يتميز شهر رمضان المبارك عادة بكونه وقتاً اجتماعياً تكثر فيه الجلسات الجماعية والاجتماعات العائلية والاحتفالات الدينية، حيث تتجمع العائلات والأصدقاء على موائد الإفطار أو السحور. كما يزيد إقبال المسلمين في هذا الشهر عَلى المساجد، ويجتمعون لأداء صلاة التراويح أو القيام، ويقوم بعض المسلمين بالاعتكاف في المساجد لأيام وليال متواصلة خلال العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل.

أثر وباء كورونا على الطقوس الرمضانية

يسهل انتقالفيروس كورونا الجديد (بالإنجليزية: Coronavirus) في حال اقتراب الأشخاص من بعضهم وتجمعهم، حيث ينتقل هذا الفيروس من خلال الرذاذ الذي يخرج عند التنفس إضافة إلى لمس الأسطح الملوثة بالفيروس؛ ولذا فإن منع التجمعات ووضع قيود على الحركة يسهم في الحد من انتشاره بشكل كبير.

في هذا العام ألقت جائحة فيروس كورونا الجديد أو ما يعرف بإسم كوفيد-19 بظلالها على الطقوس الرمضانية، التي تم تعديلها لتلائم توجهات الصحة العامة بالتباعد الاجتماعي. وسيقضي 1.8 مليار مسلم في العالم هذا العام شهر الصوم والتأمل شهر رمضان – الذي بدأ برؤية الهلال – بالحفاظ على التباعد الاجتماعي، وستقتصر الاجتماعات على مائدة الإفطار على أفراد العائلة في البيت الواحد.

كذلك ستبقى المساجد مغلقة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما هو الحال في الأردن والعراق ومصر وتونس والمغرب والجزائر والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة، والولائم العامة الكبيرة التي تقيمها السلطات أو الأفراد المحسنون محظورة في معظم أنحاء العالم الإسلامي حيث لا يزال حظر التجول وحالات الإغلاقات مفروضة بصرامة.

أما بالنسبة للنداء إلى الصلاة فهو وكما اعتاد المسلمون خلال الشهرين الماضيين قد شهد اختلافاً فرضته قيود الدول على التجمعات الاجتماعية، حيث أن النداء في جميع مساجد العالم أضيفت إليه عبارة – صلوا في بيوتكم –، ومع حلول هذا الشهر الفضيل أصبح هذا التغيير على النداء أكثر تأثيراً على النفس.

أثرت توقف حركة السفر العالمية إلى حد كبير على الجميع، وعانت خطوط الإمداد أيضاً، وتولدت مخاوف من حدوث نقص في المواد الغذائية في بعض المناطق، وقد قامت بعض الدول مثل الأردن بتعديل أوقات الحظر في رمضان لتسهيل خروج الناس إلى التسوق خلال الشهر الفضيل. وشجعت الهيئات الدينية العائلات على استغلال القيود المفروضة عليهم هذا العام من خلال تقوية العلاقات بين أفراد العائلة في البيت الواحد.

اقرأ أيضاً: رمضان ٢٠٢٠.. معلومات وإرشادات لصيام آمن

توجيهات منظمات الصحة العالمية حول الممارسات الرمضانية

توصي منظمة الصحة العالمية باتخاذ قرارات جدية بخصوص تقييد أو تأجيل أو إلغاء التجمعات الاجتماعية والدينية، حيث يجب أن تكون هذه القرارات جزءاً من النهج الشامل الذي تتبعه السلطات والحكومات الوطنية للتصدي لهذا الوباء والحد من انتشاره. كما يجب أن يشارك علماء الدين والسلطات الدينية في صنع هذه القرارات، وذلك حتى يتمكنوا من المشاركة وبشكل فعال من إيصال وتوضيح أسباب هذه القرارات التي قد تؤثر على الأحداث المرتبطة بشهر رمضان المبارك.

كما توصي منظمة الصحة العالمية بإلغاء التجمعات الاجتماعية والدينية قدر الإمكان واستخدام البدائل للتواصل، مثل منصات التلفاز أو الراديو أو وسائل التواصل الاجتماعي، كما توصي المنظمة بتنفيذ تدابير للتخفيف من خطر انتقال فيروس الكورونا في حال عودة التجمعات الرمضانية.

