سيكولوجية أزمة الشباب

 

وإذا كانت مرحلة الشباب هذه تفتقر إلى الإتزان والإستقرار الذي يطبعها نوع من التذبذب والإضطراب فإن مرد ذلك هو أنها غالبا ما تشكل الميدان الذي تتصارع فيه المؤسسات الإجتماعية بشتى أنواعها الأسرية والتربوية والمجتمعية , ففي هذه المرحلة تأخذ حاجات الشباب ورغباتهم الفيزيولوجية والنفسية والإجتماعية أشكالا ومضامين جديدة , وتستدعي طائفة من الدوافع والحاجات الجديدة الغريبة عليه فتسبب له الكثير من الحير لأنه لا يفهمها فهما كاملا , وهي دوافع وحاجات لا بد أن تلاقي إحباطا لأن الشباب لا يكاد يعرف ما يريدون ومن ثم لا يعرف كيف يصل إلى ما يريد , وليس لديه من الخبرة أو الحكمة ما يستطيع أن يتجنب به المتاعب والمصاعب التي تنجم عن إرضاء هذه الدوافع أو الإستسلام لها .
إن الأزمة السابقة الذكر إنما تمثل الإنعكاس الطبيعي لسلسلة من المشكلات التي لها إرتباط عضوي بشتى المجالات النمائية والنفسية والإجتماعية إلا أن مشكلات من هذا القبيل قد لا تكفي لتبيان الأسباب الحقيقية لأزمة الشباب ما لم يتم الربط بينها وبين أطرها المرجعية الفعلية .
ويعني هذا أن أزمة الشباب لا يمكن إختزالها في أزمة جنسية ونفسية , أو ما شابه ذلك إنها ناتجة عن عدة تحولات فجائية تتناول أكثر من ناحية واحدة في شخصية الشاب وتعرض إتزانه النفسي للتمزق والأنشطار , فهي تتناول النواحي الفيزيولوجية التي تنتج عنها إنعكاسات نفسية وعاطفية كما تبرز رغبات الشباب الجنسية المحملة بجملة من التوترات الداخلية نتيجة الصراع بين الأطر المرجعية التي ستتيح له إشباعها تبعا لنوعية القيم السائدة وطبيعة الممنوعات والمسموحات المتبعة داخل هذه الأطر أما على المستوى الذهني فإن حاجات الشاب ورغباته في التعلم والمعرفة تتخذ مضامين وأبعادا جديدة تتمثل في بذل مجهود أكبر لمسايرة ما يزخر به العصر الحالي من تطور علمي وتكنولوجي .
ورغم أن ما تحققه هذه المرحلة للشاب من نمو وارتقاء على مختلف الأصعدة حيث تكتمل قدراته وتعزز ملكاته وتتفتح مواهبه وتتعزز طاقاته ويصبح بالتالي مؤهلا للمشاركة وإبداء الرأي والتكيف للمستقبل مع شتى المجالات إلا أنه يبقى عرضة لأنماط وأشكال عديدة في المعاناة التي تتوزع بين المشكلات الإجتماعية – التي تنتج عنها سلوكات التحرر من السلطة العائلية- إقتصادية وسلطوية (سلطات الأهل والمدرسة…) وقد تتخذ هذه التأولات صورا وأشكالا متعددة تتوزع بين مشاعر الأكتئاب والأنطواء والتوتر والقلق والعنف والتمرد , وعلى هذا الأساس يتحول الشاب إلى ميدان تتصارع فيه قوى مختلفة منها ما هو خاص ومنها بالجانب الفيزيولوجي ومنها ما هو خاص بالجانب الإجتماعي .
ولا بد من الإشارة إلى أن أزمة الشباب لايمكن فهم خصائصها النفسية إلا من خلال الربط العضوي بينها وبين الخصائص الإجتماعية والإقتصادية والثقافية ومظاهرهاالنفسية .
ومن أبرز المظاهر النفسية : القهر والإستغلال والإحباط والحرمان والقسوة والإهمال التي يتعرض لها الشباب منذ نشأتهم الأولى كأطفال أبرياء دلخل أوساط قوامها التربوي والتسلط والقمع حتى دخولهم الى مرحلة تحمل المسؤوليات كشباب متطلع وطموح إلى البناء والتشييد والإنتاج وهي أساليب غالبا ما تكون محمله توترات الإمتثال والرضوح وأحيانا الرفض والتمرد كإنعكاسات ورد فعل على ما يمارس وما يطبق عليهم من تحكم وسيطرة .
 المصدر: شباب عالنت
Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!