ماذا تعرف عن الكلوروكين والعلاجات الواعدة الأخرى لفيروس كورونا؟

إنَّ فيروسات الكورونا زمرةٌ واسعةٌ من الفيروسات التي قد تتسبَّب بالعديد من الأمراض عند البشر، والتي تتراوح حدَّتها ما بين نزلة البرد العادية، والمتلازمة التنفسية الحادة. إنَّ عدداً لا يُحصَى من الخبراء يعملون بجدٍّ في كلِّ مكانٍ لفهم ماهيَّة هذا الفيروس، وكيفية التغلُّب عليه. وهذا يشمل تطوير علاجات فيروس كورونا التي يمكن أن تستهدف هذه السلالة الفتَّاكة من الفيروس. في هذه المقالة، سوف نستعرض الأدوية المضادة للفيروسات، منذ ظهور فيروس السارس (CoV - 2) وصولاً إلى فيروس كورونا المستجد.

Share your love

ملاحظة: هذه المقالة مأخوذةٌ عن الدكتورة تارا سميث (TARA SMITH)، بروفيسورة في علم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة كينت ستيت، والتي تخبرنا فيها عن آخر ما توصَّل إليه العلماء بشأن تطوير علاجاتٍ لفيروس كورونا المستجد.

نحن نعلم أنَّنا قد نتأخَّر في الحصول على لقاحٍ لفيروس كورونا المستجد (COVID-19)؛ لذا توجَّهت الأنظار نحو الأدوية التي قد تعمل كعلاجٍ لهذا الوباء، والتي يحظى بعضها -التي من الممكن أن نَصِفَهَا “بالواعدة”- باهتمامٍ كبيرٍ كعلاجٍ لفيروس كورونا المستجد. لكن ما الذي يعنيه هذا؟ وما هي العلاجات التي قد نتوقعها لمرض كورونا المستجد؟

لمعرفة مزيدٍ عن هذا الموضوع، تحدَّثت مع “تيموثي شيهان”، الدكتور والأستاذ المساعد في علم الأوبئة في كلية الصحة العامة في جامعة نورث كارولينا؛ وأيضاً “ماثيو فريمان”، دكتورٌ وأستاذٌ مشاركٌ في علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في جامعة ماريلاند للطب.

دعونا في البداية نتحدَّث عن هذه التسمية: “الواعد”، والتي أصبحت كلازمةٍ تلتصق بكلمة علاجٍ أو دواء.

نحن نأمل جميعاً أن يتمكَّن الخبراء من إيجاد طريقة، أو طرائق عديدة، للسيطرة على هذا الوباء في أقرب وقتٍ ممكن. إنَّه من المنطقي عند سماعنا لكلمة “الواعد/ة “، في التقارير التي تصدر بشأن علاجات فيروس كورونا المستجد، أن تجلعنا نتأمَّل بحدوث الأفضل في القريب العاجل.

الحقيقة: أنَّه بالرغم من كلِّ ما يبذله الخبراء من جهودٍ حثيثةٍ في هذا المجال، فإنَّ وصف أيِّ نوعٍ من الأدوية التي تجري دراستها أو تجريبها حالياً “بالواعدة”، لا يعني بالضرورة أنَّها جاهزةٌ تقريباً لتقديمها إلى المرضى، أو حتَّى أنَّه قد جرى اختبارها بدقةٍ على البشر. وعندما يتعلَّق الأمر بعلاجات فيروس كورونا المستجد “الواعدة”، فإنَّنا نرى بعض الخيارات المختلفة: بعضها أدويةٌ جديدةٌ لا تزال قيد التطوير، ولكنَّها أظهرت نجاحاً في أثناء تطبيقها مثل: حقنها على الخلايا في المختبرات وعلى النماذج الحيوانية؛ والبعض الآخر أدويةٌ جرت الموافقة عليها لعلاج أمراضٍ أخرى في السابق، وهي تستخدم الآن على مرضى فيروس كورونا في المستشفيات، من دون تصريحٍ واضحٍ لاستخدامها، ولكنَّها سجَّلت بعض حالات النجاج.

