كيف يحول الأشخاص الأذكياء عاطفياً الغيرة إلى شيء ذي فائدة

يُعدُّ تحويل الشعور بالغيرة إلى شعور بالإلهام والتحفيز خطوة هامَّة في الاتجاه نحو الأفضل.؛ فإذا كنَّا نشعر بالغيرة، يجب أن نتعلم كيفية قبول هذه الحقيقة، واستخدامها في صالحنا أيضاً بدلاً من تصنيفها كصفة سيئة وتجاهلها فحسب. هكذا نحمي أنفسنا من آثارها السلبية ونستفيد من آثارها الإيجابية.

في الواقع، تُعدُّ الغيرة المحمَّلة بالحسد تصرفاً مؤلماً وعديم الفائدة، ولا يخدم الحاسد أو المحسود. ثم إنَّ الغيرة يجب ألَّا تكون من ممتلكات الآخرين؛ ذلك لأنَّ هذا أمر سيء ولا جدوى منه، أمَّا الغيرة السويَّة، هي التي تلهمنا وتدفعنا إلى التقدُّم وتطوير ذاتنا؛ لذا يتعيَّن عليك أن تسأل نفسك عن السبب الذي يدفعك إلى الغيرة من الآخرين كلما شعرت بها.

قد تشعر بالغيرة بسبب ترقية زميل، أو حصوله على مكافأة مالية كبيرة، أو حتى تلقِّيه تغذية راجعة رائعة من قِبَل الإدارة، ورغم أنَّك تريد أن تُسعَد لأجله وتحتفي به، إلا أنَّك تجد نفسك غير قادرٍ على التخلُّص من هذا الشعور، حتى لو كنت على يقين من اجتهاده وعمله الدؤوب؛ الأمر الذي يُشعرك بالأسف والحزن على نفسك.

في الواقع، لن يؤدي بك الشعور بالغيرة من نجاحات الآخرين إلى أيِّ مكان؛ ذلك لأنَّ الغيرة من نتائج سعى لها شخصٌ آخر في الوقت الذي اخترت فيه عمداً مساراً مختلفاً عنه، ضربٌ من الجنون. على سبيل المثال: ليس من المنطقي أن تشعر بالغيرة من المكافآت المالية التي حصل عليها صديقك نتيجة عمله مدة 100 ساعة في الأسبوع، عندما اخترت أنت عدم القيام بذلك؛ إذ تسفر المسارات المختلفة عن نتائج مختلفة؛ وبالتالي، يُعدُّ التوق إلى نتائج مسار مختلف لا يؤدي إليها المسار الذي اخترته أنت، أمراً غير منطقي. هذه هي الفكرة، إذا أردت تحقيق النتائج المنشودة، يجب عليك اختيار الطريق الصحيح.

لقد أوضح المؤلف “رايان هوليداي” (Ryan Holiday) هذا الأمر جيداً في مقابلة أُجريَت معه في برنامج “أوسم أوفيس” (Awesome Office)، فقال “هوليداي”: “إنَّه من الجنون أن تغار من امتلاك نجم “موسيقى البوب” ملايين المعجبين ​في حين أنَّك اخترت أن تكون موسيقياً كلاسيكياً؛ فإن كانت غايتك الحصول على عديدٍ من الجماهير، كان من الأجدر بك اختيار طريق مختلف. يشبه الأمر ممارسة كرة السلة كل يوم والشعور بالضيق لأنَّك لست مميَّزاً في لعب كرة القدم. أو مثل تناول البيتزا وشرائح اللحم بالجبن كل يوم، والشعور بخيبة الأمل لأنَّ صديقك الذي يأكل السلطات والفواكه أنحف منك”.

وبالتالي، تُعدُّ الغيرة من ممتلكات الآخرين أو مواقفهم أمراً لا طائل منه ولن يؤدي بك إلى حيث تريد.

ما هو نوع الغيرة الجيدة إذاً؟

الغيرة الجيدة هي تلك التي تكون تجاه التصرفات التي لم تكن تفعلها، والأفعال التي كنت تتجاهلها، والتي ستؤدي بك إلى المكان المنشود؛ لأنَّ هذه الغيرة هي التي تلهمك وتخبرك بما يجب أن تركِّز عليه.

عندما يقوم الناس بأشياء أنت تعرف أنَّ عليك فعلها ولكنَّك لا تفعلها، تنشب في داخلك نيران تحفِّزك على الالتزام بهذه الإجراءات؛ وبالتالي، لا يتعلق الأمر بنجاحات الآخرين، أو ممتلكاتهم، أو وضعهم، بل يتعلق بالعمل الذي يقومون به؛ لذا ركِّز على تصرفات الآخرين، ودعها تكون بمثابة حافز لك لفعل الشيء نفسه. ثمَّة نوع جيد آخر من الغيرة، وهو الغيرة من الشخص الذي تريد أن تكون مثله، ولكن من دون أن تحسده. بعبارة أخرى، قد تلتقي بشخص حقَّق إنجازات وأهدافاً تتمنى تحقيقها، فتنظر إليه باعتباره قدوةً لك تحفِّزك على استئناف طريقك، وتمنع الخوف والقيود من إيقافك.

بمرور الوقت، سيتلاشى شعور الغيرة من الآخرين شيئاً فشيئاً، وسوف يتحوَّل إلى إلهام يساعدك على التقدُّم والالتزام بكل ما يجب عليك تحقيقه؛ لذا ركِّز على أفعالك ونتائجك وستتخلَّص من الشعور بالغيرة أو الحقد. بعد ذلك، ستدرك أنَّك لست بحاجة إلى الانزعاج من نجاحات الآخرين، بل ستُسعَد لهم وستقترب منهم؛ لأنَّ النجاح يولِّد النجاح. وهنا، سترى السحر الحقيقي من خلال نجاحاتك وإنجازاتك.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!