شرح حديث الرسول عن الطاعون

إليك عزيزي القارئ شرح حديث الرسول عن الطاعون الذي أصبح موضع تساؤلات كثير من المسلمين مع انتشار وباء كورونا المُستجد الذي حصد أرواح نحو مائتين وثلاثة آلاف

mosoah

شرح حديث الرسول عن الطاعون

إليك عزيزي القارئ شرح حديث الرسول عن الطاعون الذي أصبح موضع تساؤلات كثير من المسلمين مع انتشار وباء كورونا المُستجد الذي حصد أرواح نحو مائتين وثلاثة آلاف شخصًا حول العالم، وإصابة مليوني شخصًا، حيث جاء الطاعون في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد أن فتح القدس في عام خمسة عشر من الهجرة، وقد جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه من الله تعالى بأن أمته يحل عليها الوباء.

لطالما أحبّ رسول الله قومه ودافع عنهم ودعا لها في المِحن لأن يُخفف الله عنهم البلاء ويستغفر لهم، ليأتي رد رب العالمين على دعاء الرسول عند الغُمة ما ورد في سورة الأنفال في الآية33 “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ”، حيث جاء أن هذا المرض رحمةً للمسلمين حيث يتوفاهم الله شُهداء، إذ جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن مرض الطاعون، فقال” إنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين) رواه البخاري، لذا تصحبكم موسوعة في ظل تفشي الفيروس التاجي في هذه الجولة الإيمانية العطرة للتعرّف على ما ورد في حديث نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم عن الطاعون في مقالنا، فتابعونا.

شرح حديث الرسول عن الطاعون

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ فِي الطَّاعُونِ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ..رواه البخاري

وقد ورد في شرح هذا الحديث الشريف ما يلي:

  • يُحذر على المُسلم الدخول إلى الأرض التي انتشر فيها الوباء، أما إذا كان في هذه البلد فلا يخرج منها المؤمن هربًا من الموت، فإن أجل الله لا مفر منه، ويجب على العبد الصالح المُسلِم لأمر الله أن يبقى محله ويدعوا الله أن يكشف الغمة عنه وعن أهله،
  • فقد حصد الطاعون سبعين ألف شخصًا في ثلاثة أيام في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما جاء في قول الإمام أبو القاسم الزمخشري “إنَّ هَذِه الآفَة ظَهرت فِي طَاعُون عمواس في خِلافة عُمر فَمَات مِنها سَبعون ألفًا في ثلاثة أيامٍ وَكَان ذَلك بَعد فَتْح بيتِ المَقْدِس“.
  • ضرب “طاعون العمواس” الشام في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسُمي الطاعون بعمواس التي هي قرية تقع بالقرب من فلسطين، وقد سُمي هذا العام “عام الرمادة” للمجاعة التي حدثت في المدينة المنورة، وقد كان عمر رضي الله عنه في المدينة، فأراد دخول الشام وتوّجه بالجيش ليُلاقي جيوش المسلمين التي كانت في الشام مع أبي عبيدة بن الجراح، وصل إلى أطراف الشام، وبلغه أمر الطاعون وفتكه وضراوته فستشار الأنصار والصحابة.
  • فقال جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول “إذا سمعتم بهذا الوباء في أرض -يعني الطاعون- فلا تقدموا عليها، وإن وقع وأنتم بالبلد فلا تخرجوا فرارًا منه”، فرجع عن أمره، وعاد إلى المدينة المنورة ، وحين انكشفت الغمة دخل عمر بن الخطاب الشام.
  • إلى جانب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في القرآن الكريم في سورة البقرة في الآية 195 في قوله تعالى” وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”، فيجب على المُسلم الرجوع عن كل بؤرة من بؤر الوباء وعدم الإقدام للدخول إليها أو الفرار منها، فإل أين فالله في كل من كان وهو أقرب من حبل الوريد، يعلم ما يُخفي الإنسان وما يُعلن فأتقوى الله يا أولي الألباب وأعلموا أن الله قادر على كل شيء واحتسبوا هذه الغمة والكرب.

حديث الرسول عن مرض الطاعون

  • وقد جاءت نبوءة الرسول عن انتشار الطاعون الذي يقضي على الغنم والزرع والحرث حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا”.

جاء في الحديث إشارة إلى أهمية المكوث في البلاد وعدم الهرب،  مع ضرورة الصبر والاحتساب، فإذا صبر أكرمه الله بأجرٍ عظيم، وإذا مات فقد نال الشهادة، فمن مات مُصابًا بالطاعون فيد كُتب عند الله شهيدًا.

  • فكما جاء في قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 243 “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ”، إن من ينزل عليه وباء في بقعة من بقاء الأرض ففروا منها هربًا، فقد قال الله لهؤلاء موتوا، ومن ثم أعاد إليهم الحياة من جديد، لتتضح قُدرته وأنه لا مفر من قضاءه وقدره، كما ورد في سورة النساء في الآية 78 ” أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ”.

كما جاء عن  أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ”، فمن مات بالطاعون مات شهيدًا، فعلينا بالدعاء والاستغفار وقراءة القرآن الكريم لكي ينعم الله علينا بالمغفرة والرحمة ورفع البلا .

  •  فقد ورد عن السيدة العائشة عندما سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأجابها أنه عذاب أرسله الله على من يشاء من عباده، فيا كاشف الغمة اكشف عنا البلاء والهم والحزن، وارفع مقتك وغضبك عنا ومن كل شر سلمنا، كما جاء عن أبي موسى رفعه: فناء أمتي بالطعن والطاعون، قيل: يا رسول الله، هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون ؟ قال : وخز أعدائكم من الجن ، وفي كلٍّ شهادة”، فقد عُرف عن الوباء أنه يُصيب مواضع في الجسم ويُسبب لون أسود في اليدين، وقد سُجل من الأمراض الأشد فتكًا وهلاكًا.
  • في زمن انتشرت فيه الأوبئة والأمراض وحصدت الأرواح من حول العالم فلا تُفرق بين الكبير والصغير، لنشهد كما شهد عباد الله في عهد عمر بن الخطاب الطاعون ولكننا نشهد فيروس تاجي، يتساءل البعض عن علاقته بالطاعون، ليأتي العلماء نافين هذا، وبينما يؤكد الفقهاء ضرورة عدم مُغادرة الأرض التي تفشى بها، وذلك بالأسانيد التي ذكرناها، فلا يوجد مفرّ أو هرب من المولى الذي إذا قال للأمر كن فيكون فإلى أين نُغادر ونرتحل، لذا فوجب على كل من كان في بلد غير بلده ألا يُغادرها ويرحل عنها حتى تنكشف الغُمة وينتهي الوباء وتغمر الأرض السلام والرحمة، فيا سميع اغفر لنا.
Source: mosoah.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!