إن صدمة الحادث الطارئ يولد لدى الناس عموماً شعوراً بالخوف والارتباك، حتى من كان منهم رابط الجأش متمالك النفس. فما بالك بأثر الصدمة في الأطفال والأولاد، فعادةً ما يكون أثر ذلك مضاعف عليهم، ولذلك وجب التنبه لذلك، بهدف تقليل أثره السلبي عليهم. إجراء التصرف الصحيح من قبل المسعفين والأهل، يضمن تقليل الأضرار الجسدية والنفسية التي يصاب بها الطفل أثناء وبعد الحادث.

يمكن تقسيم مشاكل التعامل مع الأولاد خلال الحوادث الطارئة إلى أربع:
  • الخوف.
  • الصعوبة في التفاهم.
  • الانفصال عن الأهل.
  • الحوادث الشائعة عند الأولاد.

دعنا نتعف عليها بشكل مفصل على حدة.

للمزيد: ما هي استخدامات الضماد الطبي؟ وما هي أنواعه؟


الخوف

إن خوف الأطفال والأولاد ممّا هو مجهول وغريب عنهم يجعل الاعتناء بهم صعباً لوجود عوامل تتعلق بالشعور الغريزي عند الأطفال وبمخيلة الأولاد الخصبة كما سنرى.
  • مكان الحادث: تكثر في مكان الحادث المشاهد التي تولد انطباعات تبعث على الخوف. إن الاندهاش المتولد عن مفاجأة الحالة الطارئة والشعور بالحاجة إلى اتخاذ خطوات لحماية النفس، كلها تبعث على الارتباك. نستطيع أن نتصور فظاعة الشعور الذي يتملك الولد عندما يسمع أنّات الاستغاثة تختلط بزعيق سيارات الإسعاف، وصوت المنقذين، وتنفذ إلى أنفه رائحة ما يحترق من مواد ملتهبة حتى رائحة اللحم المحروق. 
  • ردة الفعل للعناية الطارئة: حتى ولو أظهر الأولاد الرضى عن وصول أعضاء فريق الإسعاف فإنهم يعتبرونهم غرباء، وهذا يولد شعور بالخوف والتحفظ نحوهم. قد تكون إصابة الولد مؤلمة أو توجب وضع أطرافه في الجفصين أو قد يكون مصاباً بنزف شديد. وفي غياب الوالدين قد يضطر بعض الأشخاص إلى محاولة كبح جماح الولد وهذا سيزيد خوفه من أذى جديد. في حال الانحصار في سيارة أو بئر أو تحت الردم فإن الولد سيجتاحه شعور بالتخلي عنه والخوف من الاختناق. لكل هذه العوامل دور يؤثر في التعامل مع الطفل المصاب ومعاينته من أهم الأشياء التي يجب أن تراعي خلال الاعتناء بالأحداث هي تفهم قلقهم النفسي في نفس الوقت الذي يجري فيه علاج مشكلاتهم الجسدية.
  •  كيفية مجابهة الخوف: عندما يكون المصاب حدثاً يزداد عبء العناية به خصوصاً أن ضابط الإسعاف سيتعرض لضغوط الأهل وغيرهم ممن يكون في مسرح الحادث. إن تصرف بعض الفضوليين الخائفين قد يؤثر في صواب تصرفاته وقراراته عند الاعتناء بالأولاد والبالغين أيضاً. على أعضاء فريق الإسعاف أن يتذكروا القواعد الأساسية للعناية الطارئة، وعليهم الاحتفاظ برباطة جأشهم وأن يتفادوا تقديم أكثر مما هو ضروري وإلا تعرضوا لارتكاب أخطاء فادحة ناتجة عن هذا “الاهتمام الزائد” إن الاعتناء بالأولاد بلطف ومهارة وثقة ضروري جداً.

ودور الأهل الايجابي يكمن في طريقة التعامل مع الحدث أثناء الحادث وبعده أيضاً، حيث يعتبر التحدث مع الطفل عن الحادث بشكل بسيط وصادق أفضل من تجاهله، وينصح أن يشمل الحديث طمأنة الطفل بوجود أفراد عائلته من حوله، وأن الحادث قد انتهى وهكذا.

