حكم القنوط واليأس من رحمة الله 

 لقد حثنا الله تعالى في الآيات القرآنية الكريمة إلى البعد عن التطير والتشاؤم والحرص على التفاؤل والبعد عن اليأس، كما أن القدر معلق باللسان لذلك يجب أن يجرى

mosoah

حكم القنوط واليأس من رحمة الله حكم القنوط واليأس من رحمة الله 

 لقد حثنا الله تعالى في الآيات القرآنية الكريمة إلى البعد عن التطير والتشاؤم والحرص على التفاؤل والبعد عن اليأس، كما أن القدر معلق باللسان لذلك يجب أن يجرى على لسانك دائمًا الكلام الخير والاستبشار بالمستقبل دون القنوط واليأس من رحمة الله سبحانه وتعالى، وسوف نتعرف أكثر عن حكم القنوت بالأدلة والبراهين من القرآن الكريم والسنة النبوية بالإضافة إلى كيفية علاجه من خلال هذا المقال. 

ما هو حكم القنوط واليأس من رحمة الله 

قد أجمع كافة العلماء والفقهاء المختصين بدراسة أمور الدين على أن القنوط واليأس من رحمة الله تعالى هو أمر محرم بل هو من الكبائر، وأن بعض أنواع اليأس والقنوط تؤدي إلى الخروج من الملة. 

قد ذكر القرطبي أن اليأس والقنوط هما من الكبائر بعد الشرك بالله والاستدلال على هذا: في الحديث النبوي الشريف عن عبدالله بن مسعود قال: (الكبائر أربع: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأْس من روح الله، والأمن من مكر الله)، ومعنى اليأس هو انقطاع الأمل والرجاء في الحصول على الرحمه من قبل الله سبحانه وتعالى بصورة كاملة، وقد نهى الله عن القنوط في الكثير من الآيات منها قوله تعالى: {وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون *أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}. 

ما هو علاج القنوط من رحمة الله 

  • عليك العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته والإيمان بها، سوف تجد الكثير من الأسماء التي تشير إلى الرحمة والمغفرة والكرم مما يجعل المسلم على يقين برحمة الله. 
  • احسن الظن في الله تعالى: ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: “أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”، ويقول -تعالى- في حديث آخر: “يا ابنَ آدمَ! إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لوْ بلغتْ ذنوبُك عنانَ السماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لوْ أنَّك أتيتَني بقُرَابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشركْ بي شيئًا لأتيتُك بقرابِها مغفرةً”
  • الإيمان بالقضاء والقدر: أحد شروط الإيمان بالعقيدة هو الإيمان بقضاء الله وقدره وأن ما أصابك من شيء فمن الله سبحانه وتعالى ولحكمة يعرفها الله من أجل أن يرتاح قلبك، والله -تعالى- يقول: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. 
  • الصبر عند حدوث البلاء: قد أمرنا الله بالصبر عند وقوع المصائب وحمد الله في السراء والضراء وقد ذم الله اليائسين عند وقوع المصيبة وتم استثناء الصابرين الذين بشرهم الله بجنات عرضها السموات والأرض. 
  • الدعاء مغ اليقين بالإجابة: يجب الحرص على الدعاء بيقين أن الله سوف يستجيب لك وما يغير القدر سوى الدعاء، وقد امتدح الله سبحانه وتعالى عبده يعقوب – حين دعا بلسان المؤمن الواثق بالإجابة بعدما أصابه ما أصابه في غربة ابنه فقال -تعالى- حاكيًا عن يعقوب -عليه السلام-: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ، وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، وقال -صلى الله عليه وسلم-: “لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ما الاسْتِعْجَالُ؟ قالَ: يقولُ: قدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذلكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ. 

القنوط من رحمة الله تعالى في الكتاب والسنة 

لقد ذم الإسلام القنوط من رحمة الله واليأس في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، فقد ذكر القنوط في العديد من المواضع وتم ذمهم في القرآن الكريم ومنها: 

  • قوله تعالى: {قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}.
  • قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}.
  • قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ ۚ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.
  • قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}.
  • قوله تعالى: {لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}.

بالإضافة إلى العديد من الأحاديث النبوية الشريفة من بينها: 

  • قوله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَومَ خَلَقَها مِائَةَ رَحْمَةٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وتِسْعِينَ رَحْمَةً، وأَرْسَلَ في خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً واحِدَةً، فلوْ يَعْلَمُ الكافِرُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، ولو يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللهِ مِنَ العَذابِ، لَمْ يَأْمَن مِنَ النَّارِ”.
  • قوله -صلى الله عليه وسلم-: “لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ العُقُوبَةِ، ما طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، ولو يَعْلَمُ الكَافِرُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، ما قَنَطَ مِن جَنَّتِهِ أَحَدٌ”.

ما هو الفرق بين القنوط واليأس 

  1. تدل الآيات القرآنية على أن اليأس هو نوع أشد من القنوط، حيث تم الحكم على أهل اليأس بالكفر أما أهل القنوط فهم في ضلال. 
  2. يقول بعض العلماء أنه لا فرق بينهم، حتى مع ذكر أهل اليأس بالكفر والقنوط بالضلال، حيث أن الكفر والضلال يجتمعان سويًا. 
  3. يقول بعض العلماء أن اليأس هو استبعاد زوال المكروه والقنوط هو الاستبعاد رحمه الله تعالى. 
  4. اليأس يعني انقطاع الأمل بالشيء بصورة نهائية، والقنوط أكثر منه فهو أشد من اليأس. 
  5. هناك قول آخر أن الفرق بينهم في بعض الصفات لا في المعنى، حيث أن القنوط من الرحمة واليأس من الروح أي معنى واحد باختلاف الصفات. 

ما هي أقسام اليأس وهل فيه مباح 

  • اليأس التأم: هذا النوع من التشاؤم واليأس يخرج صاحبه من المله ولا يوجد معه رجاء وذلك في غالبية الأقاويل والأحاديث. 
  • يأس العصاة: هو يأس العصاة من المسلمين بسبب كثرة الذنوب التي ارتكبوها، وهذا النوع لا يخرج من الملة لكنه أحد الكبائر. 

اليأس ليس مذموم بصورة عامة لكنه قد يحمد في بعض المواضع مثل اليأس من مما في أيدي الناس، وهو محبوب وذلك لقول ابن تيمية لا يجتمع الإخلاص في القلب، ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمع الماء والنار، فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فأنهى الطمع من حياتك، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما، فإذا استطعت التخلص من الطمع والزهد في الثناء سَهل عليك الإخلاص لله تعالى“.

Source: mosoah.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!