عضو هيئة الانتخابات بتونس عادل البرينصي: نرفض التشكيك في استقلاليتنا وأي نظام انتخابي جديد بحاجة إلى توافق

يجيب عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عادل البرينصي على الاتهامات التي طالت الهيئة بعدم الاستقلالية والحياد، وفرضية ذهاب رئيس الجمهورية نحو حلها أو تعطيلها

Share your love

البرينصي: لابد من تغليب صوت العقل من أعلى سلطة بالبلاد (الجزيرة نت)

تونس- يجيب عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عادل البرينصي على الاتهامات التي طالت الهيئة بعدم الاستقلالية والحياد، وفرضية ذهاب رئيس الجمهورية نحو حلها أو تعطيلها، كما يعطي تصوره لمآلات الأزمة السياسية الراهنة، بما فيها الذهاب نحو الانتخابات أو الاستفتاء.

هذا تقدير خاطئ وغير صحيح بالمرة لأن الهيئة أثبتت في جل المحطات الانتخابية، بلدية وتشريعية ورئاسية، على أنها مستقلة ومحايدة بشهادة منظمات رقابية محلية ودولية، أيضا من المهم الإشارة إلى أن نتائج الانتخابات التي أشرفنا على تنظيمها أفرزت نتائج غير متوقعة ومنها فوز الرئيس قيس سعيد بالرئاسة على عكس ما كان يحدث قبل الثورة.

أنا أستغرب كيف يمكن أن يصدر هذا القول من أشخاص جاءت بهم الانتخابات الرئاسية على دورتين، ولم نجد حينها أي تشكيك في استقلاليتنا أو حيادنا، ونحن على مسافة من كل الأحزاب وليست لنا أي مشكلة أو حسابات مع أي طرف.

  • يرى البعض أن الهيئة تدفع الآن ثمن إعلان موقفها من الإجراءات التي اتخذها سعيد في 25 يوليو/تموز وتحديدا تصريحات رئيس الهيئة نبيل بافون حين قال إن إجراءات رئيس الجمهورية غير متطابقة مع أحكام الدستور وأنه لا يمكن التوجه نحو انتخابات مبكرة سابقة لأوانها في ظل الفراغ الدستوري؟

نحن هيئة مستقلة مؤتمنة على الانتقال الديمقراطي، وعلى أصوات الناخبين ليس فقط في المحطات الانتخابية بل حتى في النتائج التي نقرها، نحن نرفض تجاوز القانون وهو موقف مبدئي لا يتغير بمرور الزمن، وأتساءل هنا: بأي قانون سنعمل حين يتم تعطيل العمل بفصول من الدستور، كما أنه لا يمكن تغيير قواعد اللعبة في وسط اللعبة نفسها، وإلا فسيكون هناك تشكيك في النتائج، لذلك أنا أقول إنه بحال تم الإعلان عن انتخابات قادمة لابد أن يكون هناك نوع من التوافق على هذا النظام الانتخابي الجديد بعيدا عن فرضه بالقوة.

  • هل تساوركم مخاوف من ذهاب الرئيس نحو تعطيل أو حل هيئة الانتخابات كما فعل مع هيئات دستورية ومؤسسات تشريعية خصوصا وأن خبراء في القانون الدستوري أجازوا له القيام بذلك في ظل ما وصفوه بالوضع الاستثنائي للدولة؟

على مستوى التوقعات وما يصرح به أنصار الرئيس والأحزاب التي تريد الانقلاب على كل شي، فهذا مطروح، لكن حتى اللحظة رئيس الجمهورية ومن خلال عمله بالمرسوم 117 لم يعط أي إشارة ذات علاقة بحل أو تعطيل عمل الهيئة أو حتى تغيير أعضائها، لكن لا شيء مضمون في غياب العمل بالدستور وعدم وضوح الرؤية.

  • لكن هناك خبراء في القانون الدستوري أجازوا له ذلك؟

هؤلاء أعتبرهم في مقام “مفتي السلطان” والكل يعرف أن بعضهم كانوا في السابق يبررون للرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وبرروا قبله للرئيس الحبيب بورقيبة، واليوم يبررون لغيرهم، طريق الديمقراطية انطلق ولا يمكن التراجع عنه، ومن العيب التهجم على هيئة دستورية مستقلة تم انتخاب أعضائها بأغلبية معززة من البرلمان الذي يعكس إرادة الشعب.