 الصعوبة في التفاهم

يعد التفاهم في معظم الأحوال الحياتية، أفضل الطرق لطرد الخوف. وبما أن خوف الناس من المجهول يزيد على خوفهم من أي شيء آخر، فإن تفسيراً واحداً وبسيطاً لما يحصل وما سيجري قد يهدئ من المصاب. ومع أن هذا الإجراء ليس سهلاً فإن نجاحه عند معالجة الأولاد وما ينتج عنه من ثقة وتعاون يستحق الجهد الذي يبذل في هذا السبيل. وتعتمد الطريقة المثلى على أن تطبق ما يلي:
  • احتفظ بالهدوء.
  • قدم العناية بلطف واهتمام.
  • اعتمد على الكلام العذب والحديث السهل للتفاهم.
إن طريقة فحص الأولاد تختلف عن طريقة فحص البالغين؛ ففي حين يكون بوسعه طرح الأسئلة على البالغين فإن الأحداث في السن قد يجيبون عنها بالبكاء. إن عمر المريض يقرر مدى الأمل في الحصول على الأجوبة. وبغض النظر عن السن؛ فإن على من يقدم العناية الطبية أن يستعمل لغة سهلة للحديث، وأن يفحص مكان الإصابات برفق. أما وجود الوالدين فقد يكون عوناً بالغاً، أو قد يزيد المشكلة تعقيداً. وإذا وجب استعمال الجبصين أو التضميد فعلى الطبيب أن يفسر تدريجياً ما يجري وما ينوي عمله فإن ذلك يدخل بعض الاطمئنان إلى نفس الولد المصاب. ومما يساعد على إزالة الخوف وإخفاء الأجزاء الدامية ومصادر النزف عن أعين المصاب بأسرع وقت ممكن، وذلك أن الأولاد بشكل عام يخيفهم منظر الدم أكثر من البالغين. وللأطفال أفكار خاصة عن نوع الأذى الجسدي وتأثيره، ولذا يجب عدم الإفساح لهم في أن يسترسلوا في تحليل ما حل بهم وذلك بمعالجتهم بسرعة وبثقة ومهارة.

الافتراق عن الأهل

على قدر الإمكان، يجب الاحتفاظ بالأولاد مع أهلهم بعد كل حادث. إن الاطمئنان الناتج عن ذلك هو من العوامل المهمة لضبط آثار الصدمة ويجب تشجيع التقارب بينهم. ومن المنتظر أن ينتاب الأولاد الخوف والقلق لما أصابهم وأصاب والديهم من أذى، وبما أن قرب بعضهم من بعض يقلل من خوفهم فمن الأفضل نقلهم إلى غرفة الطوارئ معاً.
للمزيد: الإسعافات الأولية

 بعض الطوارئ الشائعة الحدوث في سن الحداثة

تطرقنا قبل هذا إلى العناية بالأطفال والذين يقعون ضحايا الكوارث والحوادث. وفي كثير من الأحيان يجد ضباط الإنقاذ أنفسهم وجهاً لوجه أمام حالات طارئة وشائعة الحدوث، وهي التالية:
  • داء الصرع.
  • الحمى المرتفعة الحرارة.
  • التسمم.
  • إصابات الرأس.
  • الكسور.
  • الأمراض المعدية.

التشنج الصرعي

يعتبر داء الصرع شائع الحدوث عند الأولاد، وقد ينتج عن قلق في بعض مراكز الدماغ، يحصل أثناء الولادة أو نتيجة أذى يصيب الرأس أو من جراء حمى عالية، وفي قليل من الحالات عندما لا يكون سبب التشنج ظاهراً يكتشف نمو، أو تورم الدماغ. ولا يختلف علاج التشنج عن الأطفال مبدئياً عن طريقة علاج البالغين.