رغم أنَّ كلا هذين النوعين من التطورات يمكن أن يكون واعداً بالتأكيد، لكن لا يمكننا حتَّى الآن أن نُعلن رسمياً أنَّه لدينا علاجٌ لفيروس كورونا المستجد.

ما الذي يدخل في صنع الأدوية المضادة للفيروسات؟

على الرُّغم من اختلافها اعتماداً على الحالة، إلَّا أنَّه من الصعب تطوير الأدوية المضادة للفيروسات التي تعالج الالتهابات الفيروسية، بخلاف المضادات الحيوية التي تعالج الالتهابات البكتيرية.

في هذه المقالة، سوف نستعرض الأدوية المضادة للفيروسات، منذ ظهور فيروس السارس (CoV – 2) وصولاً إلى فيروس كورونا المستجد، فلقد أثارت الأدوية المضادة للفيروسات جدلاً كبيراً في سعي الأطباء المستمر إلى إيجاد علاجاتٍ متنوعةٍ ومختلفة.

يشير فريمان إلى أنَّ جزءاً كبيراً من هذه الفروقات بين العلاجات البكتيرية والفيروسية، يرجع إلى الاختلاف بين الكيفية التي تتكاثر فيها معظم أنواع البكتيريا عن تلك التي في حالة الفيروسات.

يقول فريمان: “إنَّه من السهل استهداف البكتيريا؛ لأنَّها تحتوي على تراكيب وبروتيناتٍ مختلفةٍ تماماً عن الخلايا البشرية، لذا يمكن تصنيع أدويةٍ خاصةٍ بالبكتيريا ولا تكون سامةً للإنسان بشكلٍ عام. أمَّا بالنسبة إلى الفيروسات، فهي تستخدم العديد من البروتينات في خلايانا للتكاثر؛ لذلك إذا صنعنا أدويةً تستهدف هذه البروتينات، فإنَّ ذلك سوف يؤثِّر أيضاً في بروتيناتنا الموجودة في الخلايا”.

يعني هذا أنَّه من الصعب العثور على أدويةٍ تستهدف الفيروس دون الإضرار بالشخص المصاب. علاوةً على ذلك، يحاول الخبراء الذين يعملون على الأدوية المضادة للفيروسات، إيجاد بدائل “واسعة الطيف” من الدواء، كما يوضِّح شيهان قائلاً: “بدلاً من تطوير دواءٍ واحدٍ لعلةٍ واحدة، نحن نحاول تطوير دواءٍ واحدٍ للعديد من العلل”.

يقوم الباحثون بذلك عن طريق استهداف الأجزاء الأكثر تشابهاً من فيروساتٍ مختلفة، مثل: البروتينات التي يستخدمونها لعمل نسخٍ جديدةٍ من جينومات الحمض النووي (RNA)، وهي الطريقة التي تتكاثر بها الفيروسات وتسبِّب العدوى، مثل: فيروس السارس، المسبِّب وراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد. قد يكون هذا مفيداً عندما يحتاج الطبيب إلى البدء بعلاج مريضٍ يبدو أنَّه مصابٌ بفيروس، لكنَّه لم يتمكَّن من تحديد السبب الفعلي، كما يمكن أيضاً أن يكون مفيداً عندما يبدو أنَّ الفيروس مجهول المصدر مثل: السارس.

رغم أنَّ الأطباء يحاولون استخدام المضادات الحيوية لمعالجة أنواعٍ محددةٍ من العدوى البكتيرية، إلَّا أنَّهم يبدؤون بإعطاء المريض مضاداً حيوياً “واسع الطيف” يعالج طيفاً واسعاً من أنواع البكتيريا. وبعد إجراء مزيدٍ من الاختبارات، يقومون باستبداله لاحقاً بمضادٍ حيوي يقتل مجموعةً أضيق من الميكروبات، للمساعدة في تجنُّب تكوين مزيدٍ من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

يتيح هذا للطبيب البدء بعلاج العدوى في أسرع وقتٍ ممكن؛ ولكن للأسف، ليس لدينا خيار علاجٍ واسع الطيف مماثلٍ للفيروسات.

