وشهد العام 2022 تحولا كبيرا في موازين النفوذ الدولي لصالح واشنطن بعد القمة التي استضاف فيها الرئيس الأميركي جو بايدن زعماء وممثلي 50 دولة إفريقية في ظل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا والانسحاب المفاجئ للجيش الفرنسي من مالي.

أبرز أحداث 2022

  • استهلت إفريقيا العام 2022 بانقلاب جديد في الرابع والعشرين من يناير في بوركينا فاسو الواقعة في غرب القارة بقيادة المقدم بول هنري سانداوغو.
  • تعد بوركينا فاسو من البلدان التي شهدت سلسلة من الانقلابات العسكرية بلغ في مجملها 10 محاولات.
  • في الخامس عشر من أغسطس 2022 غادرت مالي آخر وحدة من القوات الفرنسية التي كانت تتمركز منذ 10 سنوات هناك بهدف محاربة الإرهاب في المنطقة.
  • جاءت الخطوة على إثر تدهور العلاقات بين مالي وفرنسا بعد استيلاء الجيش على السلطة في مالي في أغسطس 2020.
  • في الخامس من سبتمبر 2022 انتخب وليام روتو رئيسا لكينيا في انتخابات شهدت جدلا قانونيا كبيرا.
  • في العشرين من أكتوبر 2022 قتل نحو 150 شخص في احتجاجات شهدتها العاصمة التشادية رفضا للتمديد للرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي للبقاء في السلطة لعامين آخرين.
  • في الثاني من نوفمبر 2022؛ شهدت مدينة بريتوريا في جنوب إفريقيا توقيع اتفاق للسلام بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي بعد عامين من الحرب التي أدت إلى مقتل وتشريد عشرات الآلاف من سكان الإقليم المتاخم للحدود السودانية.
  • في الخامس عشر من نوفمبر 2022؛ قتل 131 مدنيا في الكونغو الديموقراطية في هجمات انتقامية شنتها حركة 23 مارس في شرق البلاد.
  • في منتصف ديسمير 2022 عقدت قمة أميركية إفريقية في واشنطن شارك فيها إلى جانب الرئيس بايدن زعماء وممثلي 50 دولة إفريقية في خطوة هدفت لاستعادة دور الولايات المتحدة الأميركي في القارة السمراء.
  • تعهدت الولايات المتحدة خلال القمة بضخ 55 مليار دولار في اقتصادات البلدان الإفريقية خلال السنوات الثلاث المقبلة.
  • العام 2022 شهد تاثيرا كبيرا للتغير المناخي على بلدان القارة السمراء حيث ضربت نيجيريا ودول أخرى في إفريقيا فيضانات مدمرة راح ضحيتها أكثر من ألف شخص.
  • كذلك شهد العام موجات جفاف قاتلة في الصومال وكينيا الأمر الذي بشكل تهديدا كبيرا للأمن الغذائي لأكثر من 200 مليون من سكان القارة.

آفاق اقتصادية قاتمة

من غير المتوقع أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية كثيرا في العام 2023، فعلى الرغم من الموارد الطبيعية الضخمة التي تتمتع بها القارة والتي يشكل معظمها عنصرا اساسيا في العديد من الصناعات الثقيلة في أوروبا والصين والولايات المتحدة الأميركية وآسيا، إلا أن الفساد والصراعات الأهلية لا يزالان يشكلان عائقا كبيرا أمام الاستفادة المثلى من تلك الموارد.

وتباطأ متوسط النمو الاقتصادي في إفريقيا في 2022 إلى 3.3 في المئة، بحسب تقديرات أولية، مقارنة ب 4.1 في المئة في عام 2021، لكن إذا انخفضت أسعار النفط والسلع الأخرى سيكون من المعقول توقع حدوث تحسن في متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا في منتصف 2023.

تغير النفوذ

في العام 2022 شهدنا تزايدا في الدور الأميركي بالقارة في حين انشغلت الصين صاحبة النفوذ الأكبر في القارة خلال السنوات الماضية بقضايا أخرى أكثر إلحاحا من بينها تعزيز جهود مكافحة كوفيد 19 وترسيخ العلاقات مع دول الشرق الأوسط التي تشكل مصدر الطاقة الأكبر لبكين.

وعلى عكس الصين التي ركزت أكثر على العلاقات الاستثمارية والتجارية سعت الولايات المتحدة إلى توجيه علاقاتها مع بلدان القارة الإفريقية عبر استراتيجية تجمع بين التعاون الاقتصادي والاستثماري وفي نفس الوقت مخاطبة الهواجس الأساسية المتعلقة بالأمن القومي الأميركي وتقليص النفوذ الروسي.

ويؤكد مراقبون أن ثلاثية الأمن والفرص الاقتصادية والقضايا الجيوسياسبة هي أكثر ما سيوجه الاستراتيجية الأميركية الجديدة في إفريقيا خلال 2023.

وكان اللافت في العام 2022 تقلص الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا بعد انسحاب قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية من مالي في وقت سابق من العام.

كيف ينظر الخبراء للمستقبل

يرى لوكا بيونق دينق، الأستاذ والعميد الأكاديمي في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع القومي في واشنطن أن: “القارة الإفريقية بحاجة إلى بناء مؤسسات راسخة إضافة إلى العمل على ترسيخ مفاهيم الحكم الديمقراطي والمدني على جميع المستويات”.

وقال دينق لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه وبدون العمل الجاد لبناء مؤسسات الحكم المدني فستستمر الصعوبات الاقتصادية والانقلابات العسكرية والهشاشة الأمنية والحروب الأهلية.

من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي زمدينة نجاتو إلى أن:

  • معظم الدول الإفريقية شهدت في العام 2022 ارتفاعا في أسعار السلع والخدمات وتآكل القيمة الشرائية للأجور في ظل ارتفاع معدلات التضخم إلى متوسط 14.5 في المئة.
  • ارتفاع معدلات التضخم سيظل يمثل تحديا في جميع أنحاء إفريقيا بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
  • هنالك ثلاثة أسباب رئيسية كانت وراء تدهور الأوضاع الاقتصادية في إفريقيا في 2022؛ وهي الانعكاسات السالبة للحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى تعطيل إمدادات الحبوب والطاقة؛ إضافة إلى الانخفاض الكبير في أسعار صرف العديد من العملات الإفريقية بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة.
  • أما السبب الثالث وفقا لنجاتو فيتمثل في الانعكاسات الناجمة عن الظروف المناخية السيئة في العديد من البلدان الإفريقية وخاصة في شرق القارة والتي تسببت في تلف المحاصيل وأدت بالتالي إلى نقص الغذاء وزيادة الأسعار.

ووفقا للمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأفريقي ميتا-عالم سينيشو:

  • شهد العام 2022 تحولا ونمطا جديدا في علاقات إفريقيا الخارجية خصوصا تجاه الولايات المتحدة الأميركية.
  • التوجه الجديد تدفعه المتغيرات الكبيرة في القارة وحاجة الولايات المتحدة الأميركية للحد من النفوذ الروسي والصيني.
  • انخراط الدول المتنافسة في نهج متعدد الأطراف للتوفيق بين المصالح الاقتصادية والأمنية يمكن أن يساهم في توفير الأمن والاستقرار وتحقيق التطور الاقتصادي والتكنولوجي فضلا عن تعزيز التحول الديمقراطي خلال الفترة المقبل.