فرح عطيات

عمان – أظهر تقرير متخصص أن ” تصميم حزم التحفيز الإيجابية للطبيعة يمكن ان يكون المفتاح لمنع تفشي المرض في المستقبل، وضمان الاستدامة طويلة الأجل لسبل العيش وأنشطة الأعمال”.

وفي التقرير، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي اليوم، الى أن” هذه الجهود ستتطلب قيادة قوية من الحكومة في الأردن والعالم، وقطاع الأعمال، والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، بالتعاون بشكل غير مسبوق وعلى كافة المستويات، مع وضع تدخلات مالية شاملة وموجهة”..

وهذا يتطلب، وفق التقرير، الذي حمل عنوان “كوفيد-١٩ والطبيعة مترابطان”، “اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة ليس فقط للاقتصاد، وإنما من اجل بناء قدرة الكوكب، وعلى المدى الطويل لدعم السكان صحيا وانتاجيا”.

ولفت التقرير، الذي أعدته الباحثة في مجال الطبيعة ماري كويني، الى أن ” أزمة فيروس كورونا أظهرت قابلية أنظمة الاردن ودول العالم الاجتماعية والاقتصادية للتأثر بالصدمات”.

ففي الوقت الذي تقوم فيه الشركات بتحديد كيفية الخروج من هذه الأزمة، والحكومات بوضع حزم تحفيز لإعادة بناء الاقتصاد، الا أنه لا بد أن يراعي اختيارها بعناية فائقة، وفق ما ورد فيه.

وبحسب التقرير، الذي نشر باللغة الإنجليزية، ستحدد القرارات المتخذة بشأن كيفية تحفيز النمو والاستجابة لوباء كوفيد-١٩ مستقبل كل من الصحة، والرفاهية، واستقرار الناس والكوكب.

كما أوضح تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في وقت سابق، فإن “أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي في العالم يعتمد بشكل كبير أو متوسط على الطبيعة”. “توفر الطبيعة للشركات والحكومات فرصًا هائلة، فمقابل كل دولار ينفق على استعادة الطبيعة، يمكن توقع ما لا يقل عن ٩ دولارات من الفوائد الاقتصادية”، وفق تقرير المخاطر.

بالإضافة إلى ذلك، وجد تقرير حديث صادر عن تحالف الغذاء واستخدام الأراضي أن “تغيير الطريقة التي نزرع بها، وننتج الطعام، يمكن أن تؤدي إلى إطلاق فرص تجارية جديدة بقيمة ٤.٥ تريليون دولار سنويًا، بحلول عام ٢٠٣٠”.

كما انها توفر “تريليونات الدولارات من الأضرار الاجتماعية والبيئية، وبالتالي، فإن احترام الطريقة التي تعمل بها الطبيعة أمر جيد للأعمال وكذلك للأجيال القادمة”.

ويمكن أن يؤدي التحول نحو الطاقة المتجددة، والاستفادة من مصادر الرياح والطاقة الشمسية المتاحة محليًا، التقليل من البصمة الكربونية للأنشطة الصناعية مستقبلا، في رأي الباحثة كويني. على الرغم من كون الأزمة الصحية الحالية مثالًا مدمرًا، إلا أنها “تعد نموذجا لإمكانات الإرادة السياسية والعمل الجماعي، فضلاً عن ما كشفته من مدى سرعة شفاء الطبيعة إذا سمحنا لها بذلك، لذلك يجب أن نبني على هذا الزخم لتطوير أنظمة تتجنب، أو تمتص أي صدمات لا مفر منها في المستقبل”، برأيها.

ما المطلوب بعد ذلك من أجل الاقتصاد العالمي؟

تقوم كويني، في تصريحات منسوبة لها في التقرير، “نحن في منعطف حرج في مسار التخطيط لكيفية التغلب على هذه الأزمة الصحية العالمية ومعالجة الصدمات الاقتصادية، دون معرفة كيف سيبدو ذلك الامر، لكونه لم يحدد بعد، لكن لا يمكن العودة إلى العمل كالمعتاد”.

وأضافت “يمكن أن يكون تصميم حزم التحفيز الإيجابية للطبيعة المفتاح لمنع تفشي المرض في المستقبل، بالإضافة إلى ضمان الاستدامة طويلة الأجل لسبل العيش وأنشطة الأعمال”.

و”سيكون الاقتصاد الريفي أحد أكبر المستفيدين من التحول نحو تقييم رأس المال الطبيعي والاستثمار فيه، وتأمين الإمدادات المستقبلية من المواد الغذائية والسلع المستدامة”.

إن الصحة والاستقرار الاقتصادي والطبيعة جميعها مترابطة.

إن وباء كوفيد-١٩ كسف عن آثار بشرية واقتصادية لا يمكن إنكارها، وحتى الآن، تسبب الفيروس في أكثر من ١١٩٠٠٠ حالة وفاة مؤكدة في جميع أنحاء العالم، وفقدان الملايين لوظائفهم، لكن هذه الازمة كذلك تعد تذكيراً صارخً لعلاقتنا المختلة مع الطبيعة.

ووضع النظام الاقتصادي الحالي ضغطًا كبيرًا على الطبيعة البيئية، وألقى الوباء الضوء على التأثير الذي ينشأ عند عدم استقرار عنصر واحد في هذا النظام المترابط.

وتوفر الطبيعة السليمة حاجزًا بين البشر والمرض، وغالبًا ما تكون الأمراض الناشئة هي نتيجة للانتهاك في النظم البيئية الطبيعية والتغيرات في النشاط البشري، ففي حين أن أصل فيروس كورونا لم يثبت بعد، فإن ٦٠ ٪ من الأمراض المعدية تنشأ من الحيوانات، و ٧٠٪ من الأمراض المعدية الناشئة تأتي ن الحياة البرية.

farah.alatiat@alghad.jo