فضل سورة ق للقرين
٠٩:١٣ ، ١ يونيو ٢٠٢٠
}
سورة ق
تُعدُّ سورة ق من السور المكيّة باستثناء الآية الثامنة والثلاثين منها فهي آية مدنيّة، وهي السورة الخمسون حسب ترتيبها في القرآن الكريم، تقع في الجزء السادس والعشرين من أجزاء القرآن الكريم، وفي الربع السابع والثامن، وقد نزلت بعد سورة المرسلات وقبل سورة البلد، بلغ عدد آياتها خمسًا وأربعين آيةً، وبدأت السورة بأسلوب القسم {ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1][١]، وقد سمّيت في عصر الصحابة باسم (ق) نسبةً إلى الحرف الأول الذي ابتدأت به آياتها، وقد سُميّت العديد من سور القرآن الكريم نسبةً إلى الحرف الأول الواقع في بدايتها لتمييزها وحتى لا يحدث لبس بأسماء سور أخرى، ومنها سورة طه {طه} [طه: 1]، وسورة ص {ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1]، وسورة يس {يس} [يس: 1][٢].
‘);
}
ما هو فضل سورة ق للقرين؟
قد يُسيطر القرين على الشخص ويتسلّط عليه، وقد ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنّ كل شخص مُعرّض لأن يسيطر عليه القرين وقد يوسوس له بالشرّ ولا ينجو منه إلّا من توكل على الله سبحانه وتعالى، فيحفظه الله من وساوس الشياطين وضررها وشرورها، وقد سلّم الله سبحانه وتعالى الرسول الكريم من وسوسة الشيطان والقرين له، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ يا رَسولَ اللهِ؟، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
تتميّز الرقيّة الشرعيّة بانّها علاج لفتنة القرين ومنعه من إلحاق الضرر والشرّ بالإنسان، وتكون بقراءة بعض الأدعيّة والسور والآيات من القرآن الكريم، ويكون العلاج من القرين بالمحافظة على قراءة القرآن الكريم وأذكار الصباح والمساء والتضرّع له سبحانه وتعالى بالدعاء، وتُعدّ سورة ق من السور التي لها الفضل العظيم لهلاك القرين وعلاجه والتأثير عليه كثيرًا، ويكون ذلك بقراءتها مع سورة الدخان وبقيّة الرقيّة الشرعيّة على كوب من الماء مرةً أو مرتين ولعدّة أيام، بالإضافة إلى المواظبة على قراءة سورة ق باستمرار[٣].
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤها في العديد من المجامع الكبيرة، مثل صلاة العيد وصلاة الجمعة، لفضلها العظيم واشتمالها على المعاني العظيمة والقيّمة؛ فقد تحّدثت السورة عن الثواب للمؤمنين والعقاب للكافرين، واشتملت أيضًا على أسلوبي الترغيب والترهيب في آياتها، بالإضافة إلى تناولها لمواضيع الخلق والبعث والنشور ويوم الحساب، ويُذكر أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد كان يرددها في صلاته، خاصةً في صلاة الصبح أي الفجر، فقد روي عن أم هشام بنت حارثة أنّها قالت: (ما حَفِظْتُ ق، إلَّا مِن في رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يَخْطُبُ بهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، قالَتْ: وَكانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَاحِدًا) [صحيح مسلم: خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا يُواظب على قراءتها في كل من صلاتي عيد الفطر وعيد الأضحى، والدليل على ذلك ما قد ورد عن عبيدالله رضي الله عنهما أنّه قال: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ: ما كانَ يَقْرَأُ به رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في الأضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقالَ: كانَ يَقْرَأُ فِيهِما بـ {ق وَالْقُرْآنِ المَجِيدِ}، وَ{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ}) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٤].
ما هي المواضيع التي تتناولها سورة ق؟
تضمنت سورة ق العديد من المواضيع التي تناولتها آياتها؛ فقد كان المحور الرئيسي للسورة يدور حول العقيدة الاسلاميّة والبعث والنشور، وإنكار الكافرين له؛ إذ جاءت السور حاملةً معها البراهين والأدلة الصادقة التي تُبيّن صدق البعث والنشور وحقيقة حدوثهما بعد الموت، بالإضافة إلى اشتمالها على أسلوبي الترغيب للمؤمنين، والترهيب للكافرين، وكذلك فقد تناولت السورة العديد من المواضيع، أهمّها ما يأتي[٢][٤]:
- التنويه بشأن القرآن الكريم.
