توجد خيارات فعالة للتخفيف من وطأة هذه الاضطرابات، وفي مصر أقيم مشروع “حلة وصل” الذي يستخدم ما يطلق عليه “الطبخ العلاجي” أي استخدام الطبخ في حل المشاكل النفسية مثل الانطواء أو الاكتئاب وغيره.

لم يكن تخصص مي حسن الحاصلة على ماجستير تحكم في الهندسة الكهربائية من الجامعة الأميركية يؤهلها لخوض غمار حل المشاكل النفسية، لكن مرورها بحالة اكتئاب لمدة ثلاث سنوات، وشخصيتها المنطوية شكلا دافعا لها لتفريغ طاقتها في الانغماس في الطبخ.

لاحظت مي أن الطبخ ساعدها على تجاوز حالة الاكتئاب، ومع انضمام الأصدقاء إليها باتت تشعر بسعادة، فكان يجتمع لديها الأصدقاء المختصون في الموسيقى والعزف يؤدون مقطوعاتهم الموسيقية، خلال قيامها بالطبخ، فازداد ارتباطها الاجتماعي بهم.

تجاوزت مي حالتي الانطواء والاكتئاب وزادت التواصل مع الناس، حتى أسست مشروع “حلة وصل” القائم على الطبخ العلاجي وهو ما حظي بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

تشرح مي لموقع “سكاي نيوز عربية فكرة مشروعها:

• الفكرة تقوم على التجمع مع أشخاص قد لا أعرفهم بشكل شخصي حتى نطبخ سويا، لبث السعادة بيننا وكسر الحواجز النفسية وتكوين صداقات.

• قرأت إعلانا على موقع الجامعة الأميركية عن برنامج تابع للأمم المتحدة يسمى “رابحة” يهتم بالمشاريع الخاصة بالمرأة، ويقدم الإرشادات والنصائح لمدى القدرة على تطبيقها في الواقع من خلال نموذج عمل، وتم قبولي في البرنامج الذي ساعدني على تحديد الفئة المستهدفة وكيفية التسويق للمشروع.

• في يوم المرأة المصرية الموافق يوم 16 مارس، العام الماضي، اختارت الأمم المتحدة بعض المشاركين لحضور مقابلة في الجامعة الأميركية، فوقع الاختيار عليّ وأجري معي لقاء، وهو ما جعلني أشعر بالاهتمام، وإيمان الأمم المتحدة بالفكرة.

• برنامج الأمم المتحدة أمدني بالأدوات والنصائح والاجتماعات عبر الإنترنت بشكل مجاني لتنفيذ تجربتي.

• قمت بحمل تصويت على اسم المبادرة واتفقنا أن يكون “حلة وصل” (الحلة اسم يطلق على وعاء الطبخ في مصر).

• فكرة المشروع أن الطبخ وسيلة تواصل وفن يمكنه علاج الناس روحيا، ونقوم بتنظيم مبادرات بعنواين جذابة.

• أقوم بعرض إعلان عن حدث للطبخ ونطلق عليه تسمية معينة بمقابل مادي اشتري به الأدوات اللازمة للطبخ مع هامش ربح بسيط.

• قمنا بمبادرات للطبخ بهدف الابتعاد عن الذكريات السيئة، وكذلك الخوف من المستقبل وأخرى للطبخ في الأراضي الزراعية وغيرها.

• عن طريق الطبخ بألوانه وعملية العجن، تعمل الحواس الخمس، فننسى الهموم ونشعر بتحسن نفسي.

وحول أهمية الفكرة وفوائدها تؤكد مي حسن أنه:

• ليس شرطا أن تكون مميزا للغاية حتى تتواجد في المجتمع وتندمج معه.

• تجاوبت معنا معظم الفئات من النساء والأطفال؛ أفرادا وعائلات، فزادت المشاركة في الطبخ من الروابط بين الأسر والعائلات.

• الفكرة تفيد اللاجئين والصم والبكم والمغتربين والغرباء الذين لا يجيدون اللغة المحلية، والناس الذين يستخدمون لغات مختلفة، فالطبخ هو اللغة التي تجمع الناس.

من جانبه يعلق استشاري الطب النفسي جمال فرويز، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، على فكرة الطبخ العلاجي بالقول:

• يدخل الطبخ العلاجي ضمن فكرة العلاج بالعمل، وهو أسلوب متبع منذ أكثر من ثلاثين عاما من خلال ترك من لديه مشاكل نفسية يقوم بشيء مفيد؛ كالتنظيف أو الطبخ أو ترتيب قاعة وغيرها من الأمثلة.

• لا يشكل الطبخ كعلاج قاعدة يمكن اللجوء إليها في كل الحالات، فقد يصلح مع بعض الأشخاص ولا يصلح مع آخرين لأن معظم الرجال مثلا لا يجيدون الطبخ.

• يساعد العلاج بالعمل بعض الأشخاص الانطوائيين أو المكتئبين على الخروج من حالتهم والاندماج تدريجيا في المجتمع.

• العلاج بالعمل يجعل الشخص المكتئب أو المنطوي يندمج ويشعر بأنه له قيمة وأثرا، وهو ما يخفف من حالتهم النفسية السيئة، ويزيح عنهم الإحساس بالفشل أو الإحباط، خاصة عندما يرون نتاج ما قاموا به.

• أي شخص معرض للإصابة بالاكتئاب أو الانطواء حتى أصحاب الدرجات العلمية المرموقة، وبعضهم يلجأ للعلاج بالعمل للتخفيف من وطأة الأمر.