جامع القمامة الصغير.. كيف تفاعل السودانيون مع حادثة الطفل الذي ابتلعته عربة النفايات؟
Share your love
الخرطوم- لساعات طويلة، تسمّر السودانيون أمام هواتفهم النقالة، يتابعون بدقة عملية إنقاذ طفل في العاشرة من عمره، بعد أن ابتلعته عربة نفايات أثناء عمله اليومي في مهمة جمع القمامة، بمدينة بحري، شمالي الخرطوم.
ورغم نجاح طواقم الإنقاذ في إخراج الطفل ماجد مبارك إبراهيم من العربة صباح اليوم الثلاثاء، ونقله إلى مستشفى قريب لمتابعة أحواله الصحية، حيث وصفت حالته بالمستقرّة؛ فإن الغضب كان حاضرا في المنصات الاجتماعية تجاه ما وصفت بالبيئات السيئة التي يعمل بها الأطفال وعمال النظافة بالعاصمة والولايات عامة.
عرفوه من يده الصغيرة
تقول القصة المروية في منصات التواصل الاجتماعي إن عربة نفايات متحركة في منطقة المحطة الوسطى ببحري قامت بسحب الطفل العامل إلى مخزنها، بينما كان يجاهد لحشر أكياس القمامة في جوفها، بدون أن يُدرى أنه سيتحول إلى لقمة سائغة للتروس الآلية بداخلها.
وعرف طاقم النظافة المرافق بالحادثة عندما لوّح الطفل بيده الصغيرة، ثم بدأت عمليات الإنقاذ في سباق مع الزمن وخشية أن يقضي جراء الاختناق من نقص الهواء وانبعاثات الغازات الضارة.
وبدأت عمليات الإنقاذ -وفق شهود عيان- باستخدام أدوات بسيطة، في محاولة لفتح طريق لداخل مخزن عربة النفايات.
بيد أن هذه المحاولات عجزت عن مقارعة الحديد المقوى بالغ الصلابة، وبدأت مرحلة ثانية استخدم فيها حفار جرافة، لينجح الأخير في فتح مغاليق العربة، وصولا إلى الطفل المحتجز.
وبمجرد خروجه بعد عملية طويلة استمرت 8 ساعات، نُقل الطفل إلى سيارة إسعاف كانت رابضة بالقرب من موقع الحدث، تكفلت بتوصيله إلى مستشفى بحري القريب.
وقال متابعون لحالة الطفل إنه خرج من العربة وهو في حالة يرثى لها، ولاحقا تأكد استقرار حالته الصحية بعد نقله إلى المستشفى.
وعلى وقع هذه الحادثة، صوّب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي انتقاداتهم لظاهرة عمالة الأطفال، واصفين خروجهم للعمل بأنه جريمة ينبغي أن تتوقف بصورة فورية.
وأشار بعض المعلّقين إلى ضرورة إنزال أقسى العقوبات بالمشاركين في “جريمة طفل عربة النفايات” (كما يُطلق عليه في تويتر)، أو في توظيف الأطفال عموما.
وتوجّه آخرون إلى المطالبة بأهمية توفير أدوات السلامة، وتحسين بيئات العمل، لا سيما لعمال النظافة.
حادثة #طفل_عربة_النفايات دي مفروض، الى جانب تسليطها الضوء على جريمة عمالة الاطفال، مفروض تعيد فتح قضية #عمال_نظافة_الخرطوم ومطالبهم العادلة المتمثلة في: pic.twitter.com/PYCFwmjv66
— ⳣⲱⳣⲁ قيقا 🇸🇩 (@1Giga23) February 15, 2022
السياسة حاضرة
وزجّ السودانيون بالسياسة في مضمار قضية “طفل عربة النفايات”، فبعضهم ألقى باللائمة على الدولة وسياساتها في تحويل الأطفال إلى عمال لأجل خفض النفقات. وذهب فريق آخر لمطالبة المنادين بوقف عمالة الأطفال بـ”الاتساق” في دعاويهم، والمناداة كذلك بتجريم مشاركة الأطفال في التحركات الاحتجاجية ضد السلطة القائمة.
ويرى سودانيون أنّ إنهاء ظاهرة عمل الأطفال، تبدأ بتطبيق القوانين بشكل صارم، وعودة مؤسسات الطفولة للعب أدوارها بفاعلية.
بيد أن مشاركات أخرى تقرّ بصعوبة منع عمالة الأطفال، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تدفع الأسر لإخراج أبنائهم من سلك التعليم والزج بهم في سوق العمل.
ووصل معدل التضخم في السودان إلى 359.58% في ديسمبر/كانون الأول الماضي، طبقا للجهاز المركزي للإحصاء، في ظل ارتفاع متواصل لأسعار السلع والخدمات.
وقدّر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عدد الأطفال السودانيين غير الملتحقين بالمدارس ممن هم في سن الدراسة؛ بـ3 ملايين طفل وطفلة.