جنوب سوريا: اغتيال خمسة قياديين سابقين في المعارضة وحرقهم

دمشق - «القدس العربي»: هزت منطقة حوران أكبر عملية اغتيال في الجنوب السوري، شملت قتل وحرق، خمسة قياديين من فصائل الجيش الحر سابقاً، أبرزهم أدهم الكراد قائد كتيبة

جنوب سوريا: اغتيال خمسة قياديين سابقين في المعارضة وحرقهم

[wpcc-script type=”bfb0a0d5b06cd85f9109ebf8-text/javascript”]

دمشق – «القدس العربي»: هزت منطقة حوران أكبر عملية اغتيال في الجنوب السوري، شملت قتل وحرق، خمسة قياديين من فصائل الجيش الحر سابقاً، أبرزهم أدهم الكراد قائد كتيبة الهندسة والصواريخ سابقاً في المعارضة السورية، وأربعة قياديين آخرين، على خلفية تحولهم إلى معارضين بارزين للنظام بعد التسوية، أي ضمن المعادلات الجديدة في محافظة درعا جنوب سوريا.
واغتيل أمس القيادي أدهم الكراد والقيادي أبو طه المحاميد، وثلاثة من أعضاء اللجنة المركزية للتفاوض في درعا راتب الكراد ومحمد الدغيم أبو عبيدة وعدنان محمود المسالمة في مدينة الصنمين شمال درعا، وهم في طريق عودتهم من دمشق، تبعها سخط أهلي واسع في أرجاء المحافظة التي انتفضت أمس في تشييع الجاثمين المتفحمة.

ما هي الرسالة؟

وبالرغم من عدم تبني أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال القادة، إلا أن مصادر محلية من درعا ولجان التفاوض، اتهموا النظام بالوقوف وراء مقتلهم، بإشراف اللواء حسام لوقا، رئيس اللجنة الأمنية في درعا والعميد لؤي العلي، رئيس فرع الأمن العسكري اللذين يشكلان رأس هرم السلطة الأمنية في المحافظة. وحسب مقربين من القياديين، فإنهم «كانوا في طريقهم إلى العاصمة دمشق للتفاوض على جثامين شهداء كتيبة المهجورة».

وسط قلق النظام السوري من وجودهم الفاعل في حاضنة درعا ضده

وأمام هذه العملية التي تنذر بمرحلة خطيرة في درعا، يرتسم لدى الكثيرين السؤال: ما هي الرسالة الموجهة وما هي المآلات؟
فقد كشف الباحث السياسي بدر ملا رشيد لـ «القدس العربي» عن سجل حافل من هذا النوع من العمليات في درعا قائلاً «أقدم الطرفان – إيران والنظام – على تخطيط وتنفيذ أكثر من 550 عملية اغتيال خلال عامين نجح المخططون في تحقيق أهدافهم بأكثر من 300 حالة، كان آخرها اغتيال أدهم الكراد، أحد أهم الشخصيات القيادية للفصائل المعارضة في الجنوب قبل التسوية، وبعدها تحول لمعارضٍ بارزٍ للنظام.
وأوضح المتحدث أن لعمليات الاغتيال تأثيرات سلبية على المنطقة، مصراً على أن نتائجها ستكون لصالح النظام، حيث قال «فوق قراءة وتصريحات الدول المنخرطة في الصراع السوري، لم يعد هناك مكانٌ للعمل العسكري المنظم والشامل ضد النظام السوري، لذا فإن نتائج الاغتيالات ستكون لصالح النظام، في حال لم تتم مقابلتها بذات السوية وأكثر».
وفي هذه الحالة أيضاً سيستغل النظام وإيران وروسيا هذه الحوادث كذريعة للقيام بعملياتٍ عسكرية جديدة على شكل ما حدث في بلدة كناكر قبل مدة قصيرة، حيث فرضت قوات الأسد اتفاق تسوية جديداً في البلدة بعد أكثر من عشرة أيام من الحصار والضغوط الميدانية والتهديدات باقتحام البلدة، والذي انتهى وفق مصادر محلية بتوقيع تسوية جديدة ينضم فيها كل من يحمل السلاح من البلدة لأجهزة النظام الأمنية ومن يرفض التسوية سيتم نقله إلى الشمال السوري أو إلى محافظة درعا، ووفق الاتفاق فسيكون بإمكان قوات النظام الدخول إلى البلدة وإنشاء حواجز داخل أحيائها، ومداهمة بعض المزارع بحثاً عن الأسلحة، هذه الصيغة من المحتمل أن يتم العمل عليها من قبل النظام وإيران في مناطق مختلفة من محافظة درعا.
وأيضا قد تفضي العملية عن «الدخول في تفتيت وتشتيت ما تبقى من كتل وتجمعات معارضة، وقمعها بشكلٍ لا تستطيع مقاومته» وهو ما اعتبره رشيد في تحليلٍ لـ»القدس العربي» الرسالة الأهم في ملف الاغتيالات، والمتمثلة برفض أي شكلٍ من أشكال المعارضة للنظام، وخلق الآمال للمجتمعات المحلية بإمكانية استمرار معارضتها للنظام والعيش بدون الخوف من الاقتحامات والقصف والتهجير والتقتيل.
الملف في درعا أصبح اليوم بعد عملية الاغتيال الكبرى، ساخناً، حيث يقول الخبير العسكري رشيد الحوراني ومراقبون آخرون لـ»القدس العربي» أن النظام السوري مصرٌ على فرض الاستقرار في المحافظات الجنوبية بأي ثمن، وبالأساليب المتنوعة. وتحدث الحوراني أن النظام السوري يسعى لفرض الاستقرار في منطقة جنوب سوريا وهي المنطقة الأولى التي فتحت الباب أمام المصالحات، كما مكنه التحقيق مع كافة الاشخاص الذين فضلوا البقاء في مدينة درعا من معرفة كم هائل من المعلومات عن الفصائل وقادتها وتحركاتهم وشخصياتهم.

