‘);
}

الأضحية

تتزاحم العبادات التي تقرّب العبد من الله تعالى في شهر ذي الحجّة، وخاصّةً في الأيام العشر الأولى منه، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشْرِ)،[١] ومن الأعمال المشروعة فيها: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحجّ، وغيرها من أعمال البرّ والخير، ومن أيام العشر من ذي الحجّة: يوم النحر الأكبر؛ ففيه تجتمع العديد من أعمال البرّ، مثل: الصلاة، وصلة الأرحام، وذبح الأضاحي، وغير ذلك من القربات، وورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يخصّ يوم النحر: (أعظمُ الأيامِ عندَ اللهِ يومُ النحرِ، ثمَّ يومُ الْقَرِّ)،[٢] والمقصود بيوم القرّ؛ اليوم الذي يلي يوم النحر، أي اليوم الحادي عشر من ذي الحجّة، وسميّ بذلك؛ لأنّ الناس يقيمون ويسكنون بمنى في ذلك اليوم، ومن أعظم الأعمال التي تكون في ذي الحجّة؛ الحجّ إلى بيت الله الحرام، وأداء المناسك المتعلّقة به من طوافٍ، وسعي، ومبيتٍ في منى ومزدلفة، والوقوف بعرفة، ونحر الهدي، ورمي الجمار، ومن الأعمال المشروعة في ذي الحجّة التي ينال بها العبد الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى: الأضحية؛ وهي ما يذبح من الأنعام؛ أي الإبل والبقر والغنم، وذلك يوم عيد الأضحى أو في أيام التشريق الثلاثة التي تليه؛ تقرّباً لله تعالى، وطلباً للأجر العظيم، واقتداءً بالرسول عليه الصّلاة والسّلام، ومن الجدير بالذكر أنّ الأضحية نوعٌ من أنواع الذبائح؛ فالذبيحة قد تكون الهدي في الحجّ، أو العقيقة التي تؤدّى عن المولود، أو أيّ نوعٍ من الأنعام الذي يُذبح تقرّباً لله تعالى، وقد تكون الذبيحة وفاءً بنذرٍ ما، أو أضحيةٍ، والذبيحة لها أجرٌ عظيمٌ عند الله تعالى؛ حيث إنّها من أفضل العبادات، فقد قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)،[٣] والنسك الوارد في الآية السابقة يُقصد به الذبح.[٤]

طريقة ذبح الخروف

يستحبّ توجيه الذبيحة إلى القبلة عند إرادة ذبحها، ويستحبّ كذلك التسمية، ودليل ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال عندما ذبح كبشاً: (باسمِ اللهِ، اللهم تقبل من محمدٍ وآلِ محمدٍ، ومن أُمَّةِ محمدٍ)،[٥] كما روى الإمام مسلم في صحيحه ممّا رواه الصحابي أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: (ضحَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بكبشيْنِ أملحيْنِ أقرنيْنِ، قال: ورأيتُه يذبحُهُما بيدِه، ورأيتُه واضعًا قدمَه على صِفَاحِهما، قال: وسمَّى وكبَّر)،[٦] وقال ابن حجر فيما يخصّ الحديث السابق: إنّ التكبير مستحبٌّ مع التسمية، وكذلك وضع الرجل على الصفحة اليمنى لعنق الأضحية؛ وذلك تسهيلاً على الذابح ليمسك السكين باليد اليمنى، ويمسك رأس الذبيحة باليد اليسرى، ومن الجدير بالذكر أنّ الذبح يتحقّق بقطع الأوداج، والودج هو العرق الذي في الأخدع، وهما عرقان متقابلان، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما أنهرَ الدمَ، وذُكِرَ اسمَ اللهِ فكُلْ، ليس السنَّ والظفرَ)،[٧] ووضّح النووي أنّ الذبح يشترط به القطع وجريان الدم، وأورد ابن المنذر أنّ العلماء أجمعوا على أنّ الذكاة تتحقّق بقطع الحلقوم والمريء والودجين وإنهار الدم، ويجوز الذبح بأيّ أداةٍ تحقّق ذلك المقصود؛ كالحجر مثلاً، إن لم يتيسّر الذبح بالسكين، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابيّ عبد الله بن عمر رضي الله عنه، حيث قال: (إنَّ جارِيَةً لكعبِ بنِ مالكٍ تَرعَى غنَمًا له بالجُبَيلِ الذي بالسُّوقِ، وهو بسَلْعٍ، فأُصِيبَتْ شاةٌ، فكسَرَتْ حَجَرًا فذبحَتْها به، فذَكَروا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأمَرَهم بأكْلِها)،[٨] فيجوز الذبح بأيّ أداةٍ محدّدةٍ إلّا السنّ والظفر والعظام، فيجوز مثلاً الذبح بالسيف والسكين والحجر والخشب والسنان والزجاج والقصب والخزف والنحاس.[٩]