دور الحوار في تفعيل التقارب الفكري والمنهجي

دور الحوار في تفعيل التقارب الفكري والمنهجيالاختلاف بين الحركات الإسلامية ليس مسوغا للتفرق والتشرذم؛ لأننا مأمورون بإتباع الشرع الذي أمر بالجماعة ونهى عن التفرق وهذا يعني إمكانية الاتفاق والالتقاء على كلمة سواء وهو ما يجعلنا نبحث في توحد أو اتحاد هذه الحركات لكن قد يكون اجتماع الحركات كلها في جماعة واحدة..

دور الحوار في تفعيل التقارب الفكري والمنهجي

 الاختلاف بين الحركات الإسلامية ليس مسوغًا للتفرق والتشرذم؛ لأننا مأمورون بإتباع الشرع الذي أمر بالجماعة ونهى عن التفرق، وهذا يعني إمكانية الاتفاق والالتقاء على كلمة سواء، وهو ما يجعلنا نبحث في توحُّد أو اتحاد هذه الحركات، لكن قد يكون اجتماع الحركات كلها في جماعة واحدة هدفًا بعيدًا المنال في ظل ظروف الدعوة المعاصرة لأسباب كثيرة منها الداخلي ومنها الخارجي، لكن هذا لا يعني التقاعس عن محاولة الوصول إلى ذلك، ولا ينفي أيضًا أهمية السعي لإحداث التقارب الفكري والمنهجي الذي يعد أحد أهم السبل التي تعين على الوحدة أو الاتحاد؛ فما رؤيتكم حول ذلك؟

الدكتور عمر الأشقر : الحوار مهم جدًا لتحقيق التقارب والتجانس بين تلك الحركات، ويضع لتحقيق ذلك قيدًا مهمًا بقوله: إذا أحسنوا العرض والحوار والاستدلال والبيان فبذلك تُصقَل الملكات وتُوضَّح المشكلات ونتقدم خطوة إلى الأمام.

الدكتور منير محمد الغضبان: لا نطمح إلى وحدة بين الحركات الإسلامية، لكن يجب أن نطمح إلى اتحاد بينهما، وطريقه هو البحث عن التقارب من خلال الحوار ثم التنسيق ثم الاتحاد؛ فالاتحاد يتميز عن الوحدة بأن فيه محافظة على الكيان الخارجي، مع تنازله عن بعض خصوصياته للمصلحة الإسلامية العليا.

الدكتور عثمان جمعة ضميري: الاتفاق الكامل والتقارب الفكري ووحدة الأمة والعاملين في الدعوة كل هذا مما تحسن الدعوة إليه وبذل الجهد في سبيله؛ فالنية لابد أن تتجه أولاً إلى تلك الوحدة وذلك الاتفاق، لكن الوحدة أو الاتحاد لا تعني أن يكون المجتمع نسخة واحدة، وإنما يكفي اتفاقهم على قاسم مشترك أعظم يلتقون عليه فيكونون أمة واحدة في الغاية والهدف وفي الفكر والشعور، وفي السمات المميزة لهم؛ وذلك يمكن الوصول إليه بتوحيد منهج التلقي حتى يعصمهم من التفرق والشتات بما ينشئ من تصورات ثابتة وبما يضع لهم من موازين وقيم لا تتأثر بزمان معين أو مكان محدد.

الدكتور وكيل الشيخ: الحوار مهم؛ لأن الإنسان مهما بلغ من العلم فهو في حاجة إلى أن يستنير برأي غيره، والحوار مهم في اكتشاف الحق كما أنه مهم في اكتشاف فهم المخالف بما يعين على توجيهه أو تصحيحه، وهو مهم لإزالة أو تقليل كثير من صور البغي والعدوان بين المتخالفين، وهو مهم لرسم سياسة التعاون بين الهيئات والمؤسسات الإسلامية؛ إذ به تتضح المناهج والقدرات ومجالات العمل فيتم التنسيق المثمر، ثم هو في النهاية صورة من صور النصيحة التي يجب أن يبذلها المسلمون لبعضهم.