توجد بعض المضادات الفيروسية التي يمكن أن تعالج أنواعاً مختلفةً من الفيروسات، مثل: الأسيكلوفير، الذي يستهدف فيروساتٍ مختلفةً من عائلة الهربس، ولكن حتَّى هذا الدواء لا يفيد في علاج كلِّ أشكال هذه الفيروسات. يقول شيهان: “إنَّه من الصعب العثور على أدويةٍ لعلاج فيروسٍ واحد، فكيف الحال بدواءٍ فعَّالٍ لأكثر من فيروس؟ هو أمرٌ مشابهٌ للطريقة التي يتمايز بها البشر في الأشكال والأحجام؛ حيث أنَّ تطوير عقاقير واسعة الطيف، يشبه محاولة إيجاد قميصٍ واحدٍ يناسب الكثير من الرجال والنساء دون أيِّ تعديلات”.

قد نكون محظوظين؛ لأنَّ العديد من الفيروسات التي تصيب الأشخاص بالمرض لا تسبِّب عادةً ضرراً خطيراً -بعض فيروسات كورونا الأخرى تسبِّب نزلات بردٍ عادية- وهذا يعني أنَّه لا توجد حاجةٌ ماسةٌ إلى الاستثمار في الأدوية واسعة الطيف لهذه العائلات الفيروسية.

إلى أين وصلنا في إيجاد علاج لفيروس كورونا المستجد؟

لاحظ شيهان أنَّ العديد من علاجات فيروس كورونا المحتملة، والتي يجري التحقق من مدى فاعليتها الآن، عبارةٌ عن أدويةٍ “معادٍ استخدامها”، ممَّا يعني أنَّها أدويةٌ قد عُدَّت آمنةً بالفعل لعلاج فيروساتٍ أو حالاتٍ أخرى لدى الأشخاص، ولكنَّه لم يُثبَت بعد قدرتها على علاج فيروس كورونا المستجد. وعلى الرُّغم من معرفتنا بأنَّ هذه الأدوية المعاد استخدامها آمنةٌ نسبياً، لكنَّنا لا نستطيع تحديد ما إذا كانت تعمل كعلاجاتٍ لفيروس كورونا المستجد إلَّا عن طريق الاختبارات. وقد أدَّى الطلب المفاجئ على بعض هذه الأدوية إلى نقصٍ حادٍّ فيها، ممَّا قد يجعل من الصعب على الناس الحصول على ما يكفي من الأدوية لعلاج الحالات المزمنة المختلفة.

تُشبه عملية اختبار الأدوية إلى حدٍّ كبير تلك التي يستخدمها الخبراء لاختبار اللقاحات من أجل السلامة والفعالية. ولكن عندما يتعلَّق الأمر بالأدوية، فإنَّ الاختلاف الرئيس هو أنَّه تُجرَى تجاربٌ أوليةٌ تتضمَّن: اختبار الدواء في مزارع خلايا (أي زراعة الأنسجة الحية خارج الكائن الحي الذي أخذوها منه، ثمَّ تطبيقها في حاوياتٍ زجاجيةٍ مثل: الأكواب أو أنابيب اختبار، أو طبقٍ بتري). وبعد ذلك تُختَبَرُ على الحيوانات لمعرفة مدى السلامة والفعالية، ثمَّ على البشر.

يشير فريمان إلى أنَّ اختبار عقار فيروس كورونا المستجد “الناجح”، يتطلَّب عدَّة مقاييس؛ لعلَّ أهمَّها هو ما إذا كان الناس فعلاً يتعافون جسدياً باستخدام هذا الدواء، مثلاً: هل يستطيعون الحصول على الأوكسجين دون مساعدة المعدَّات الطبية؟ وهل تعمل الرئتان بكفاءةٍ أكبر؟ وهل يتنفسون بسهولة؟ وهل خفَّت أعراضهم الأخرى؟ كما ويستطيع الباحثون التحقُّق من قصر مدة الفترة الزمنية لانخفاض مستويات الفيروس عند الأشخاص الذين يتلقَّون الدواء، مقارنةً مع الأشخاص الذين لا يتلقَّونه.

