- فيقول: (خدمتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عشرَ سنينَ، فما قال لي أُفٍّ قطُّ، وما قال لي لشيٍء لم أفعلْهُ: ألا كنتَ فعلتَه؟ ولا لشيٍء فعلتُه: لِمَ فعلتَه)،[٣] وكان يوصي أصحابه بالإحسان إلى الخدم، والعفو عنهم، وعدم الإساءة لأيٍّ منهم.[٤]

وقد ساوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الخادم والأخ، فقال: (إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ)،[٥] وإن الله -عزّ وجل- قد يبتلي الإنسانٍ بما هو عليه، فجعل الخادم خادماً، والسيّد سيّداً، ومن الممكن أن تنعكس الأمور فيصبح الخادم سيّداً، والسيّد خادماً، فهو أمرٌ لا يملكه الإنسان، لذلك كانت هناك ضوابط يُعامل بها السيّد خادمه كأخاه، فيُطعمه، ويُلبسه، ولا يُكلّفه بما لا يستطيع، ويُعينه، ثم إنّ كفّارة ضرب الخادم في الإسلام عتْقه، فقد ضرب أبو مسعود الأنصاري خادماً عنده، فإذا برسول الله خلفه يُرشده بأن الله -سبحانه- أقدر عليه من خادمه، فخاف أبو مسعود من ذلك وأعتق خادمه لوجه الله -تعالى-، فبيّن له رسول الله أنّه لو لم يُعتِقه لمسّته النار، وسار رسول الله بهذا النهج مع كل من يضرب خادماً له، وجُعلت الكفّارة عتقه وتركه.[٦]

وتأثّر الصحابة الكرام بهذا النهج القويم، وانعكس ذلك على تعاملهم مع خدمهم، فهناك من لم يُفرَّق بينه وبين خدمه، لِما بينهم من التّشابه الكبير وجلوسهم مع بعضهم؛ مثل عبد الرحمن بن عوف، حيث إنّ من كان يراه لا يُميّز بينه وبين خدمه، ومنهم من أَلبس خادمه حُلّةً كحُلّتِه؛ كأبي ذر الغفاري، ولا ينحصر هذا الرِّفق مع الخدم في الأفعال، وإنّما أمرهم رسول الله بالرِّفق في الأقوال أيضاً، فأمر أصحابه أن لا ينادي أحدهم خادمه بعبدي وأَمَتي، بل يناديه غلامي أو فتايَ، وشمل رسول الله الخدم في وصيّته عند موته، فقال: (الصَّلاةَ وما ملكت أيمانُكم، الصَّلاةَ وما مَلَكت أيمانُكم)،[٧] وتروي عائشة -رضي الله عنها- فتقول: (ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ).[٨][٩]