الدكتور همام سعيد: من القضايا المهمة التي من شأنها أن تسهم بشكل فعال في إنجاح الحوار الاعتراف بأن الخلاف سنة من سنن الله في خلقه، والاعتراف بأن العمل على الاتفاق فريضة من فرائض الدين لتحقيق مفهوم الأمة الواحدة، والرجوع إلى الأصول وعدم الجدل في الفروع والانطلاق، من نقاط الاتفاق لا نقاط الاختلاف، والانطلاق من المقاصد لا من الوسائل.

الشيخ كمال الخطيب: من أجل اختصار المسافة بين صواب المصيب وخطأ المخطئ فليس من سبيل إلى ذلك إلا الحوار وتقليص نقاط التباين، مع تصحيح القصد بابتغاء وجه الله تعالى.

الأستاذ جمال سلطان: الحوار مطلب شرعي وهو المنوط به فهم كل من المتحاورين منطلقات الآخرين ومسوغات مواقفهم، وعندما يغيب الحوار تتحول الأمور إلى  الهواجس والظنون والشكوك والتصدعات، وهذا هو الخطر؛ فالحوار يزيل هذه الهواجس والظنون، لكن في المقابل لا ينبغي أن يتصور أحد أن الحوار لابد أن يتمخض عن وحدة في الصف الإسلامي، أو عن اتفاق كامل شامل بينهم؛ فالمطلوب من الحوار أن يتمخض عنه الالتقاء في مناهج العمل، وإن لم يتمخض عنه ذلك فلن يخلو الحوار من الخير.

الشيخ أحمد فريد: الواجب على أهل العلم النصح للأمة والسعي إلى الاجتماع ونبذ الفرقة؛ لأن الاجتماع سبيل النصر، بينما الفرقة سبيل الفشل وذهاب القوة: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[الأنفال:46]. ففي التقارب روح المودة وعود المخالف إلى الحق، ولا شك أن الحوار والنصح من أسباب الوصول إلى ذلك.

الدكتور كسال عبد السلام: الحوار سبيل  لتوسيع المدارك، ومجال التقارب يكون أكبر كلَّما احتلت السعة في الفكر ثم في المنهج مساحة أكبر وحيزًا أوسع يفضي إلى زوال العقبات والفواصل، وليس ثمة  مجال إلى توسيع المدارك غير الحوار الفكري الصحيح، وقالبه السليم الموصول بخلق السعة في القلوب والنفوس حتى تصل المعاني إلى المدارك لتُفحص، فيتقبل الطرفان منها ما يُقَوِّ، ويرفضان ما يُضْعِف، دون شعور بنقص ولا عُقد، وتحررًا من الالتزام بمنطق الغالب والمغلوب. والرغبة في الوحدة أو التقارب لا ينبغي أن تكون بابًا ينفذ منه من يريد الإخلال بالانسجام السلوكي في المجتمع الإسلامي ليكون الجري وراء الوحدة المظهرية هو أهم ما يُحرص عليه، بينما يترك المضمون الذي هو أساس في صلابة البناء العام.

الأستاذ خالد حسن: أهمية الحوار وضرورته من خلال أمرين:

الأول: اشتراك الجميع في توجه الأمر إليهم بطلب الحق والصواب والعمل به؛ وهذا لا يتم على النحو المأمول إلا بالحوار.

والثاني: أنه ليس بمقدور المتصدر للرأي وصناعة القرار – مهما علا قدره – أن يوفق للصواب منفردًا في كل حين وآن، وهذا ينطبق على المجموعة أو الجماعة كما ينطبق على الفرد؛ لأن الجماعات يغلب عليها التطابق والتماثل فيصير حوارها حوارًا داخليًا لا مشاركة فيه للغير، وهو ما يدل على أهمية الحوار وضرورته في إشراك الغير في الرأي والنظر طلبًا للحق ووصولاً إلى الصواب.