ومع أخذ كلِّ ما سبق في الحسبان، إليك ما يجب معرفته حول بعض أكثر العلاجات المحتملة المضادة للفيروسات من عائلة فيروس كورونا المستجد التي تمَّت مناقشتها:

الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكوين المستخدمان في علاج الملاريا:

ربَّما تكون قد سمعت الكثير عن أنَّ هذه الأدوية هي علاجات فيروس كورونا المستجد “الواعدة”، ولكنَّ حتَّى الآن لم يتأكَّد الباحثون من مدى فعالية استخدام الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكوين -مشتقٌ من الكلوروكين- في علاج هذا المرض، ومعرفة مقدار الضرر الذي يمكن أن يسبِّبه في أثناء المعالجة. ومع ذلك، فإنَّ الكثيرين -بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- يطالبون الأطباء بوصف الهيدروكسي كلوروكين كعلاجٍ لمرضى فيروس كورونا المستجد، في حين أنَّ زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لطبيبٍ يُجري أبحاثاً عن تركيبة أدويةٍ من ضمنها استخدام هيدروكسي كلوروكين والزنك والأزيثرومايسين كعلاجٍ محتمل لفيروس كورونا المستجد، أثارت اهتماماً كبيراً.

وأفادت تقارير بعض الأطباء -رواياتٌ غير موثَّقة- عن فعالية استخدام هيدروكسي كلوروكوين، أو مجموعةٍ دوائيةٍ تتضمَّن هذا الدواء، على مرضى فيروس كورونا. وقد أُجرِيت تجربةٌ سريريةٌ على الهيدروكسي كلوروكين للبالغين الذين أُدخِلوا إلى المستشفى بعد تعرُّضهم إلى الإصابة بفيروس كورونا المستجد، من قبل المعهد الوطني للقلب والرئة والدم في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت.

يشرح الدكتور فريمان، أنَّ الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين يستخدمان منذ سنواتٍ عديدةٍ كأدويةٍ مضادةٍ للملاريا (من ضمن عدة استخداماتٍ أخرى)، ولكن ثمَّة اهتمامٌ بقدرتهما المحتملة المضادة للفيروسات، مضيفاً أنَّه يقوم بنفسه ببعض التجارب في هذا المجال.

ويقول فريمان أنَّ هذه الأدوية تُثبِّط العديد من المسارات في الخلايا التي تؤثِّر في دخول الفيروسات، وعلى كيفية استخدامها أجزاءً من الخلية لتتكاثر؛ كما قد ثبت أيضاً أنَّها تؤثِّر في الاستجابة المناعية للشخص المضيف بطرائق متعددة. وبناءً على ذلك، فإنَّه من المنطقي أن يكونا من بين الأدوية التي يجري اختبارها كعلاجٍ لفيروس كورونا. لكنَّ فريمان يحذِّر من أنَّه حتَّى الآن قد أظهرت البحوث نتائجاً مختلطة، وأنَّ هذه الأدوية يمكن أن تكون شديدة السميَّة إذا أُخِذت بجرعاتٍ أعلى من الجرعات الموصوفة.

وقد وافقه الدكتور شيهان هذا الرأي، مشيراً إلى أنَّه قد شهد نتائج متضاربةً في التجارب السريرية التي أُجرِيت في العديد من الدول حتَّى الآن. حيث ذَكرت دراسةٌ صغيرةٌ حديثةٌ أُجرِيت في فرنسا، أنَّ استخدام الهيدروكسي كلوروكوين مرتبطٌ بشكلٍ كبيرٍ بالحمل الفيروسي (تعبيرٌ رقميٌّ عن كمية الفيروس في حجمٍ معين) المنخفض أو المختفي، عند الأشخاص المصابين بـ كوفيد-19، وخاصَّةً عندما يترافق استخدامه مع الأزيثروميسين (azithromycin). بيد أنَّ هذه الدراسة لم تكن تجربةً عشوائية، أو على نطاقٍ واسع، وبيَّنت الدراسات التي أُجرِيت لاحقاً، أنَّ التقارير التي صدرت عنها لم تستوفِ المعايير المعهودة.

كما أُوقِفَت دراسةٌ صغيرةٌ عن الكلوروكين مؤخَّراً في البرازيل؛ لأنَّ بعض المشاركين تعرَّضوا إلى ازديادٍ في معدَّلات ضربات القلب غير المنتظمة، وذلك بعد تناولهم لجرعاتٍ عاليةٍ من الدواء، ممَّا قد يعرَّضهم إلى خطر الإصابة بمضاعفاتٍ قاتلة، حيث أنَّ عدم انتظام ضربات القلب هو أحد الآثار الجانبية المعروفة للدواء.