  • ماذا لو ذهب الرئيس فعليا نحو حل الهيئة أو إيقاف عملها كما فعل مع هيئات ومؤسسات في الدولة؟

إذا استبد به الأمر وشكك في هيئة دستورية التزمت بتطبيق القانون فهو مسؤول عن قراراته، وهناك حديث حول توجه الرئيس لتكوين لجنة لتعديل الدستور والقانون الانتخابي، وهنا أتساءل: من سيضمن أنها ستكون مستقلة؟ يؤسفني أن النموذج الديمقراطي الوحيد في العالم العربي، والذي ظل لسنوات محل إشادة دولية، أصبح اليوم محل استغراب وتشكيك، صحيح هناك أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة لكن لا يمكن التخلي عن الحريات والحقوق والقانون بذريعة تحقيق الإصلاح والتنمية.

  • يرى كثيرون أن تقرير محكمة المحاسبات تضمن عدة أدلة على تجاوزات وخروقات لأحزاب وقوائم مستقلة ترشحت للانتخابات الماضية قد يستغلها الرئيس لإسقاط قوائم انتخابية وربما الذهاب نحو حل البرلمان، ألا ترون أن ذلك يشكك في الهيئة نفسها؟

تقرير دائرة المحاسبات تقرير رقابة يأتي بعد تنظيم الانتخابات، وهو أمر طبيعي لما تملكه المحكمة من إمكانيات ذات علاقة بمراقبة الأموال وتمويل الحملات الانتخابية، ونحن في تلك الفترة لم تصلنا معطيات توجب إسقاط القوائم الانتخابية، يبقى المشكل الوحيد في إثبات التمويل الأجنبي للأحزاب باعتباره جريمة انتخابية لأن مسار التقاضي يأخذ وقتا طويلا.

  • تقرير محكمة المحاسبات السابق تحدث عن خروقات ذات علاقة بالحملة التفسيرية للرئيس سعيد عبر الشبكات الاجتماعية؟ هل سيكون لكم موقف منها؟

في حال ثبت قضائيا وجود خروقات تتعلق برئيس الجمهورية فنحن ملزمون بتطبيق القانون مثلما نطبقه على أي حزب سياسي أو مرشح آخر، لأن الشيء الوحيد الذي يضمن تعايشنا هو احترامنا للقانون دون تفرقة وتمييز.

  • ما آخر نشاط للهيئة الآن؟

بعد تعطل دام أشهرا بسبب جائحة كورونا استأنفنا التحضيرات للانتخابات البلدية الجزئية، وبعثنا مراسلة لرئاسة الجمهورية نشرت في الجريدة الرسمية للبلاد، بخصوص هذا الموضوع، لكن يبقى الآن أن ننتظر دعوة الرئيس الناخبين للمشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي وفق ما يمليه القانون.

  • منذ آخر انتخابات تشريعية ورئاسية يدور حديث بأن الهيئة تعيش حالة من الخلاف الحاد والانقسام في المواقف، هل لا يزال هذا الخلاف قائما؟

طبيعي أن تكون هناك آراء وتقديرات مختلفة، غايتها الإصلاح وتنظيم الهيئة، وفي بعض الأحيان وتحت هذه التعلات يتم الانفراد بالرأي، لكن في العموم الاختلاف من أجل الإصلاح لا يفسد للود قضية.