الدكتور عبد الرزاق مقري: التقارب الفكري والمنهجي هو سبيل الوحدة والتعاون بين الحركات الإسلامية؛ وأن هذا التقارب يمكن أن يأتي من خلال الحوار الدائم، ويقترح لتحقيق ذلك أن يتم الاتفاق على منهج عام في تحليل الأحداث، وترتيب العلاقات بينهم والعلاقات مع غيرهم، وما الذي يجب تقديمه وما الذي يجب تأخيره؟ وما المفاسد التي يجب أن تُدرأ أولاً؟ وما المصالح التي تُمنح الأولوية في السعي لتحقيقها؟ وما المساحات التي يجب التقارب فيها؟ وما القضايا التي لا بأس أن يختلفوا فيها؟ وهو مع ذلك يؤكد أن الاتفاق الكامل غير ممكن؛ فالاختلاف الفكري موجود داخل الجماعات، والحركة الواحدة، كما أن الاندماج أمر بعيد المنال.

سليمان أبو نارو: فمع أنه مقر بأن السعي والبحث عن التقارب والاجتماع فريضة شرعية، إلا أنه يريد أن يكون الهدف الأعلى والغاية القصوى الاجتماع والتوحيد وليس التقارب، ويعلل لذلك بقوله: لأن جهد الإنسان قد لا يبلغ غايته؛ فإذا جعلنا الغاية التقارب فأخشى أن تكون النتيجة البقاء على التفرقة، وإن العجز في الطموح يحكي شيئًا من الضعف في الهمة والعزيمة في الأمر، إن الأمثل في أمرنا هذا الوحدة والاجتماع وليس التقارب، ولكن ضرورات الواقع المؤلم هي التي فرضت علينا الحديث عن التقارب.

الدكتور محمد العبدة: الحديث عن الوحدة والاتحاد وإن كان مطلوبًا لكنه في الظروف الحالية التي تمر بها الحركة الإسلامية كلام مثالي؛ والأولى من ذلك إذا أردنا أن نكون واقعيين أن يكون الكلام عن الحوار والتشاور والتقارب، ويضع القواعد التي يراها للإفادة من الحوار ومساعي التقارب؛ فمن ذلك: العودة إلى تفعيل دور العلماء في قيادة الأمة، وتفعيل دور المؤسسات الثقافية والعلمية؛ وإشاعة الحديث عن المصلحة العامة مصلحة الإسلام والمسلمين، وتطهير القلوب من الحزبية والحسد وحب الرئاسة.

الشيخ تيسير عمران: محاولة جمع الحركات الإسلامية في بوتقة فكرية واحدة ومنهج عمل واحد طمع في غير مطمع، لكن المأمول أن تجتمع هذه الحركات في إطار من التنسيق والتكامل والحوار، فإذا قام الحوار في جو من الاحترام المتبادل والنقاش العلمي والبحث عن الحق دون إتباع الهوى أو تعصب للرأي فإنه سيثمر بإذن الله تعالى.

الشيخ محمد حسان: القول بدمج وتوحيد هذه الجماعات أو الحركات على منهج واحد طمع في غير مطمع وأمل تحول دونه حوائل وموانع شتى، وهنا لابد من الحوار كخطوة علمية على طريق التقارب.

الدكتور صلاح الخالدي: يذكر بقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً}[آل عمران:64] ويقول: تدعو الآية أهل الكتاب إلى الالتقاء بالمسلمين والحوار معهم والانطلاق في ذلك من أسس ثلاثة: عبادة الله وحده، والإيمان به إلهًا وربًّا، وعدم الشرك به وعدم اتخاذ غيره إلهًا وربًّا؛ فإن أعرضوا عن ذلك ثبت المسلمون على الحق.

فإذا كانت الآية تفتح باب الحوار بين المسلمين والكافرين فإن الالتقاء والحوار بين المسلمين أوْلى، وإمكانية نجاحه أكبر، وكل ما حول الجماعات الإسلامية يوجب عليهم ذلك اللقاء والحوار.

الشيخ حسن يوسف: العاملين في دائرة العمل الإسلامي كلهم مستهدَفون بقيادة أمريكا في حربها للإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب، وليس أمام العاملين إلا أن يتكاتف الجميع كي يقفوا أمام هذه الهجمة الشرسة التي تسعى لسحق العمل الإسلامي، وإلا بقوا أشتاتًا متفرقين حيث يسهل ضربهم، وفي ذلك خسارة كبيرة للمشروع الإسلامي.

ـــــــــــــ

المصدر/مجلة البيان 216 بتصرف

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!