رفض سياسات النظام

لذلك طيلة فترة العامين الماضين كانت الاغتيالات ممزوجة بين مقاتلين عاديين وقياديين، واغتيال أدهم الكراد هو رفع السقف من قبل النظام للشخصيات المستهدفة، ورسالة واضحة منه لجميع من في درعا بأن لا خيار أمامكم سوى الإذعان للنظام وحلفائه وسياساتهم لأنه لمس في المرحلة الأخيرة رفضاً من قبل القادة وعلى رأسهم قادة المصالحات العودة والكراد رفضاً صريحاً لسياساته.
كما أن اغتيال القادة، يبعث برسائل للمعارضة الثورية الموجودة في حوران، «إن جاز لنا أن نقول إنها رسائل للمعارضة، علينا أن نرى ما هي حصيلة سياسة الاعتقالات والاغتيالات على مدار سنتين، لتدفع المعارضة الثورية لتطوير أساليبها في مواجهة النظام؛ ومن هذه الأساليب على سبيل المثال الانخراط في صفوف ميليشيات النظام ونقل أخبار وشخصيات هذه الميليشيات للمعارضة الثورية التي تقوم بدورها باغتيالات تطال ضباطاً وقادة محسوبين على النظام، وبالتالي نتيجة عمل النظام ورسائله دون جدوى» وفقاً للنقيب رشيد الحوراني.
واعتبر المتحدث أن ما يجري هو حرب تصفية في الجنوب السوري الذي يشهد إضافة إليها تغييرًا ديموغرافيًا، ويتم ذلك من خلال التضييق على الشباب وملاحقتهم مع غلاء المعيشة وعدم توفر فرص العمل، أو من خلال خلق الفتنة بين فصائل السويداء وفصائل درعا بهدف التخلص من الكتلة البشرية التي تعتبر بطبيعة الحال عدوة للنظام وحلفائه «ففصائل السويداء رفضت الالتحاق بجيشه وفصائل درعا لن يغفر النظام لها إذ إنها حملت السلاح يوماً ضده» لذلك إذكاء الاقتتال بينهما يريحه من مواجهتها والخسائر التي يتعرض لها من جراء ذلك. ويعتقد أن ثمة مسلسل تهجير يحدق بالمنطقة، وأضاف «النظام وحلفاؤه يراهنون على الزمن وإطالة أمد الأزمة التي من شأنها دفع الطرف الآخر للتسليم لهم، بترك جنوب سوريا والهجرة منه».
الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي، رأى من وجهة نظره، أن إيران تبذل كل جهدها لتصفية القادة العسكريين والمدنيين لا سيما أعضاء اللجنة المركزية في ‎درعا والجنوب السوري، عبر الاغتيال والتصفية أو التجنيد والولاء.
وهدف إيران من تلك السياسة الأمنية وفقاً لعاصي، هو تهيئة الظروف للسيطرة على المنطقة عبر إعادة صياغة اتفاقيات التسوية واستكمال الانتشار العسكري، إذ أنها تستفيد من غياب الحماية الفعلية لروسيا لاتفاقيات التسوية الأساسية التي تم توقيعها في تموز/ يوليو 2018، واقتصار دورها على التهدئة والمراقبة باستثناء ريف درعا الشرقي.
وتهدف العمليات إلى تفكيك الشبكات المعارضة بشكلٍ كامل، ضمن واقعٍ أمني فوضوي، يحاول كل طرفٍ فيه زيادة مكاسبه وإنهاء فرص الطرف المقابل في تشكيل أي تهديدٍ مستقبلي له، وهنا يبرز دور الطرفين الرئيسيين في الجنوب السوري ممن يرغب في سحق أي فرصة للفواعل المحلية بتشكيل منافسٍ في الحكم وهما إيران والنظام السوري. وتشهد المناطق التي توقفت فيها الحرب نتيجة عوامل الانتصار والهزيمة، صراعاً عبر عمليات الاغتيال.
إلا إن ما حدث في الجنوب السوري منذ عامين تقريباً بعد اتفاق التسوية، – من وجهة نظر الباحث السياسي بدر ملا رشيد – لم يكن وفق النهايات المعتادة للحروب، رغم أن الطرف المعارض خرج منها وكأنه خسر المعركة، إلا أن بقاء جزء كبير من قوى المعارضة في المنطقة في أماكنها وضمن حواضنها، أدى إلى استمرار تهديد هذه المناطق والشخصيات القيادية فيها للنظام وسيطرته الفعلية، وهذا ما دفع بالنظام وإيران التي تحاول التغلغل في المنطقة أكثر لتبني أسلوب الاغتيالات المكثفة.

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!