يقول شيهان: “سوف أُفاجَأ حقّاً إذا ثَبُت أنَّ الهيدروكسي كلوروكين هو الترياق السحري، لذلك علينا أن ننتظر ونرى ما تقوله البيانات العلمية والتقارير بشأن التجارب الجديدة”.

دواء لوبينافير – ريتونافير المستخدم عادةً لعلاج فيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV):

حدثت ضجةٌ كبيرةٌ حول هذا الدواء، وذلك بحسب الدراسات السابقة القليلة حول مدى فعاليته في علاج فيروسات كورونا الأخرى، وفعالية الطريقة التي يجري فيها عادةً استخدام لوبينافير (lopinavir) كمثبطٍ لإنزيم البروتياز (Protease) في فيروس نقص المناعة البشرية، وهو فيروس ريبوزي أيضاً.

والبروتياز: نوعٌ من الإنزيمات التي تُقسِّم البروتينات، حتَّى يتمكَّن الفيروس من التكاثر؛ وتستخدم فيروسات الحمض النووي الريبوزي، مثل: السارس أو فيروس نقص المناعة البشرية، المواد الوراثية الريبوزية للتكاثر.

لسوء الحظ، لا يوجد بالفعل أيُّ دليلٍ علميٍّ ثابتٍ على أنَّ هذا هو العلاج لكوفيد-19 المستجد الذي كنَّا ننتظره؛ وتشير التجارب السابقة إلى أنَّ استخدام لوبينافير والدواء المضاد للفيروسات ريبافيرين (ribavirin) سويَّاً، قد يقلِّل من تكاثر فيروس السارس الأصلي، وذلك بحسب ما توصَّل إليه العلم بعد تجريبه في طبق بتري.

كما اقتُرِح أيضاً أنَّ مزيجاً من (لوبينافير – ريتونافير) يمكن أن يقلِّل من الحمل الفيروسي لدى الأشخاص المصابين بالسارس، وربَّما يساعد في التخفيف من حدَّة أعراضهم. وأظهر لوبينافير أيضاً فعاليةً في تثبيط عدوى الميرس -وهو مرضٌ آخرٌ من فيروسات كورونا الخطيرة- وذلك ضمن اختبارات زراعة الخلايا.

وبيَّنت مزيدٌ من الاختبارات أنَّ الحيوانات المصابة بفيروس الميرس تصبح بحالةٍ أفضل عند تطبيق هذا الدواء عليها، مقارنةً بحيوانات عُولِجَت بأدويةٍ أخرى. ولكن نظراً لأنَّ التجارب البشرية كانت ضئيلة، فلا يوجد إجماعٌ حتَّى الآن على مدى نجاعة (لوبينافير – ريتونافير) في علاج فيروسات كورونا المتعددة.

في الآونة الأخيرة، استُخدِمت تركيبة الدواء هذه في تجربةٍ سريرية، نُشِرت في مجلة (New England Journal of Medicine)، لعلاج 199 شخصاً شُخِّصوا بإصابتهم بـ كوفيد-19 الشديد في الصين. وبعد الاطلاع على نتائج المرضى الذين تلقُّوا طرائق الرعاية الصحية القياسية، مقابل أولئك الذين حصلوا على الرعاية القياسية مضافاً إليها دواء (لوبينافير – ريتونافير)، لم يجد الباحثون أيَّ تأثيرٍ واضحٍ لتركيبة الدواء هذه. لكن هنالك عدَّة محاولاتٍ أخرى لا تزال جاريةً للتأكُّد من مدى نجاعته.

لعلَّ المشكلة أنَّ البروتينات الموجودة في فيروس نقص المناعة البشرية مختلفةٌ تماماً عنها في السارس، ممَّا يجعل تركيبة الدواء هذه غير فعَّالةٍ لعلاج كلا الفيروسين.

