‘);
}

الصبر على تربية الأبناء

يجبُ أن يدرك الوالدان أنّهما بتربيتهما لأبنائهم يقومان بأصعب المهامّ وأكثرها دقّةً وحساسيّةً؛ ولذلك فإنّهما يحتاجان لصبرٍ كبيرٍ، وبذل الوسع في ذلك، مستعينين بالله سبحانه، طالبين منه التوفيق والعون، راجين من ذلك الأجر العظيم الذي رتّبه على تربية الأبناء والصبر عليهم، وحتّى يؤكّد الله تعالى لعباده حاجتهم للصبر على تربية أبنائهم، فقد أنزل الله تعالى في ذلك قوله عزّ من قائلٍ: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)،[١] فعلى المسلم أن يدرك أنّ التربية لا تأتي باليسر والسهولة، فالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر بالصبر على دعوة ابنته وزوجها للصلاة، ولقد كان يقف على باب خيمتها يناديهما في كلّ صلاةٍ، ولْيعلم المسلمُ أنّ الخطأ قد يقع من الكبير، فلا يعاتب الصغير على ما بدر منه من أخطاء، فإنّه حريٌّ به الوقوع في الزلّات.[٢]

وعلى الوالد أن يوطّن نفسه على الحذر من الدعاء على ولده في لحظة غضبٍ منه؛ فلعله يصيب وقت إجابةٍ، ثمّ يندم على ما صدر منه تجاه ولده، ولقد أورد الغزاليّ أنّ رجلاً جاء إلى عبد الله بن المبارك يشكو له عقوق ولده، (فقال له هل دعوت له؟ هل دعوت عليه؟ فقال: بلى فقال عبدالله بن المبارك: أنت أفسدته)، فهذا تحذيرٌ للوالدين من الدعاء على ولدهما حتى لا يكونا سبباً في شقائه وإفساده من حيث لا يحتسبان، بل عليهما أن يصبرا ويحتسبا ذلك، مقتديان بنبيّ الله يعقوب الذي صبر على عقوق أبنائه طويلاً، حتى قال لهم خِتاماً: (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).[٣][٢]