‘);
}

خُلق الكرم في الإسلام

يعدّ الكرم من الأخلاق الكريمة المنتشرة بين العرب في الجاهلية انتشاراً شديداً، بل كان من أبرز صفاتهم، وأوضحها، حتى رُويت عنهم مواقفٌ عظيمةٌ في الجود، والسخاء، وقد كان حاتم الطائي مثالاً ونموذجاً فريداً في كرمه وجوده، والسبب في شدّة كرم العرب في الجاهلية عائدٌ لعدّة عواملٍ، منها ما هو متعلّقٌ بجغرافية المنطقة التي يعيشون فيها، فهي بيئةٌ صحراويةٌ قاحلةٌ، وكان سكّانها من البدو في ترحالٍ مستمرٍ، ممّا جعلهم يدركون قيمة قرى الضيف، وإعانة المحتاج، ونحو ذلك، كما أنّ طبيعة حياتهم الاجتماعية كانت سبباً فاعلاً في اهتمامهم بالكرم أيضاً، فقد كانت مجبولةٌ على حب التباهي والتفاخر بالكرم والعطاء، لذلك كان الواحد منهم يحرص على ربط ذكره بتلك الخصال المحبوبة لدى الناس، والخلاصة من ذلك؛ أنّ شيوع الكرم عند العرب في الجاهلية إنمّا كان بدوافعٍ دنيويةٍ، ومطامعٍ شخصيةٍ، ونحوها، إلّا أنّ الإسلام جاء ليعلي شأن هذه القيمة الإنسانية من خلال ربطها بإرضاء الله عزّ وجلّ، وجعلها ركناً أساسياً في العبادة، وبها ينجو المسلم من النار، ويدخل الجنة.[١]

وقد اعتنى الإسلام بالكرم وحثّ عليه، كما أمر الله سبحانه عباده بالاتّصاف بالكرم، وبذل المال من أجل تحصيل رضاه، ونهاهم كذلك عن البخل والشّح، حيث قال الله عزّ وجلّ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى*وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)،[٢] كما جاءت الأحاديث النبوية مبينةً للمسلمين أنّ البذل والسخاء سبيلٌ من سُبُل نجاتهم، وقد أضاف منهج الإسلام الحنيف إلى الكرم آداباً وضوابطاً ترقى به، وتطهّره، وتزيده ألقاً ورفعةً، منها الحثّ على الإخلاص فيه، أي جعله وسيلةً لرضى الله تعالى فقط، كما جاء التوجيه إلى الإنفاق والجود من طيّب المال، فالله تعالى طيبٌ لا يقبل إلّا طيباً، وممّا أرشد إليه الإسلام أيضاً من آداب الكرم؛ أن يجتنب الإنسان المنّ والأذى فيه، فذلك من صفات المرائين والمنافقين، كما يستحبّ للمعطي المنفق من المسلمين أن يكون طَلِق الوجه، وطيّب اللقاء والبشر مع المتلّقي منه، فهذا يملأ نفس المعطي بالرحمة، ونفس المتلّقي بالفرحة والأمن.[١]