يقول شيهان: “ومن ضمن الأمور التي تحدث في هذا المضمار، هو أنَّه في كثيرٍ من الأحيان تُطوَّر هذه الأدوية لتكون محددةً جداً، وقويةً ضدَّ فيروسٍ معيَّنٍ ولا تشمل فيروساتٍ أخرى. فعلى سبيل المثال: يستهدف دواء لوبينافير البروتين الموجود في فيروس نقص المناعة المكتسب الذي يُدعَى: البروتياز؛ وفي حين أنَّ السارس يحمل أيضاً البروتياز، إلَّا أنَّه مختلفٌ تماماً عن ذلك الموجود في فيروس نقص المناعة”.

ريميديسيفير (REMDESIVIR) لعلاج الإيبولا:

صُمِّم ريمديسيفير كدواءٍ لعلاج فيروس الحمض النووي الريبوزي: الإيبولا. والريمديسيفير هو نظير النوكليوتيدات، أي: أنَّه يُدخِل نفسه في الحمض النووي الريبي للفيروس بدلاً من النوكليوتيد العادي الذي يدخل في جزيءٍ من الحمض النووي؛ وهو مسؤولٌ عن منع الفيروس من نسخ نفسه.

لقد أظهر هذا الدواء فعاليته عند اختباره على القرود المصابة بفيروس الميرس، ممَّا أثار اهتماماً حول كيفية عملها ضد السارس (كوفيد-2). إنَّه حالياً في مرحلة التجارب السريرية البشرية من قبل المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) في المركز الطبي في جامعة نبراسكا.

يُعدُّ ريمديسيفير واحداً من اثنين من الأدوية المضادة للفيروسات واسعة الطيف التي تعمل مجموعة أبحاث الدكتور شيهان عليها لأكثر من خمس سنوات. وفي خطوةٍ مبكِّرةٍ ومشجِّعة، وجدوا أنَّ الدواء يعمل بشكلٍ جيدٍ في مزارع الخلايا وفي نماذج الفئران لأنواعٍ مختلفةٍ من الفيروسات التاجية، بما في ذلك السارس. لكنَّهم ما زالوا بحاجةٍ إلى معرفة ما إذا كان النجاح في المختبر يترجم إلى نجاحٍ على البشر باستخدامه على مرضى فيروس كورونا المستجد.

قامت دراسةٌ حديثةٌ نُشِرت في مجلة (New England Journal of Medicine) بتحليل بيانات أكثر من 53 مريضاً يعانون من كوفيد-19، والذين تلقُّوا جرعةً واحدةً على الأقل من الدواء ريمديسيفير، فوجدوا أنَّ 68٪ أظهروا تحسُّناً من حيث مقدار حاجتهم إلى الأوكسجين. لكنَّ الدراسة كانت تفتقر إلى مجموعة مراقبة، وكانت تُموَّل أيضاً من شركة غيلياد ساينس (Gilead Sciences)، الشركة المصنعة لريمديسفير نفسها. على أيِّ حال، من الضروري إجراء مزيدٍ من الأبحاث المكثَّفة على البشر قبل أن نتمكَّن من القول أنَّ هذا هو أفضل علاج، أو حتَّى أنَّه يعدُّ دواءً فعَّالاً لعلاج كوفيد-19.

إيد-2801 (EIDD-2801) المُستخدَم كمضادٍ للفيروسات واسع الطيف:

يقوم الدكتور شيهان هو وفريقه البحثي بإجراء اختباراتٍ وبحوثٍ حول مضاد الفيروسات واسع الطيف (EIDD-2801)، والذي يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ ريمديسيفير من حيث آلية التداخل مع النسخ الفيروسي.

يشرح الدكتور شيهان أنَّ دور الريمديسيفير هو إيقاف تناسخ الفيروس، بينما يتسبَّب إيد-2801 بأخطاءٍ في تركيبة الفيروس وهو ينسخ نفسه، وتعني هذه الطفرات أنَّ الفيروس لن يقدر على التكاثر في الخلايا.

وجدت دراسةٌ حديثةٌ بقيادة الدكتور شيهان أنَّ (EIDD-2801) يُثبِّط نمو السارس، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في مزارع خلايا الرئة البشرية، وقد نتج عنه أيضاً أنَّ الفئران المصابة بفيروسات ميرس والسارس، قد خفضت الحمل الفيروسي، وأصبحت وظائف الرئة تعمل بشكلٍ أفضلٍ بعد العلاج بإيد-2801.

