فحسب إحصاءات أحزاب المعارضة التركية تم خلال السنوات القليلة الأخيرة فقط بناء نحو 140 سجنا جديدا، حيث بني 14 سجنا في عام 2014 و18 في 2015 و38 في 2016 و12 في 2017 و15 في 2018 و26 في 2019 و18 في 2020 وسيفتتح في العام القادم 39 سجنا جديدا ليصل الرقم إلى 180 سجنا وهكذا في تكاثر كالفطر.

ولا تشمل هذه الاحصائيات بطبيعة الحال المعتقلات ومواقع التصفيات السرية التابعة لأجهزة المخابرات والأمن وغيرها من مؤسسات قمعية وكابتة للحريات.

ويرى المراقبون للشؤون التركية أن هذه الأرقام المرعبة تعكس تردي واقع الحريات وتحول البلاد إلى سجن كبير فالقوانين باتت تفصل وفق أهواء الرئيس المستبد ورغباته وبما يحكم قبضته على مختلف مفاصل الدولة والمجتمع.

ويقبع في غياهب سجون جمهورية أردوغان عشرات الآلاف أكثرهم من الصحفيين والموظفين والعسكريين والساسة ونشطاء المجتمع المدني والمحاميين والحقوقيين والفنانين والتهم المعلبة والملفقة جاهزة دوما، حتى أن حبس الكثير منهم يتم بتهم إهانة الرئيس التركي والحط من قدره ما يعكس فداحة تضخم الأنا الأردوغانية التي سلاحها “القمع والحبس داخليا والغزو والاحتلال خارجيا”.

وقد غدت الاعتقالات الكيدية والكيفية المزاجية ظاهرة يومية ضد كل من يختلف مع سياسات أردوغان الكارثية، التي وضعت تركيا في وضع لا تحسد عليه داخليا وإقليميا ودوليا.

ويقول الصحفي الكردي، جمال آريز، لـ”سكاي نيوز عربية”: “إذا قارنا تركيا الآن بتركيا العقد الماضي سوف نلاحظ تغيرا كبيرا في سياساتها وتراجعا حادا في ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان لاسيما بعد الانتخابات التي تمت في 7 يونيو عام 2015 حيث كانت نتائجها بمثابة زلزال كبير هزت عرش أردوغان وحزبه والسبب الرئيسي لذلك كان تدخلات الرئيس التركي في شؤون البلدان العربية خاصة في الدول التي ابتلت بما سمي آنذاك بثورات الربيع العربي”.

وأضاف “مع كسر الحاجز الدستوري من قبل حزب الشعوب الديمقراطي ذي الغالبية الكردية ووصوله للبرلمان بادر أردوغان للمناورة وتشكيل ائتلاف بين حزبه وحزب الحركة القومية العنصري، ليشرع في النكوص عن سياسات التوجه نحو أوروبا والغرب والانفتاح على القضية الكردية وليعمل على تجريد المحاكم والقضاء والجيش والأجهزة الأمنية حتى من بعض الاستقلالية التي كانت تتمتع بها عن سلطته وليلجأ لسيناريو الانقلاب متهما فتح الله غولن وأنصاره بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية وليقوم إثر ذلك بتصفية وحبس وتسريح كل من ليس لديه الولاء لحزب العدالة والتنمية ولشخصه تحديدا في مؤسسات الدولة تلك”.

وتابع آريز: “غدت سياسة كتم الأصوات الناقدة للحكم لا سيما في أوساط المؤسسات الإعلامية والصحفيين سياسة رسمية إذ أن الزنازين التركية تعج بالناشطين السياسيين والمدنيين والصحفيين وجنرالات الجيش وضباط القوات الأمنية والقضاة الذين ينتقدون سياسات الثنائي أردوغان – بهجلي الحاكم ويقفون ضدها”.

وأردف: “تركيا الآن بليغة الشبه بتركيا إبان سنوات حكم العسكر وانقلاباتهم في القرن الماضي بل غدت أسوء فالرفض والسخط من حكم أردوغان الاستبدادي لا يقتصر على الداخل بل حتى الدول الحليفة والصديقة لتركيا تنتقد التراجع الديمقراطي والانزلاق الخطير نحو  الديكتاتورية”.