  • أعلن اتحاد الشغل أنه بدأ مناقشة وإعداد مقترحات بشأن مراجعة القانون الانتخابي والنظام السياسي وقانون الأحزاب والجمعيات؟ ما رأيكم؟

دور اتحاد الشغل مهم جدا لا ينكره أي عاقل، وهو الخيمة التي يستظل بها الجميع من قوى سياسية ومدنية، ولاحظنا الفترة الأخيرة أن دوره بات سياسيا أكثر من أن يكون نقابيا، وهي مهمة اقتضتها الأزمة التي تعيشها البلاد، لكن ما يعاب على المنظمة الشغلية أنها لم تستشر هيئة الانتخابات في علاقة بمقترحها، وجاءت بأشخاص مؤدلجين ومعروفين  بكرههم لأحزاب بعينها ويصرحون بذلك في العلن، وهو ما من شأنه أن يضرب مصداقية وحياد هذه اللجنة، وبالتالي لابد له من أن يحذر من التورط في تبعات قرارات ومواقف هذه اللجنة التي قد تخرجه عن حياده الذي عرف به.

  • كثيرون يتحدثون عن انتكاسة الديمقراطية في تونس، بل والكفر بها، ماهي أسبابها وفق تقديرك؟

هناك حقيقة لابد من الإقرار بها وهي فشل الجميع في صناعة “ناخب مواطن” يكون حرا في اختياره وليس مجرد “رعية” وهنا أتحدث كخبير في الاتصال أكثر من كوني عضوا بهيئة انتخابات، حيث أننا لم نصنع طوال هذه السنوات ناخبا حقيقيا يعطي رأيه في من سينتخبه بعيدا عن الولاء الأيديولوجي الأعمى بل من منطلق تقييم موضوعي لأدائه السياسي، وهو ما أضر بالمشهد السياسي وشوه صورة الديمقراطية.

  • في صورة إعلان الرئيس عن استفتاء شعبي حول نظام الحكم أو الدعوة لانتخابات مبكرة هل تعتقد أن الهيئة قادرة على تنظيمها؟

نحن مستعدون لذلك، لكني أقول إنه من الخطير استسهال عملية الدعوة لاستفتاء في مجتمع يشهد نسبة كبيرة من الجهل السياسي والقانوني، لأن آلية الاستفتاء الشعبي تفضي لنتائج حتمية لا يمكن التراجع عنها وقد تفضي للندم وتؤدي لتقسيم فعلي للمجتمع، وأنا هنا أتساءل بحال جاءت نتائج الاستفتاء على غير ما يريده من نظمه ماذا سيكون الموقف وقتها؟ وهل سيقبل بالنتيجة؟

  • عبرت الهيئة عن استعدادها لمساعدة نظيرتها بليبيا وتقديم كل الخبرات البشرية واللوجستية لتنظيم الانتخابات المرتقبة بهذا البلد، هناك من شكك في قدرة الهيئة وكفاءتها، فما ردكم؟

علاقتنا مع الشقيقة ليبيا قديمة جدا ونتبادل منذ سنوات الخبرات في جميع المجالات، كما أنه سبق أن قدمنا للسلطات هناك الدعم اللوجستي والبشري خلال تنظيمها الانتخابات البلدية الجزئية عام 2018، وأقول للمشككين إن الهيئة تحظى بإشادة دولية وأممية وكنا أول من دعا لاعتماد العربية لغة للتواصل في الجمعية العالمية للهيئات الانتخابية.

  • في ظل المشهد السياسي، ما المخاوف التي تعتريكم؟

أقول إن إرساء الدكتاتورية سهل لكن الصعب هو المحافظة على الديمقراطية، والخطر في تونس هو استغلال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية سياسيا، وهذا ما لا يعيه البعض لأن النتيجة ستكون كارثية على الجميع وسينفجر الوضع ولن نتحدث وقتها لا عن ديمقراطية ولا عن انتخابات، أيضا غياب الحوار بين مختلف القوى السياسية والوطنية المحلية من شأنه أن يفتح الباب نحو التدخل والوصاية الخارجية وهذا أمر خطير.

الخطر الآخر هو ارتفاع حدة الخطابات المتشنجة والتي تدعو إلى التفرقة والكراهية، لأن تصاعدها سيذهب بالبلاد إلى صراعات لا يمكن التكهن بنتائجها، لابد من تغليب صوت العقل من أعلى سلطة في البلاد وأن يكون تطبيق القانون الأرضية للحوار والنقاش، فمهما اختلفنا يجب أن يكون المشترك بيننا هو القانون الذي نحتكم إليه، ومصلحة الوطن والشعب هي الغاية المثلى.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!