تنظيمات إيرانية ومخدرات.. لماذا صعد الأردن من الحرب على المهربين على حدود سوريا؟

يخوض الأردن مواجهة مفتوحة مع مهربي المخدرات على حدوده الشمالية، وتتهم المملكة “تنظيمات إيرانية خطيرة ومليشيات عسكرية” بدعم المهربين. مما يوتر العلاقة المتجددة حديثا بين عمان ودمشق.
(الأردن/ سوريا/ تامر الصماري/ قوات أردنية تتمركز على الحدود الأردنية السورية).
قوات أردنية تتمركز على الحدود الأردنية السورية (الجزيرة)

عمّان- تضع المواجهات المتكررة بين القوات المسلحة الأردنية من جهة، وما تقول عمان إنها “تنظيمات ومليشيات عسكرية ومجموعات تهريب المخدرات” على الحدود الشمالية من جهة ثانية، العلاقات الأردنية السورية في دائرة الخطر.

ويأتي هذا التصعيد بعد أشهر من قيام عمّان بدور لدى الإدارة الأميركية للتخفيف من آثار عقوبات “قانون قيصر” على الاقتصاد السوري، وإعادة دمج النظام السوري بمحيطه العربي وعودته لجامعة الدول العربية.

كما تجيء هذه المواجهات بعد شهور من فتح المعابر الحدودية مع الجانب السوري، والسماح للشاحنات السورية بدخول ومغادرة الأراضي الأردنية باتجاه دول الخليج ومصر، وتسهيل تصدير بضائعها.

آليات حرس الحدود تتجول على طول الخط الفاصل بين البلدين .الجزيرة . الحدود الشرقية الأردنية السورية
آليات حرس الحدود الأردنية تتجول على طول الحدود الشرقية الأردنية السورية (الجزيرة)

ما المواجهة التي يخوضها الأردن على حدوده الشمالية مع سوريا؟

يخوض الأردن -وفق مصدر عسكري- مواجهة مفتوحة مع مجموعات من مهربي المواد المخدرة، مدعومة بقوات عسكرية مدربة، ويستخدم أسلحة متطورة وآليات وطائرات مسيّرة لمراقبة الحدود.

ويتهم الأردن “تنظيمات إيرانية خطيرة” ومليشيات عسكرية بدعم المهربين، وفق مصدر أمني.

ويقول المصدر إن المملكة ” تخوض هذه الحرب نيابة عن دول الجوار العربي والعالم”، خاصة مع وصول المخدرات لدول عربية وأوروبية وتحديدا إيطاليا؛ حيث ضُبطت أكبر عملية تهريب تجاوزت قيمتها المليار دولار في أحد الموانئ الإيطالية، وتحدثت تقارير عن وصول تلك المخدرات لفرنسا ودول أوروبية.

ويؤشر هذا -وفق محللين- إلى أن خطر تصنيع وتهريب تلك المخدرات عابر للحدود، مما يتطلب جهدا عربيا ودوليا لمساعدة الأردن في مواجهة تلك المليشيات المصنّعة والمهربة، فأكبر خطر على الأردن تركه وحيدا في مواجهته لتلك الآفة وللتنظيمات التي تعمل على تهريبها.

عريب الرنتاوي - ما وراء الخبر 29/03/2012
المحلل السياسي عريب الرنتاوي يقول إن العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وسوريا في أدنى مستوياتها (الجزيرة)

ما مستقبل العلاقات بين عمان ودمشق في ظل الحديث الأردني عن عدم جدية السلطات السورية في مكافحة المهربين وانعدام الأمن بالمناطق الحدودية؟

سعى الأردن بعد عقد من الحرب في سوريا وعدم قدرة أي طرف على حسم الصراع فيها لتطبيع علاقاته الدبلوماسية مع النظام السوري، وقاد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني -وفق محللين- مساعي دبلوماسية حثيثة مع الولايات المتحدة، ودول عربية لإعادة دمجه بمحيطه العربي وعودة سوريا لجامعة الدول العربية، وهو ما لاقى ترحيبا من دول عربية ورفضا من دول أخرى.

إلا أن حالة فقدان النظام السوري السيطرة على حدوده الجنوبية، واتهام الأردن لقوات عسكرية سورية -وفق مصدر عسكري- بالتواطؤ مع المهربين وتأمين تغطية أمنية لهم، ومشاركة مخافر أمنية سورية في تهريب المخدرات وتهديد أمن واستقرار المملكة، من شأنه أن يقوض جهودها الدبلوماسية، ويدفعها لمزيد من التشديد.

ويقول المحلل السياسي عريب الرنتاوي إن الأردن لا يوجّه اتهامات مباشرة لبشار الأسد والنظام السوري في عمليات التهريب والمس بأمنه واستقراره، بل يشير إلى الفرقة العسكرية الرابعة بقيادة ماهر الأسد، والتنظيمات المسلحة التابعة لإيران، مؤكدا أن العلاقات الدبلوماسية بين الأردن والنظام السوري في أدنى مستوياتها.