يتميَّز إيد-2801 عن نظيره ريمديسيفير بأنَّه يمكن تناوله على شكل حبوب، في حين يحتاج ريمديسيفير إلى حقنٍ عن طريق الوريد. ولقد ذكر الدكتور شيهان أنَّه من المقرَّر إجراء تجارب سريريةٍ على البشر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، للحصول على نتائج أشمل.

حتَّى لو كان لدينا علاجٌ قويٌّ وفعَّال، فنحن بحاجةٍ إلى توخِّي الحذر والاستماع إلى الخبراء:

يشعر الدكتور فريمان بقلقٍ متزايدٍ إزاء وِفرة المعلومات غير الدقيقة حول هذه العلاجات المحتملة عبر الإنترنت، وخاصَّةً من مصادر غير طبيةٍ أو علمية، فيقول: “يمكن أن تكون العلاجات التي تقرؤها عبر الإنترنت، أو تسمعها من الأصدقاء خطيرةً للغاية؛ لذلك أرجو الحصول على المشورة الطبية من أطباء حقيقيين، ومصادر موثوقٍ بها؛ وحتَّى إذا توصَّلنا إلى علاجٍ ناجعٍ باستخدام بعض الأدوية التجريبية، لا يعني هذا الاستخفاف بانتقال عدوى فيروس كوفيد-19”.

إنَّ أفضل الأمور التي يمكننا القيام بها هو الحفاظ على صحتنا والبقاء خارج المستشفى؛ لذلك عندما نلتزم بالتعليمات الوقائية فإنَّنا نتجنَّب أعداداً أقلَّ من المرضى، وأعداداً أقلَّ من العاملين في مجال الرعاية الصحية، والتي تتعرَّض حياتهم إلى الخطر في أثناء تعاملهم مع المرضى؛ ونوفِّر بيئةً أكثر أماناً لأولئك الذين يحتاجون حقاً إلى المساعدة”.

رغم أنَّ هناك اهتماماً بالغاً في البحث عن العلاجات الدوائية في الوقت الحالي، إلَّا أنَّ الدكتور شيهان يحاول التركيز على المستقبل، وما يمكن أن يحمله معه من احتمالات، وكيف يمكن ترجمة ما نتعلَّمه الآن من تجربتنا مع فيروس السارس (كوفد-2) لنكون مستعدِّين لمواجهة احتمال الإصابة بسارس (كوفد-3). وفي حين أنَّنا لا نملك أيَّ فكرةٍ عن شكل وباء فيروسٍ تاجيٍّ آخر بعد رؤية ثلاثة أنواع منه منذ عام 2003، فمن المحتمل أن نراه في مرحلةٍ ما.

يقول شيهان: “أعتقد أنَّ جائحة الوباء هذه ستحفِّز العديد من الأبحاث والدراسات لإيجاد حلولٍ مستقبلية. فقد تُولي مصانع الأدوية والتكنولوجيا الحيوية، أهميةً أكثر لتطوير مضاداتٍ للفيروسات واسعة الطيف كجزءٍ من الاستعداد للوباء؛ فنحن بالفعل لم نكن مستعدين لهذا. ولكنَّنا نأمل في المرة القادمة، أن يكون لدينا مزيدٌ من الأسلحة في ترسانتنا الطبية لوقف تفشِّي المرض في بدايته، وقبل أن يصبح جائحة”.

تتطوَّر الأوضاع مع فيروس كورونا المستجد بوتيرةٍ متسارعة؛ لذا فإنَّ المعلومات والنَّصائح الواردة في هذه المقالة دقيقةٌ حتَّى الوقت الذي نُشِرت فيه، ولكن من المحتمل أنَّ بعض دلالات البيانات والتوصيات قد تتغيَّر بعد نشر هذا المقال.

لذا، فإنَّنا في موقع النجاح نت، نشجِّع القرَّاء على البقاء على اطلاع دائم على آخر الأخبار والتوصيات والمستجدات من المصادر الموثوقة التي تقدِّم مثل هذه الأخبار.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!