“عالم اجتماع” يشرح سبب إصرار بعض المواطنين على عدم ارتداء “الكمامة” وسخريتهم ممن يحتاط من فيروس “كورونا”

بالرغم من الجهود الحكومية والإعلامية المبذولة للتوعية بخطر فيروس كورونا المستجد

Share your love

“عالم اجتماع” يشرح سبب إصرار بعض المواطنين على عدم ارتداء “الكمامة” وسخريتهم ممن يحتاط من فيروس “كورونا”

هوية بريس – نبيل غزال

بالرغم من الجهود الحكومية والإعلامية المبذولة للتوعية بخطر فيروس كورونا المستجد، إلا أن التجاوب معها يبقى ضعيفا، حيث يصر كثير من المواطنين على مخالفة التدابير الاحترازية بشكل متعمد، رغم علمهم بالعقوبات المالية والسجنية المترتبة على أفعالهم.

وجواب على هذا الإشكال قال أستاذ علم الاجتماع، الدكتور عبد الله الشارف، أنه من البديهي والمقرر عند علماء الاجتماع والتربية أن الخطاب والتواصل الصحيح والبناء بين فئات المجتمع وطبقاته من جهة وبين المسؤولين من جهة ثانية، أمر أساسي وضروري لقيام المجتمع القوي والصالح.

وإذا نظرنا إلى واقع المجتمع المغربي من هذه الزاوية وجدنا غياب التفاعل والتواصل البناء بين الطرفين، لكون البنية العقلية والثقافية لمعظم أبناء الشعب ولكثير من المسؤولين، يعتريها بعض الخلل، وكذا غياب عناصر الرؤية الإصلاحية الحقيقية، رغم الأعمال والمجهودات الكبيرة التي يضطلع بها المسؤولون في جميع القطاعات: الأمن والصحة وغيرهما.

وفيما يتعلق بعدم التزام كثير من المغاربة بالأساليب الوقائية والاحترازات الطبية بشأن فيروس كورونا، قال أستاذ علم الاجتماع في تصريح لمنبر “هوية بريس”، هناك أسباب كثيرة، لعل أهمها: الفقر والجهل.

إن عامل الفقر والهشاشة الاجتماعية لدى المجتمع المغربي، لا سيما الطبقة الفقيرة، يحول دون إدراك خطورة الأمر. ذلك أن المغاربة الفقراء أو من ذوي الأجور الضعيفة، يعتبرون الحياة معركة يومية من أجل البقاء. همهم الوحيد يتركز حول لقمة العيش. ولا يقيمون للفيروس وزنا، وقلما يخشون الأمراض، لأن ما يعانونه من فقر وتهميش أشد وطأة وألما على أنفسهم من خطر الفيروس وغيره من الأمراض. ولذا تجدهم أحيانا يستهزئون بمرض كورونا، ويسخرون ممن يهابونه ويخشون الموت بسببه.

وهناك من ناحية أخرى عامل الجهل الناتج عن “التجهيل الممنهج” الذي سلكته الحكومات المتعاقبة على السلطة، خاصة من خلال الإعلام والثقافة والتربية والتعليم. فما نراه اليوم من حالة اللا مبالاة التي يعيشها جل المغاربة هي نتيجة ضعف الحمولة التربوية سواء من خلال المؤسسات التعليمية أو الإعلامية أو الثقافية، وكذا ضعف التركيز على  عناصرالهوية الوطنية والقيمية والإسلامية.

وأضاف مؤلف كتاب “علم الاجتماع في العالم العربي” بأن التعليم في وطننا العزيز القائم على التبعية والاستيراد والاستغراب، أسهم إسهاما كبيرا في إعداد وتخريج عدد هائل من الشباب العاطلين، سواء أنهوا دراساتهم الثانوية والعليا، أو كانوا من أشقياء وتعساء الهدر المدرسي.

هؤلاء الشباب تكاثروا في المغرب واعتراهم اليأس والتدمر والإحباط، نتيجة التربية التعليمية المختلة، وضعف التنشئة الاجتماعية، وغياب القيم الدينية والأخلاقية الاجتماعية، التي هي أساس وروح المجتمع الصالح، وهيمنة كثير من القيم المنحرفة والداعية إلى الانحلال الأخلاقي والفساد، والتفكك الأسري والاجتماعي، والثورة على ثوابت الهوية المغربية (الدين، اللغة، التاريخ)، وذلك باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

كل هذه الأسباب والعوامل وغيرها مما لم يذكر من أمثالها ونظائرها، يدفع كثيرا من هؤلاء المغاربة التعساء والجهلة والمهمشين، إلى الاستهتار واللامبالات بالتعليمات والتوجيهات، والمجهودات التي يقوم بها المسؤولون ويتعبون ساهرين على أدائها. لكن كما يقول المثل العربي: “إنك لن تجني من الشوك العنب”، أي لا يحصد الإنسان إلا ما زرعه.

وختم أستاذ التعليم العالي تصريحه لـ”هوية بريس” بأن المجتمع المغربي، مسؤولين ورعايا، يتحمل المسؤولية تجاه وباء كورونا وغيره من الظواهر المرضية والاجتماعية. وكما أن بعض المسؤولين لا يحسنون تدبير مسؤوليتهم فيسيئون إلى المجتمع، فكذلك المجتمع المغربي يكثر في أفراده من لا يتحمل المسؤولية أيا كان نوعها. والأمر مشترك بين الطرفين، وهذه الظاهرة تعبر عن قانون من القوانين والسنن الاجتماعية الثابتة والمطردة عبر التاريخ والمجتمعات والحضارات المتعاقبة إلى يوم الناس هذا.

Source: howiyapress.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!