‘);
}

الإسلام

يُعرَّف الإسلام لغةً على أنه الخضوع، والذل، والانقياد، حيث يُقال أسلم واستسلم أي انقاد، كما في قول الله تعالى: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)،[١] وأما تعريف الإسلام شرعاً فيَحْتمل معنيين، الأول الإسلام الكوني، ويعني استسلام الخلائق كلها لأوامر الله -عز وجل- الكونية القدرية، كما في قول الله تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)،[٢] ومن الجدير بالذكر أن الإسلام بهذا المعنى يشترك فيه المؤمن، والكافر، والطائع، والعاصي، والمخلوقات كلّها، ولا فضل فيه لأحد على الآخر، لا سيما أن كل المخلوقات مستسلمة لله عز وجل، ومُنقادة لأوامره الكونية القدرية، ومجبرة على ذلك سواء رضيت أم لم ترضَ، فلا مشيئة لمخلوق في موت، أو حياة، أو مرض، أو شفاء، أو فقر، أو غنى، ولذلك لا يترتب على الإسلام بهذا المعنى ثواب ولا عقاب.[٣]

والمعنى الثاني هو الإسلام الشرعي، وهو الاستسلام لله -تعالى- والانقياد لأوامره الشرعية، وتجدر الإشارة إلى انقسام الإسلام الشرعي إلى عام وخاص، فأما العام فهو الدين الذي جاء به الأنبياء جميعاً، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)،[٤] وقوله -عز وجل-:(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)،[٥] أما الخاص فهو الدين الذي بُعِث من أجله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المعنى الخاص للإسلام، وأكّد أنه الدين الذي جاء به، حيث قال: (الإسلامُ أن تشهَدَ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتِيَ الزَّكاةَ، وتصُومَ رمَضانَ، وتحُجَّ البيتَ، إن استطَعْتَ إليه سبيلًا)،[٦] وقد بين النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الإسلام قد بُني على هذه الأوامر الخمس، ولذلك فهي أركان الإسلام.[٣]

وفي الحقيقة أن الله -عز وجل- شرّف الأمة الإسلامية بأن سمّى أفرادها بالمسلمين، فاسم الإسلام لم يقتصر فقط على الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما كل ما دعا إليه أنبياء الله -تعالى- هو الإسلام، يقول تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)،[٧] ولكن الله خصّ أتباع النبي بهذا الاسم لا بسمى آخر؛ كالنصرانية، والمسيحية وغيرها، وهذا شرف من الله يعتز به كل مسلم.[٨]