لا أتذكّرُ من البحرِ شيئا

عندَ كلّ غروب، نُصلّي أنا والشّمسُ معا بلغةِ البحر عندَ شاطئ البحر. ٭ لا أتذكّرُ من الصّيفِ شيئا سوى أنّني كنتُ أبحثُ عنكِ تحتَ شمسهِ الهائلة وقد امتلأَ قلبي بحروفِ الشّوق ونقاطِ الرّغبة. ٭ كلُّ امرأةٍ نشرتْ قصيدتَها في كتابِ الكون. أمّا أنتِ فلم تنشري شيئا. اكتفيتِ بقطرةٍ من دمي عنوانا لقصيدتكِ وبموجةٍ من حروفي […]

Share your love

لا أتذكّرُ من البحرِ شيئا

[wpcc-script type=”c171ff65d3a431881e0f974e-text/javascript”]

عندَ كلّ غروب،
نُصلّي أنا والشّمسُ معا
بلغةِ البحر
عندَ شاطئ البحر.
٭
لا أتذكّرُ من الصّيفِ شيئا
سوى أنّني كنتُ أبحثُ عنكِ
تحتَ شمسهِ الهائلة
وقد امتلأَ قلبي بحروفِ الشّوق
ونقاطِ الرّغبة.
٭
كلُّ امرأةٍ نشرتْ قصيدتَها في كتابِ الكون.
أمّا أنتِ فلم تنشري شيئا.
اكتفيتِ بقطرةٍ من دمي عنوانا لقصيدتكِ
وبموجةٍ من حروفي سُطورا لها.
٭
يُقالُ إنَّ طائرَ الحُبِّ طائرٌ مُلوّن
يطيرُ دائما إلى الأعالي،
إلى الأعالي
حتّى لا يرى ظلَّ جناحيه على الأرض.
٭
كلّما رأيتُ الشّمس
تغرقُ في البحرِ وقتَ الغروب
تلمّستُ موضعَ القلبِ في صدري
وعدتُ مُرتبكا مُسرعا إلى البيت.
٭
عندَ البحرِ لا أحسُّ بجمالكِ المُثير
ولا أرى بوحَ عينيكِ الغامضتين.
ألأنَّ البحر يسرقُ جمالَكِ أمامي
أم لأنَّكِ تستلمين
لبريقه الذي يفوقُ كلَّ بريق؟
٭
طوابع طفولتي
أودعتُها عندَ امرأة عابرة ذاتَ ضياع.
وحينَ طالبتُها بها
لم تُنكرْ طوابعَ الطّفولةِ فقط
بل أنكرتْ أنّها رأتني من قبل.
٭
آثارُكِ على الشّاطئ اختفتْ، ففرحتُ.
ثُمَّ انتبهتُ إلى أنّها تحوّلتْ
إلى دموعٍ مُتحجّرة.
يا إلهي، أهي دموعي؟
٭
صنعتُ من وجهكِ دُمْية كبيرة،
ووضعتُها في حديقةِ قصيدتي القاحلة
حتّى تقف عليها الحروفُ التائهة
أو الجائعة
أو التي نسيتْ طعمَ الماء.
٭
حينَ تلتقي زرقةُ السّماء
بزرقةِ البحر
ما الذي يحدثُ لقصيدةِ حُبّي الزُّرقاء؟
٭
كيفَ حدثَ أنّكِ ضيعتِني إلى الأبد
كما تضيّعُ امرأةٌ طفلَها الوحيدَ في البحر؟
٭
كلُّ الذين تحدّثوا عن الحُبِّ بِعُمق
كانوا مجانين.
لا أشكُّ في جنونِهم
ولا في مِجونِهم.
٭
لو طُلِبَ مِن كلِّ امرأةٍ أن تحملَ مرآة،
فأنا متأكدٌ أنّكِ ستحملين قلبي.
٭
يا إلهي،
الورقة الخضراء لشجرةِ الحُبّ
زادها النّدى جمالا وغموضا.
٭
قريبا من البحر،
وعلى مصاطبِ بوذا الحجريّة
جلسَ الشّحّاذون يقهقهون
وهم يعدّون نقودَهم القليلة.
أمّا أنا فجلستُ أتأمّلهم
لأكتبَ قصيدةَ القهقَهة.
٭
الأرضُ تشبهُ القمر
والقمر يشبهُ النّجوم
والنّجوم تشبهُ البحر.
لكنَّ البحرَ لا يشبهني أبدا
فهو يتحرّكُ ليلَ نهار
وأنا ثابتٌ لا أتزحزح.
٭
كلّما وجدتُ قاربا مَهجورا
قربَ شاطئ البحر،
توقفّتُ وأخذتُ معهُ صُورة تذكاريّة.
٭
حينَ تنظرين إليَّ من ثقبِ الزّمانِ الطويل،
أتبكين أم تضحكين؟
*
تتكسرُّ الأمواجُ على شاطئ البحر
بسعادةٍ لا تُوصَف.
لماذا؟
ألأنّها تُقبّلُ الشّاطئ
أم لأنَّ الشّاطئ يشاركها التّقبيل
بدفءٍ ولذّةٍ وذهول؟
٭
عند شاطئ البحر،
وجدتُ عظاما عارية كثيرة
لكنّي وجدتُ أجسادا عارية أكثرَ بكثير.
٭
وضعوا للبحرِ سُلّما
لينزلَ النّاسُ برفقٍ إلى الماء.
كانَ السّلّمُ طويلا طويلا طويلا
حتّى أنّني حينَ استخدمتُ درجاته الحجريّة
التي لا نهايةَ لها،
أحسستُ أنّي ذاهبٌ إلى المجهول.

٭ شاعر عراقي مقيم في أستراليا

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!