وفيما يأمل الكرملين في أن يعوض الطلب من آسيا توقف الإمدادات التقليدية من روسيا للمشترين الأوروبيين، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، أن إيرادات ميزانية بلاده من النفط والغاز ارتفعت بنسبة 28 بالمئة في عام 2022، بعد أن حولت روسيا تجارتها في مجال الطاقة سريعاً، جراء الأزمة الأوكرانية نحو الشرق.

وشهد العالم في العام 2022 عملية عض أصابع بين روسيا والاتحاد الأوروبي، إذ قطعت روسيا إمدادات الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي باستثناء نسبة بسيطة تمثل 8 بالمئة من احتياجات أوروبا للغاز، بعد أن كانت تصدر لها روسيا 45 بالمئة من احتياجاتها، كما وضعت أوروبا خطة لتقليص اعتمادها على النفط الروسي بنسبة 90 بالمئة حتى نهاية 2022، لينتهي العام بفرض مجموعة السبع حداً أقصى لسعر برميل النفط الروسي المنقول بحراً عند 60 دولاراً.

2023 عام الحسم

وحول عدم تأثر الإيرادات النفطية الروسية بالعقوبات الغربية في العام 2022، يقول عامر الشوبكي مستشار الطاقة الدولي لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي كانت الحرب الاقتصادية الغربية على روسيا في بداياتها، حيث لم يكن هناك حظراً على الغاز الروسي ولغاية الآن كما أن الحظر على النفط الروسي بدأ في نهاية العام، لذلك حققت روسيا بالفعل إيرادات إضافية بنسبة 22 بالمئة، أي نتحدث عن 220 مليار دولار إيرادات نفط خام لوحده دون الغاز حققتها الخزانة الروسية بعد أن كانت قرابة 180 مليار دولار في عام 2021”.

لكن الشوبكي يؤكد أن “عام 2023 سيكون عام الحسم بالنسبة لإيرادات روسيا من الطاقة بشكل كامل، والرقم الذي حققته روسيا من الإيرادات النفطية في 2022 سيختلف في العام الحالي لأن إنتاج روسيا من النفط انخفض والأسعار كذلك انخفضت، فضلاً عن أن روسيا تصدر الغاز إلى أوروبا الآن بكميات بسيطة لا تتجاوز 8 بالمئة من احتياجاتها بواقع 27 مليار متر مكعب بعد أن كانت تصدر قرابة 45 بالمئة من احتياجاتها بواقع 155 مليار متر مكعب”.

ويشرح الشوبكي أن الحظر على خام الأورال بدأ في الخامس من ديسمبر 2022 وسيكون هناك حظراً على المنتجات المكررة كالديزل الغاز البترولي ووقود الطائرات والبنزين وسيطبق عليها سقوفاً سعرية يرافقها حزمة عقوبات عاشرة تحضرها أوروبا قد تتضمن شركة روساتوم للطاقة النووية، فضلاً عن أن بولندا وليتوانيا تضغطان في الاتحاد الأوروبي لإعادة دراسة السقوف السعرية على النفط الروسي باتجاه تخفيضها.

وسيشهد الاقتصاد الروسي تعقيدات في العام 2023 ستكون مختلفة عما كان عليه الوضع في عام 2022، وأهمها السقوف السعرية وفعالية بعض العقوبات على التكنولوجيا إضافة إلى ما تطالب به بعض دول الاتحاد الأوروبي في حزمة العقوبات العاشرة لتشمل حرمان المزيد من البنوك الرئيسية من نظام سويفت العالمي، بحسب مستشار الطاقة الدولي الشوبكي.

وفي حديثها لموقع “اقتصاد سكاي نبوز عربية” قالت الدكتورة كارول نخلة الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي: “إن ارتفاع إيرادات ميزانية روسيا من النفط والغاز بنسبة 28 بالمئة في عام 2022، لا يعني أن العقوبات على قطاع الطاقة الروسي ليس لها تأثير، فالعقوبات بدأت في ديسمبر الماضي وهناك عقوبات على المنتجات النفطية في شهر فبراير المقبل، حيث سيظهر تأثير هذه العقوبات ككل في العالم الحالي”.

وتضيف الدكتورة كارول نخلة: “استفادت روسيا من ارتفاع أسعار النفط في العام الماضي، كما أن هناك العديد من المشترين بما فيهم الأوروبيين زادوا من كمية مشترياتهم النفطية من روسيا قبل تفعيل العقوبات، كما يجب ألا ننسى بعض الاستثناءات لدول أوروبية من العقوبات، فضلاً عن أن انخفاض الأسعار فيما بعد لم يؤثر سلبياً على الصادرات الروسية”.

وصحيح أن صادرات روسيا النفطية باتجاه أوروبا انخفضت في 2022 لكن موسكو عوضت ذلك من خلال تكثيف صادراتها للهند والصين وتركيا، وفقاً للرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي.

يشار إلى أن صناعة النفط والغاز في روسيا حققت في العام 2022، بحسب نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، ارتفاعاً في الصادرات النفطية من روسيا بنسبة 7 بالمئة، وارتفاعاً في إنتاج البنزين بنسبة 4.3 بالمئة ووقود الديزل بنسبة 6 بالمئة، وزيادة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة 8 بالمئة، وانخفاضاً في صادرات الفحم بنسبة 7.6 بالمئة.