- تكذيب الكافرين للرسول صلى الله عليه وسلم لأنّه من البشر.
- ترهيب الكافرين وتنظيرهم ووعيدهم بأن يحلّ بهم العذاب مثل الأمم السابقة بسبب تكذيبهم للرسالة والبعث.
- بيان أدلة قدرة الله سبحانه وتعالى في هذا الكون اعظيمة، وأنّه قادر على البعث وإعادة إحياء الموتى مثلما خلقهم أول مرة، ودعوة المُكذّبين للنظر إلى قدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء الموتى من الحين للآخر والتي تتجلى في الزرع والأشخار، كذلك الأمر بالنسبة للبعث.
- تذكير المُكذّبين بهول الأحداث التي تحدث يوم القيامة، والتوعد بعذاب الآخرة للمُشركين من بداية مرحلة الاحتضار عند موتهم.
- الثناء على المؤمنين بالبعث والرسالة وبأنّهم يتذكرون القرآن الكريم، وقد وعدهم الله سبحانه وتعالى أيضًا في هذه السورة بثوابهم بنعيم الآخرة.
- تسلية رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بسبب تكذيب المشركين لرسالته، وقد أمره الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات بطاعته عزّ وجل والصبر على المُكذّبين ودعوته، وترك أمر المشركين والمكذبين إلى يوم الحساب، وبيان أن الله عزّ وجل قادر على تعذيبهم وأخذهم من تلك اللحظة، ولكن حكمة الله قضت بتأجيل عذابهم، خاصةً أنّ الله سبحانه وتعالى أمر رسوله بتذكيرهم بالقرآن الكريم، ولم يُكلّف أبدًا بإكراههم على الإسلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم غير مسؤول عن كفرهم وتكذيبهم.
- بيان قدرة الله سبحانه وتعالى على معرفة خفايا الأمور والأشياء والخواطر التي تجول في النفوس، وأنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ويعلم ما يجول في خاطره وأنّه أقرب إليه من حبل الوريد، وأنّ عليه رُقباء ثابتين من الملائكة.
ما هو سبب نزول سورة ق؟
بالنسبة لسبب نزول سورة ق فقد ورد أنّ اليهود قالوا بأنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق الخلق كاملًا في ستّة أيام، ثم استراح عزّ وجل في اليوم السابع الذي يُصادف يوم السبت، وهو يوم الراحة عندهم، لذلك نزل قول سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ، فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ ..) [ق: 38- 39]، ويُقال أيضًا إن اليهود جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وسألته عن خلق السموات والأرض، فكان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق الأرض يومي الأحد والاثنين، ثم خلق الجبال وما فيهنّ من المنافع يوم الثلاثاء، أمّا الشجر والماء فقد خلقهم عزّ وجل يوم الأربعاء، وكذلك فقد خلق السماء يوم الخميس، وخلق النجوم والشمس والقمر يوم الجمعة، ثم سألته اليهود قائلةً: ثم ماذا يا مُحمّد؟ فكان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّ الله عزّ وجل استوى على العرش بعد ذلك، ولكن كان ردّهم للنبي بأنّه أصاب لو تمّم قوله بقول ثم استرح عن الله عزّ وجل، فغضب الرسول من كلامهم غضبًا شديدًا، فنزلت بعد ذلك الآية السابقة لتُبيّن حقيقة خلق السموات والأرض[٤].
المراجع
- ↑“سورة ق 50/114″، e-quran، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2020. بتصرّف.
- ^أب“مقاصد سورة (ق)”، islamweb، 03-02-2019، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2020. بتصرّف.
- ↑“تسلط القرين يفقدني الخشوع في الصلاة “، ar.islamway، 28-9-2017، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2020. بتصرّف.
- ^أبت“الوقفات التدبرية لسورة ق”، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2020. بتصرّف.