ويرى الرنتاوي -في حديث للجزيرة نت- أن الأردن يتجه نحو التشدد في علاقاته مع النظام السوري، وذلك لعدة أسباب أهمها حالة الانفلات الأمني على الحدود الجنوبية السورية، و”ضغوطات قد تكون مارستها الإدارة الأميركية خلال زيارة الملك عبد الله الأخيرة لواشنطن ولقائه الرئيس جو بايدن، لوقف وتخفيض مستوى العلاقات مع النظام السوري السياسية والاقتصادية”.

وزاد من توتر الأردن زيارة الرئيس بشار الأسد لطهران، وإعادة تموضع القوات الروسية في الجنوب السوري، والاشتباكات مع تشكيلات عسكرية قتالية مدربة تسعى لتهريب كميات ضخمة من المخدرات لإغراق السوق الأردني والسعودي والخليجي.

وخلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أجرى الرئيس السوري اتصالا مع الملك عبد الله الثاني وهو الأول بعد اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، أكد الملك خلاله على “سيادة سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها وشعبها”، وفق بيان للديوان الملكي في حينه. كما التقى وزيرا خارجية الأردن وسوريا في الأمم المتحدة لبحث العلاقات بين البلدين.

هل يُقدم الأردن على خطوات تصعيدية بإغلاق المعبر الحدودي ومنع مرور الشاحنات السورية؟

حالة التشدد الأردني في الملف السياسي والعلاقات الدبلوماسية يقابلها تشدد في الملفات اقتصادية أيضا، وأبرزها فتح المعابر الحدودية بين الطرفين منذ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، بعد إغلاق دام لسنوات بسبب الأزمة السورية.

ووفق المحل الاقتصادي سلامة الدرعاوي فإن “كل الخيارات الاقتصادية مفتوحة أمام الأردن لحماية حدوده وأمنه واستقراره، بما في ذلك إغلاق المعبر الحدودي جابر نصيب بين البلدين”.

ووفق الدرعاوي الذي تحدث للجزيرة نت، فإن الأردن لن يتضرر كثيرا من إغلاق الحدود مع سوريا، وذلك لتدني حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يبلغ 100 مليون دينار (140 مليون دولار) سنويا، وحصر ذلك التبادل بقطاعات محددة بسبب عقوبات قانون قيصر الأميركي، وعدم تقديم الجانب السوري أية مساعدة في حل مشكلة الأردن المائية خلال العامين الماضيين.

وشهدت الأردن لقاءات متعددة جمعت وزراء سوريين بنظرائهم الأردنيين في عمّان بمجالات الطاقة والزراعة والصناعة والنقل والمياه لبحث التعاون الاقتصادي بين البلدين.

معبر جابر نصيب بين الأردن وسوريا (رويترز)

ما خيارات الأردن العسكرية في مواجهة التنظيمات على حدوده؟

مع اشتداد عمليات التهريب واتخاذها أشكالا منظمة بحماية عسكرية، وتغير طبيعة اشتباكات التنظيمات والمليشيات المسلحة مع قوات الجيش الأردني، اتخذت المملكة قرارها بتغير قواعد الاشتباك، مما أدى إلى مقتل نحو 40 مهربا وضبط أكثر من 20 مليون حبة مخدرة وحشيش وقطع سلاح وذخيرة.

وتعتمد القوات المسلحة الأردنية في خططها لمواجهة هذه التنظيمات -وفق المصدر العسكري- على “الإعداد الجيد للقوى البشرية التي تشكل العنصر الأساسية في قوة الدولة، من خلال البرامج والدورات التدريبية عالية المستوى، وتوظيف البرامج التكنولوجية والتصنيع العسكري لمواجه الطائرات المسيرة، ورصدها وتتبعها وإسقاطها، ومنع الطرف الآخر من استخدامها”.

وتشكل تضاريس المناطق الحدود الأردنية السورية الممتدة على طول 375 كيلومترا تحديا أمام القوات المسلحة، وفق المصدر، خاصة أنها تتغير من منطقة لأخرى، فالمناطق الحدودية الغربية والشمالية تتميز بأنها جبلية وذات صخور بركانية ووعرة، مما يؤدي إلى إعاقة مسير الآليات العسكرية هناك.

أما المناطق الشرقية فتتميز بأنها صحراوية ومفتوحة وتسمح بتنقل الآليات ومرور المهربين، مما يتطلب مزيدا من المراقبة والمتابعة والتنسيق مع القوات الأميركية الموجودة على الحدود الشرقية للمملكة، وفق المصدر العسكري.

وخلال الأزمة حافظ الأردن على بقاء القائم بأعمال السفارة السورية بعمان، ولجنة التنسيق الأمنية العسكرية بين البلدين، إلا أن المخاوف الأردنية والهواجس الأمنية على الحدود الشمالية تتزايد يوما بعد يوم مع تعزيز “التنظيمات الإيرانية الخطيرة والمليشيات الموالية لها” -وفق المصادر- من وجودها هناك، في ظل فراغ سيادي للدولة السورية.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!