توصي منظمة الصحة العالمية بمجموعة من النصائح الشاملة التي تضمن تقليل خطر انتشار الوباء، ومنها:

  • الحفاظ على التباعد الجسدي بين الأشخاص بمسافة متر واحد على الأقل.
  • تجنب المصافحة والاكتفاء بالسلام عن بعد.
  • تجنب حضور الأشخاص المشتبه بإصابتهم ممن يعانون من أي من أعراض مرض الكورونا إلى التجمعات أو المناسبات الاجتماعية والدينية، كما ينطبق ذلك على كبار السن وخاصة من يعانون من مشاكل مزمنة، مثل أمراض القلب أو السكري أو السرطان أو الأمراض التنفسية.
  • المحافظة على النظافة الشخصية وغسل اليدين وتعقيمها بانتظام.
  • استعمال سجادات الصلاة الشخصية وعدم السجود على السجاد العام.
  • تنظيف وتعقيم الغرف والمباني بما في ذلك أماكن التجمعات قبل وبعد دخول الناس إليها.
  • اتخاذ تدابير وقائية في حال الرغبة بمساعدة الفقراء والمحتاجين، ولأن الناس تولي اهتماماً خاصاً بتوزيع الصدقات أو الزكاة في شهر رمضان، تنصح منظمة الصحة العالمية باستخدام طرود أو حصص طعام فردية معبأة مسبقاً لتوزيعها على المحتاجين، كما يمكن تنظيم عملية توزيع النقود والغذاء من خلال المؤسسات التي تُعنى بذلك والتي بدورها عليها أن تلتزم بمسافة الأمان ومعايير النظافة منذ جمع التبرعات مروراً بالتعبئة والتخزين وانتهاءً بتوزيعها.
  • طمأنة المسلمين بأنه لا يزال بإمكانهم القيام بأداء الشعائر الدينية في منازلهم مثل أداء الصلاة، والدعاء، وقيام الليل، والتهجد. كما يمكن مشاركة أفراد العائلة بهذه الطقوس والشعائر، فمثلاً يمكن للأب القيام بصلاة الجماعة مع أهل بيته. أيضاً يمكن الاستعانة بالبرامج التلفزيونية، و إذاعة الراديو،و وسائل التواصل الإجتماعي من أجل بث العديد من الدروس الدينية التي قد تساهم في طمأنة المسلم والتحسين من صحته النفسية.

اقرأ أيضاً: الوقاية من فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) في المنازل وأماكن العمل

نصائح لقضاء شهر رمضان بشكل صحي في ظل الحجر الصحي

قدمت وزارات الصحة في مختلف الدول نصائح لقضاء شهر رمضان بشكل صحي في ظل الحجر الصحي، ومنها النصائح التي قدمتها وزارة الصحة العامة في قطر:

  • الحفاظ على معنويات عالية والتركيز على ما يوجد لدينا وما يمكننا القيام به بدلاً من التركيز على ما لا نستطيع فعله.
  • التواصل مع العائلة والأصدقاء عبر المنصات الرقمية وتقديم الدعم النفسي المتبادل.
  • التحضير المسبق للوجبات لتقليل عدد مرات الذهاب للتسوق أو طلب الحاجيات من المنزل والاستفادة من خدمة التوصيل.
  • الحفاظ على ممارسة النشاط البدني داخل المنزل.
  • المشاركة في المسابقات والأنشطة الرمضانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  • استغلال أوقات الجلوس في المنزل لزيادة العبادات.

اقرأ أيضاً: طرق الوقاية من فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) في المساجد

الصيام والمناعة

ثارت تساؤلات كثيرة قبل حلول شهر رمضان المبارك حول تأثير الصيام لوقت طويل من اليوم على المناعة، وبالتالي قدرة الأشخاص على محاربة فيروس كوفيد-19. وعلى أية حال فإنه لا يوجد إجابة واضحة على هذه التساؤلات بعد، وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنه لم يتم عمل دراسات تربط بين الصيام وخطر الإصابة بفيروس كورونا الجديد حتى الآن، بل وعلى العكس فإنه توجد بعض الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك، حيث أن الصيام قد يكون مفيداً للجسم في الواقع.

أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الأشخاص الأصحاء قادرين على الصيام في شهر رمضان هذا العام تماماً كغيره من السنوات السابقة، في حين يمكن للمرضى المصابون بفيروس كورونا المستجد الأخذ بالرخص الشرعية للإفطار بعد التشاور مع أطباءهم وعلماء الفتوى الشرعية حول الحاجة لذلك.

اقرأ أيضاً:

الخوف وتأثيره على المناعة والإصابة بفيروس الكورونا الجديد

صوم المسنين في رمضان