عزيزة علي

عمان – يتكئ الروائي والشاعر جلال برجس، في روايته “دفاتر الوراق”، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، على توزيع الأماكن بين عمان ومادبا وموسكو وعلى حكايات تروى من خلال عدد من الدفاتر في إطار زمني يقع بين 1947 و2019.
وتتحدث الرواية عن أشخاص يفقدون بيوتهم، ويعاني البعض الآخر أزمة مجهولي النسب، ويقيس آخرون عدم انتمائهم إلى عائلات كبيرة، وتتقاطع مصائر الشخصيات ببعضها بعضا فتبرز قيمة البيت الذي يحمل رمز الوطن.
برجس قال، في تصريح لـ”الغد”، إنه ذهب في هذه الرواية التي جاءت بعد أربعة أعمال روائية إلى ما يمكن أن تفرزه عوالم المدينة في نفس ساكنيها في مرحلة باتت فيها الطبقة الوسطى على مشارف التلاشي، فشخصية الرواية وراق مثقف لكنه يتكئ على محمول معرفي عميق يأخذ القارئ إلى تساؤل مفاده: هل ينقذه هذا المحمول المعرفي من الصراع الذي تقوم عليه الرواية كحدث أساسي في لحظة تصبح بعض المدن فيها عبارة عن فكي كماشة تطبق على أبنائها، لافتا الى أن الرواية تطرح سؤالًا مهما ورئيسيا تقوم عليه بينة الحدث الروائي، وهو سؤال يحفر في مفهوم الأبوية، ومفهوم البيت كمعادل موضوعي للوطن.
وأشار برجس الى الشخصية المحورية في هذه الرواية “ورَّاق”، وهو مثقف وقارئ نهم للروايات إلى درجة أن تتلبسه شخصية أي رواية تقنعه ويتصرف عبرها، لكن جراء العزلة والوحدة وما عاشه من قسوة في عالم صاخب، تتفاقم حالته النفسية فتكتمل إصابته بفصام الشخصية ليعيش صراعًا بين صوتين في داخله: واحد مُحرض على ارتكاب عدد من الجرائم حيال واقع لم يمنحه حقه في العيش، والثاني يقف بوجهه متكئًا على محمول معرفي عميق.
تكشف أحداث الرواية، وفقا لبرجس، الستار عن أزمة الإنسان في زمن ملتبس سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وتضيء على ما يمكن أن يصاب به الإنسان نفسيًا جراء غياب العدالة الاجتماعية وما يمكن أن تفرزه من فقر وتطرف، وتحيل القارئ إلى تساؤل وتفكر بمن سينتصر على الآخر في حلبة الصراع، وكيف تتشابك حكايات الرواية ببعضها بعضا لتؤدي إلى مقولة رئيسية مفادها: أن الخوف حتمًا سيؤدي إلى الخراب.
وأوضح برجس أن هذه الرواية تختلف عما سبقها من أعمال روائية بأنها محاولة الى الغوص العميق في نفوس والشخصيات والتنقيب في أوراقها الداخلية، في الوقت الذي عمدت إلى العودة في أي أزمة إنسانية إلى بدايتها متسائلًا ما النقطة الحرجة التي يمكن أن تحول الحمل الوديع إلى وحش.
ويذكر أن جلال برجس شاعر وروائي أردني يعمل في قطاع هندسة الطيران. كتب الشعر والقصة وأدب المكان قبل أن يتجه إلى كتابة الرواية، في العام 2015 حصلت روايته “أفاعي النار- حكاية العاشق علي بن محمود القصاد”، على جائزة كتارا للرواية العربية، كما وصلت رواية “سيدات الحواس الخمس”، الى القائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر.
وفاز بجائزة رفقة دودين للإبداع السردي 2014، عن رواية “مقصلة الحالم”، جائزة روكس بن زائد العزيزي للإبداع 2012، عن المجموعة القصصية “الزلزال”، وترجمة رواية “أفاعي النار- حكاية العاشق علي بن محمود القصاد”، الى اللغة الفرنسية، اللغة الإنجليزية.
صدر له العديد من المؤلفات منها في مجال الشعر “كأي غصن على شجر”، “قمر بلا مَنازل”، وفي أدب المكان صدر له “رذاذ على زجاج الذاكرة”، “شبابيك تحرس القدس”، وفي مجال القصة القصيرة صدر له “الزلزال”، وفي مجال الرواية صدر له “مقصلة الحالم”، “أفاعي النار”، “سيدات الحواس”، “حكايات المقهى العتيق” (رواية مشتركة).