ارتفاع درجة الحرارة

إن الحرارة الطبيعية للجسم تتراوح بين 36.5 و 37.7 درجة مئوية. لكن عادة ما تصاحب الحمى الإصابة ببعض الأمراض وخصوصاً تلك الناتجة عن الالتهابات الجرثومية، وعن الإصابة بضربة الشمس. إن الأطفال والأحداث معرضون بشكل خاص للحمى العالية. وقد ترتفع الحرارة إلى 40 درجة مئوية في حال التهاب الأذن، والحلق. إن ارتفاع حرارة الجسم إلى هذا المستوى الخطر قد تهيج مراكز الحرارة في الدماغ، وعلى المنقذ مراجعة الطبيب بخصوص العلاج أثناء نقل المريض إلى المستشفى. بعد أن تنزع ثياب الطفل، غطه بمنشفة باردة لتساعد على تبريده وضع ضمادات مبللة بمياه باردة على جبهته وأطرافه.

التسمم 

تعتمد عوارض التسمم على نوع السم، وتحدث ثلاثة أرباع حالات التسمم عند الأحداث الذين لم يتجاوزوا الأربع سنوات من العمر. وتشكل الآم البطن الحادة، والإسهال، وعطب الدماغ، وما ينتج عنه من غيبوبة بعض هذه العوارض. واعلم أن السم قد يكون ذا مفعول سريع أو تأثير بطيء. أما أهم أسباب التسمم عند الأطفال فهو ابتلاع جرعة كبيرة من العقاقير الطبية (كالأسبيربن) التي في متناول أيديهم.
ذلك أن جرعة كبيرة من الأسبيرين تشكل خطراً داهماً وتظهر عوارضها ما بين ساعة وثلاث ساعات. اتصل بمركز أبحاث الإصابات إذا أمكن ثم انقل الطفل إلى المستشفى. إن أخذ عينة من دم الطفل لتحديد مدى ما امتصه جسمه من الأسبيرين قد تساعد في تقرير العلاج اللازم له اصطحب معك القمقم الفارغ لمعرفة نوع الدواء المبتلع.

 إصابات الرأس

تكثر إصابة الرأس عند الأولاد حيث أن رؤوسهم لم يقس شعرها، خاصة أن فروة الرأس كبيرة عندهم إذا ما قورنت بما عند البالغين. إن الارتجاج الخفيف لا يحدث تلفاً يذكر فيسترد الولد وعيه بسهولة. مع الرغم من ذلك يجدر معاينه الطفل من قبل الطبيب، للقيام بمعاينته بشكل صحيح، للكشف عن وجود نزف أو تورم أو غير ذلك.

الكسور وغيرها من الإصابات 

إن أخطار كسور العظام عديدة، مما يوجب على المنقذ تقديم العناية الكاملة للولد المصاب. عالج الأطفال كما تعالج البالغين، من خلال تسهيل المجاري الهوائية العليا، وضبط نزف الدم، ثم إسناد الأطراف أو الرقبة.بعدها ترقب هبوط الضغط أو علاجه. ولا تنس أن تكون لطيفاً مع الأولاد.

الأمراض المعدية

تشمل على الجدري المائي، والخانوق، والحصبة، والسعال الديكي، وداء السحايا، الزنطاريا، والشلل.
 
من أهم التعلميات التي يجب الالتزام بها:
  • لا تضع يدك في فمك.
  • تحاش الرذاذ المنطلق من سعال المريض أو عطاسه.
  • اغسل يديك جيداً بالصابون بعد كل معاينة. واغسل ما تعرض من الأدوات بمحلول مطهر.
  • راجع المختصين في المنطقة لمعرفة ما يجب تقديمه من عون لكل حال خاصة مما في ذلك طرق إزالة التلوث.
وعلى ضابط الإسعاف أن يتذكر. في جميع هذه الحالات أن الطفل المريض أو المصاب هو طفل خائف، فعليه أن يحتفظ برباطة جأشه وبهدوئه في أثناء تقديم العون فإن هذا التصرف يساعد الولد في التغلب على محنته القاسية، وهو لب الإسعاف الناجح.